نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 943
فهذا -أيُّها الإخوة المُشاهِدون! وأيتُها الأخَوات المُشاهِدات! - لقاء علميٌّ جديد نتناولُ فيه أحكام شهر رَمضان، وما يتَّصل به مِن فقه الصِّيام والقِيام وغير ذلِك.
ذكرنا -في المجلس الماضي- ما يتعلَّق ببعضِ الممنوعات، وببعض المباحات -أعني: الممنوعات أثناء الصِّيام، والمباحات أثناء الصِّيام-، وذكرنا: أنَّ الممنوعات قِسمان: القِسم الأول: ممنوعات ومحرَّمات لا تُبطِل الصِّيام، وذكرنا -مثلًا- الغِيبة والنَّميمة؛ هذه وإن كانت محرَّمة على غير الصَّائم؛ فإن حُرمتها على الصَّائم أشد، لكن لو فعلها الصَّائم؛ فإنها لا تفسد صَومه.
لكن هُنالِك ممنوعات تفسد الصِّيام، وتوجِب على الصَّائم أن يَفسُد صَومُه؛ وبالتَّالي: أن تترتَّب عَليهِ بعض الأحكام المتَعلِّقة بهذا الأمر.
من ذلِك وأشهرُه: الأكل والشُّرب مُتعمِّدًا. فالله -عزَّ وجلَّ- يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]؛ فمنذ وقت الفَجر إلى وقت المَغرِب؛ الصَّائم ممنوع مِن الطَّعام والشَّراب أن يتعمَّد ذلِك.
قد يَنسى بعضُ المُسلِمين بعضًا مِن الأحكام، أو يغفل عن ذلِك، وبخاصَّةٍ في الأيَّام الأولى مِن رَمضان قد يَنسى الإنسَان نفسَه ويأكُل؛ لأنه لم يَعتدْ على الصِّيام -بعدُ- كما كان مُعتادًا على الطَّعام والأكل والشُّرب؛ فالنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- قَالَ -في هؤلاء-: «إذا نَسِي أحدُكُمْ فَأَكَلَ وشَرِب؛ فَلْيُتِمَّ صَومَه؛ فإنَّما أطعمه الله وسقاهُ».
إذًا: مَن أكل أو شَرب ناسيًا؛ فَليُتِمَّ صَومه ولا شيء عَليهِ، حتى لو أكل وشَبِع، حتى لو أكل لقمةً واحدة، أو غير ذلِك.
وهنا فائِدتان:
الفائدةُ الأولى: أن بعض النَّاس -يَجتهدون من عند أنفسهم- يقول الواحِد منهم: إذا رأيتَ إنسانًا قد نَسِي فأكل أو شَرب؛ فلا تُنكر عَليهِ؛ فإنما أطعمه الله وسقاه!
هذا غير صحيح، هذا لا يَجوز؛ بل أن لا تعلم هل هذا مُتعمِّد أم ناسٍ أم غير ناسٍ؟!
كما لو كان أحدٌ نائمًا في صلاةِ الفَجر فأذَّن؛ هل تقولُ: «إنَّما التَّفريط في اليَقظة، وليس التَّفريط في النَّوم» -كما قَالَ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وأن النَّائم مرفوع عنهُ القلَم، أو أنك تُوقِظه؟ وكذلِك الحال -سواء بِسَواء-؛ فيجب أن تَنهاه، فإذا كنتَ حَسَن الظن به أن تُذكِّره: تقول له: أنت تأكل وتَشرب؛ وبالتَّالي أنتَ تقدح في صومِك وتُبطله وتُفسده. هذه النقطة الأولى.
النقطة الثَّانية: بعض أهلِ العِلمِ لا يجعل الحُكم -في هذا الحَديثِ- عامًّا؛ وإنما يجعله خاصًّا بمَن كان في صومِ الفَريضَة؛ أما النَّافلة فيقول: لا يَدخل النَّص في ذلِك.
وهذا غير صحيح؛ بل نقولُ: إذا كان هذا في الفَرض، ففي النَّافلة مِن باب أولى؛ لأن ما يُتعامَل في الفَرض به أقوى مما يُتعامل فيه في النَّافلة.
فهاتان النُّقطَتان أحببتُ أن أنبِّه عَليهِما؛ مُذكِّرًا بقول النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «إنَّ اللهَ وضع عن أمَّتي الخطأَ والنِّسيان وما استُكْرِهُوا عَليهِ»، وهذا الحَديثِ رواه الإِمام الدَّارقُطني والحاكم وغيرهما مِن أئمة العِلم.
وأما حديثُ: «إذَا أَكَلَ أحدُكُم أو شَرِب ناسيًا»؛ فهو حديثٌ متَّفقٌ على صحَّته.
النَّوع الثَّاني مِن المُفَطِّرات: تعمُّد القَيء.
القَيء مَعروف؛ ما يَقذفه الإنسَان مِن بطنه مما يكون ذا رائحةٍ كريهة وما أشبه؛ إمَّا لفساد ما في المعدة، أو لوُجود طارئ، أو ما أشبه ذلِك؛ فالنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «مَن ذَرَعهُ القَيءُ فَليس عَليهِ قضاء، ومَن استقاء؛ فَليَقْضِ» (مَن استقاء): أي مَن تعمَّد؛ أما (مَن ذرعَهُ القَيء): أي من غلبه القيء. وهذا الحَديث في «سُنَن أبي داود»، وفي «سُنَن الإمامِ التِّرمذِي».
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 943