نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 940
وروى الإِمام عبد الرزاق الصَّنعاني في «مُصنَّفه»: عن عمرو بن ميمون الأودي-وهو تابعي-بالسَّند الصَّحيح-قَالَ: (كان أصحاب النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- أسرعَ النَّاس إفطارًا، وأبطأهم سُحورًا)؛ يُعجِّلون بالفِطر، ويُؤخِّرون في السُّحور.
لكن هنا نقطة وهي مُهمَّة:
وهي أن لا يتهاون النَّاس في التَّعجيل؛ فإذا بهم يُفطِرون قبل الغُروب، وأن لا يَتهاونوا ويَتساهلوا في تأخير السُّحور؛ فإذا بهم قد يأكُلون، أو يَشرَبون والفَجر قد بَزَغ! كما أن هذا لا يَجوز؛ ذاك لا يَجوز، كما أن الفَضل في الاستعجال وفي التَّأخير؛ فإن هذا الفَضل مَنوطٌ ومُرتبِط بالوقت الشَّرعي.
وفي «معجم الطَّبراني الكَبير»: عن أم حَكيم: عن النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- قال: «عجِّلُوا بالإفطارِ»، وفي رواية: «بكِّرُوا بالإفطار، وأخِّرُوا السُّحورَ»؛ كل ذلِك في فَضائِل تأخير السُّحور.
هُنا نُنبِّه إلى أمر؛ وهو ما يتعلَّق بمسألة أذان الإِمسَاك:
كَثِير من النَّاس يظن أذان الإِمسَاك هو الأذان الشَّرعي؛ وبالتَّالي: يُمسكون قبل أذان الفَجر، وهذا غير صحيح! ينبغي أن يُقال: هذا هو الأذان الأول، ثم الأذان الثَّاني يكون موافقًا لطلوع الفَجر، كما قَالَ النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «إنَّ بلالًا يُؤذِّن بِلَيلٍ» وهو الأذان الأول -وهو الذي يُسمُّونه بغير حق (أذان إِمسَاك) - «فكُلُوا واشرَبُوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتومٍ».
أما حُكمُه:
فالحقيقة أنه جاءَتْ نُصوص -كما ذكرنا-: «. . بَركة؛ فَلا تَدَعُوهُ»، «فصل ما بَين صِيامنا وصيام أهل الكِتابِ»، «مَن أرادَ أن يَتَسحَّر؛ فَلْيتسَحَّر بِشيءٍ». . أحاديث أخرى: «تَسحَّرُوا» فعل أمر «فإنَّ في السُّحورِ بَركة»؛ كل هذه النُّصوص تُشعِر أنَّ الأمر أكثر مِن أن يَكونَ سُنَّة، وأن الأمر قد يَصلُ إلى درجةِ الوُجوب، وهو ما أشار إليه التُّركماني في «الجوهر النَّقي»، وهو ما صرَّح به العلامةُ صدِّيق حسَن خان في «السِّراج الوهَّاج بمَطالب صَحِيح مُسلِم بن الحجَّاج».
ومع ذلِك: فقد نقل الحافِظُ ابنُ حجر إجماعَ الأمَّة على استحبابِه دون وُجوبه، وكلام هَذيْن العالميْن -اللَّذَين أشرتُ إليهما- صريحٌ، أو قريب -جدًّا- من القول بالوجوب، وهذا لا يُستبعَد -مع وُجود هذه الأدلة القويَّة الظاهرة المتينة-.
وعلى أقل الأحوال: المُسلِم يَحتاطُ بأن لا يَدعَ هذا الطَّعام في هذا الوقت المبارَك -كما أمر النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «تَسحَّرُوا»، وكما نهى: «فَلا تَدَعُوهُ».
وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين.
والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه.
من هنا لسماع الحلقة العاشرة (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-10.mp3)
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:
فإنَّ أصدقَ الحَديثِ كلامُ الله، وخيرَ الهديِ هديُ محمدٍ --صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم--، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ مُحدثةٍ بدعة، وكلَّ بدعةٍ ضَلالة، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ، أما بعدُ:
فاللِّقاءُ مُتجدِّدٌ بالخيرِ والبركةِ -إن شاءَ اللهُ- في هذه الأيَّامِ الجليلةِ المُباركةِ، في هذه الأيَّام الخيِّرة والتي نتذاكَرُ فيها أحكامَ الكِتابِ والسُّنَّة الواردةَ في هذا الشهر العظيمِ؛ شهر رمضان، وما يتَّصلُ به مِن فِقهٍ للصِّيامِ والقِيامِ.
هنالك أشياءُ يُباحُ للصَّائمِ فِعلُها في نهارِ رَمضان؛ فقد يتصوَّرُها بعضُ النَّاس مَمنوعاتٍ، أو مُحرَّماتٍ؛ ولكنَّها -في الحقيقةِ- تجوزُ ويَصلحُ أن تُفعل.
وقبل أن نَذكرَ المُباحاتِ؛ لا بُدَّ أن نَذكرَ المحرَّماتِ، والمُحرَّمات نَقسِمُها قِسمَيْن:
القِسم الأوَّل: أفعالٌ لا تَجوزُ، ولكنَّها ليستْ مُفسدةً للصَّوم.
- وأفعال مُفسدةٌ للصَّوم؛ سنذكرُها فيما بعدُ -إن شاءَ اللهُ-تَعالى-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 940