نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 953
وروى أبو الدَّرداء -رضيَ اللهُ عنهُ-: عن رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-كما في «مُعجمِ الطَّبراني الكَبير» بالسَّند الصَّحيح- قَالَ: «ثلاثٌ مِن أخلاق النُّبوَّة»، وأخلاقُ النُّبوَّةِ: هي الحدُّ الأعلى الذي ما بعدَهُ حَدٌّ في أخلاق بني الإنسَان وفي آدابِهم وفي سلوكيَّاتهم، فكيف إذا عرفنا أن رسولَ الإسلام -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقولُ: «إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ مَكارمَ الأخلاق»، «إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ صالحَ الأخلاق»، «إنَّما بُعثتُ لأتمِّمَ حَسنَ الأخلاق»؛ كل ذلِك بيان لأهمية الخلُق.
قَالَ أبو الدَّرداء: قَالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «ثلاثٌ مِن أخلاق النُّبوَّة: تَعجيلُ الإفطار، وتأخيرُ السُّحور، ووضعُ اليَمين على الشِّمال في الصَّلاة».
هذه من أخلاق النُّبوَّة الَّتِي قصَّر فيها، وتساهل بشأنها كَثِير من النَّاس -وللأسف الشَّديد! -.
النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كان يعجِّل فِطرَهُ؛ وذلِك قبل الصَّلاة، وليس المَقصُود بالفِطرِ يعني أن تُوضَعَ الموائدُ وأصنافُ الشَّرابِ والطَّعام -كما يفعلُ أكثرُنا-؛ ولكنَّ المَقصُودَ بالفِطرِ هو شيء من التَّمر، أو شيءٌ مِن الماء، ثم يُصلِّي، ثم إذا أراد أن يرجعَ بعد الصَّلاة؛ فليفعلْ ما يشاء.
فالرَّسُول -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- كما يَروي أنس -رضيَ اللهُ عنهُ-في «مُسنَد الإِمام أحمد»، و «سُنَن أبي داود» - قال: (كان النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- يُفطِر قبل أن يُصلِّي عَلى رُطبات)؛ الرُّطَبُ: هي البلَحُ عند نُضجِه قبل أن يصير تمرًا، هذه هي الرُّطب (فإن لم يكن رُطبات؛ فتَمراتٌ)؛ التَّمر: هو المجفَّف، «فإن لم يكن تمرات؛ حسا حسواتٍ من ماء» شرِب جرعات يسيرة من الماء -صلى الله عَليهِ وآله وسلم-.
لذلِك: الحث على الفِطر بالتَّمر له فوائد -حتى- طبية؛ لأن الإنسَان يَفقِد السُّكرِّيَّات، وبالتَّالي إذا أفطر عَلى رُطبات أو على تَمر؛ فإنه سرعان ما يستعيد نشاطَهُ بهذه الرُّطبات، والله -تعالى- يقول: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]-صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، حتى النَّاحية البدنيَّة أَوْلاها رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- الاهتمام والتَّنبيه.
مِن السُّنَّةِ إذا أفطر أن يَدعوَ: فالنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقولُ: «إن للصَّائِمِ عِند فِطرِهِ لدَعوةً لا تُرَدُّ» وهذا الحَديثِ رواه ابن ماجة وغيرُه.
وأفضل الدُّعَاء ما ورد عن رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- لما قَالَ: «ذَهَبَ الظَّمأ، وابتلَّت العُروقُ، وثبت الأجرُ إن شاءَ اللهُ»، هذا الدُّعَاء هو الثَّابت عن النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-.
بعض النَّاس يَروي دعاءً آخر: (اللَّهمَّ! لك صُمتُ، وعلى رِزقك أفطرتُ) هذه الزِّيادَةُ -في الحقيقةِ- لا تصحُّ ولا تَثبت عن رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، وكما قَالَ عبدُ الله بنُ المبارَك: «في الحَديثِ الصَّحيح غُنيَةٌ عن الحَديثِ الضَّعيف».
وعن أبي هُرَيرَة أن رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- قَالَ: «ثلاثُ دعواتٍ مُستجابات: دعوةُ الصَّائم، ودعوةُ المظلوم، ودَعوة المُسافِر»؛ فالصَّائم يَجوز أن يدعو بهذا الدُّعَاء المشروعِ المسنون المتَعلِّق بالفِطر، ثم يَجوز أن يدعوَ لنفسه أو لغيره مِن خيرِ الدُّنيا والآخرة.
أيضًا: هُنالِك دعاء آخر؛ لكنه ليس متَعلِّقًا بنفسِك -أيُّها الصَّائم! - ولكنه متَعلِّق بالآخرين؛ فنحن نرى أبواب الخير تُفتح، وتراحُم النَّاس يَكثُر -ولله الحمدُ- في شهر رَمضان، فيدعو النَّاس بعضُهم بعضًا، ويَتزاوَرون، ويُفَطِّر بعضُهم بعضًا؛ حتى السُّحور -أحيانًا- يدعو بعضُ النَّاس بعضَهم على طعام السُّحور؛ مِن باب الرَّحمَة والمودَّة الَّتِي يجبُ أن تكونَ في الأمَّة.
فالنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قَالَ: «مَن فطَّر صائمًا كان له مِثلُ أجْرِهِ غير أنَّه لا ينقصُ مِن أجر الصَّائم شيئًا»، وهذا الحَديثِ رواه أحمد -رَحِمهُ اللهُ- في «مُسنَده».
إذًا: إذا فطَّرتَ صائمًا كان لك مِثلُ أجرِهِ.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 953