نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 944
بعض النَّاس قد يقول: والله أنا ممكن أكون تسحَّرتُ وثقَّلتُ في الطَّعام فوجدتُ -يعني- شيئًا في معدتي هكذا؛ فأريد -يعني- أن أتعمَّد القيء حتى أرتاح! نقول: إذا ارتحتَ في شيء؛ فإنَّك تَعِبتَ في آخَر، قد ترتاح من هذا الأمر؛ ولكن أنتَ تعمَّدت القيء، ونَصُّ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-في ذلِك- واضح «فَلْيَقْضِ»؛ بينما إذا غلبكَ القيء، وكان ذلِك دون قُدرةٍ منك ودون إِعمالٍ منك؛ فهذا -حينئذٍ- لا شيء فيه.
أيضًا: الحيضُ والنِّفاس:
إذا جاء المرأةَ حيضُها، أو جاء نفاسُها؛ فحينئذٍ نقول: بأنها تُفطِر، والحيض والنِّفاس من المُفَطِّرات، حتى لو لم يَبقَ لغروب الشَّمس إلا دقيقة واحدة.
بعضُ النِّساء تقول: أنا حِضتُ قبل الشَّمس بخَمس دقائق، وأريد أن أُتمِّم!
إتمامك وعدمُه -في ذلِك- سواء؛ لأن هذا ناقضٌ للصِّيام؛ سواء فيه الحيضُ، أو النِّفاس على حدٍّ سواء.
لذلِك: مَن صامَت لا يُجزِئُها؛ هذا جوعٌ وليس بِصيام؛ لأن الصِّيام له نيَّة شرعيَّة، وله أحكامُه، وله قواعدُه الشَّرعيَّة، ليس بالأهواء ولا بالأذواق.
والنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- عندما سئل عما ورد عنهُ مِن قولِه: «ما رأيتُ مِن ناقِصاتِ عقلٍ ودينٍ» أي: النِّساء، فسأله بعض الصَّحابَة -رضيَ اللهُ عنهُم-: كيف نُقصانُ عقلِها ودِينِها؟ قَالَ: «أليس إذا حَاضَتْ لم تُصَلِّ ولم تَصُمْ؟» قلنا: بلى؛ قَالَ: «فَذلِكَ نُقصَانُ دِينِها».
إذًا: نُقصان الدِّين هذا ليس مِن باب الذم؛ وإنما مِن باب الفِعل، ومِن باب الواقع: أن المرأة إذا حاضت أو نُفسَت فإنها لا تَصومُ ولا تُصلِّي؛ لكن: إذا طَهُرتْ -مِن حيضِها، أو مِن نِفاسِها-؛ فإنها تقضي الصَّوم، ولا تقضي الصَّلاة.
فجاء عن مُعاذة -وهي إحدى التَّابعيَّات- سألت أمَّ المؤمنين عائِشَة -رضيَ اللهُ عنهَا- قَالَت: (ما بالُ الحائض تقضي الصَّوم ولا تقضي الصَّلاة؟) يعني: وضعت إشكالًا قد يَرِدُ على العقل، وقد يَرِدُ على الذِّهن (ما بالُ الحائض تقضي الصَّوم ولا تقضي الصَّلاة؟)، قَالَت عائِشَة -رضيَ اللهُ عنهَا-: (أحَرُوريَّةٌ أنتِ؟!) يعني: أأنت مِن أتباع حَروراء الخوارج الذين خالفُوا النُّصوص، وخالَفُوا الأمَّة وحكَّمُوا العُقول على الشَّرع؟! والأصْل أن الشَّرع هو الحاكم على العقل، والعقل تابعٌ للشَّرع، وفي هذا أبحاثٌ طويلة ورائعة جدًّا ذَكرها شيخُ الإسلام ابن تيميَّة في «دَرء تَعارُض العقل والنَّقل»، وذكرها تلميذُه الإِمام ابنُ القيِّم في «الصَّواعِق المرسَلة على الجهميَّة والمعطِّلة».
قالت: (أحَرُوريَّةٌ أنتِ؟!) قَالَت: (لستُ حَروريَّة؛ ولكني أسأل)؛ فقَالَت عائِشَة -رضيَ اللهُ عنهَا-: (كان يُصيبُنا ذلِك) أي: الحيض أو النِّفاس -أي: نساء المُسلِمين- (فنُؤمَر) أي: يأمرنا رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- (بقضاء الصَّوم، ولا نُؤمَر بِقضاءِ الصَّلاة)، وهذا حديث مُتَّفق على صحَّته.
إذًا: حيث وَرد الأثَر بَطل النَّظر، وإذا جاء نَهرُ الله؛ بطل نَهر مَعقِل، كما قَالَ تَعالَى-: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النِّساء: 65]؛ لا بُدَّ -لنا- من التَّسليم المطلَق بما وردنا في كتاب الله، وبما صحَّ -عندنا- مِن حديث رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-؛ أما أن نقول: (كيف؟! ولماذا؟! وبسبب ماذا؟!)؛ فهذا -كلُّه- لا وجه له في الدَّليل، ولا مكان له في الهَدي والتَّنزيل.
أيضًا من المُفَطِّرات -الَّتِي يجب أن تُعلم-:
مُواقعة الرَّجل أهلَه في نهار رَمضان؛ فهذا من المُفَطِّرات، وليس فقط من المُفَطِّرات؛ بل عَليهِ الكفَّارة المغلَّظة، فمَن حصل معه مثلُ هذا الفِعل في نهار رَمضان؛ وجب عَليهِ أن يقضي يومًا، وأن يكفِّر بصِيامِ شَهرَين مُتتاليَين؛ أن يصومَ شَهرين قمريَّين مُتتاليَين؛ يعني: شهرين هِجريَّين، عقوبةً على هذا النَّقض، وعلى هذا الهتك لحرمة الصِّيام في شهر رَمضان.
لو قَالَ قائل، أو سأل سائل:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 944