نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 952
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:
فإنَّ أصدقَ الحَديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضَلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ، أما بعدُ:
فهذا -إخواني المشاهدين! وأخواتي المُشاهِدات! - لقاء نتفقَّه فيه في دين الله -عزَّ وجلَّ-، والنَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- يقول: «طلبُ العِلم فريضةٌ على كل مُسلم».
ذكرنا الإفطار بالنِّسبَة للصَّائم، ومتى يفطر، وأن ذلِك مرتبط بغروب الشَّمس، كما قَالَ النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «إذا أقبلَ اللَّيل مِن ها هنا، وأدبر النَّهارُ مِن ها هنا؛ فقد أفطر الصَّائم»؛ فهذه ثلاث صِفاتٍ هي الموجِبة -باجتماعها- لفِطْر الصَّائم.
قوله: «فقد أفطَرَ الصَّائمُ»؛ أي: حُكمًا؛ صار في حُكم المفطِر -حتى لو لم يأكُل-، فبعض النَّاس يقولون: نحن نريد الاحتِياطَ! فيَزيدون! فهذا الاحتياطُ جُوعٌ زائد! فالحُكم: أنك مُفطِرٌ بِمجرَّد غِياب الشَّمس الغِيابَ الحقيقيَّ عن عينَيْك والذي فيه إقبالُ اللَّيل وإدبارُ النَّهار -جميعًا-.
وروى عبدُ الرزَّاق الصَّنعانيُّ -رَحِمهُ اللهُ- في «مُصنَّفِه» عن التَّابعي عمرو بن ميمون الأودي -رَحِمهُ اللهُ- قَالَ: (كان أصحاب رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- أسرع النَّاس إفطارًا، وأبطأهم سُحورًا). وذكرنا ما يتعلَّق بتأخير السُّحور -مِن قبلُ-.
وهذه السُّنَّة، وهذا التَّعجيل: المَقصُود به عدمُ التَّأخُّر عن الطَّعام أو الشَّراب بعد غُروب الشَّمس، فلا يَجوز أن يَتوهَّمَ مُتوَهِّمٌ أنه بِتعجيلِه يَجوزُ أن يَكون ذلِك قبل غروبِ الشَّمس! هذا يُعرِّضُ صِيامَه للفسادِ -عِياذًا بالله-.
وأيضًا: في روايةٍ أُخرى عن سَهل بنِ سعدٍ -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُ-نفسِه- في «ابنِ حبَّان» - قَالَ: «لا تَزالُ أمَّتي على سُنَّتي ما لم تَنتظِر بِفِطرِها النُّجومَ».
بعض النَّاس يؤخِّر! وهذا -للأسَف! - بعض الفِرَق المنتسبةِ إلى الإسلام تَفعلُه في المَغرِب، ليس-فقط- في الإفطار؛ بل حتى في الصَّلاة! وهذا: الأصْل أنه لا يَنبغي؛ لذلِك قَالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «لا تَزالُ أمَّتي على سُنَّتي ما لم تَنتظِر بِفِطرِها النُّجومَ». . مِن باب الاحتياط! ومن باب التحقُّق! ولا أدري إلى غير ذلِك مِن أشياء ما أنزل اللهُ بها من سلطان.
وروى الإِمام أبو داود في «سُنَنه»: عن أبي هُرَيرَة -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُ- قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «لا يزالُ الدِّينُ ظاهِرًا» أي: مُنتصِرًا، ومرفوعًا لِواؤُه، وعاليةً رايتُه «ما عجَّل النَّاسُ الفِطر»؛ لأن اليهود والنَّصارَى يُؤخِّرون، ونحن مُطالَبون بمُخالفة اليهود والنَّصارَى، وبِموافقة نبيِّ الإسلام ورِسالة الإسلام وهَديِ الإسلام ورَحمةِ الإسلام الَّتِي هي الدِّينُ الوَسَط، من غيرِ غُلوٍّ ولا تَقصير، ولا إفراطٍ ولا تفريط، كما قَالَ -سُبحانَهُ وتَعالَى-: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143].
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 952