نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 930
عن عبد الرَّحمَن بن سَلَمة: عن عمِّه: «أنَّ (أسلَم)» يعني: بعض أفراد قبيلة (أسْلَم) «أتت النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- فقَالَ: «صُمتُم يَومَكُمْ هذا؟» قَالَوا: لا، قَالَ: «فأَتِمُّوا بَقيَّة يَومِكُمْ هَذا، وَاقْضُوهُ»، زيادة «وَاقْضُوهُ» لا تُوجد في رِواية «الصَّحيحَيْن»؛ بينما هي مَرويَّة في «سُنَن أبي داود»، لو كانت ثابتَة؛ فنحنُ مع القولِ بأنَّ زيادةَ الثِّقة مقبولة، أو -بِصورةٍ أدقَّ- أن الأصْل في زيادةِ الثِّقة مَقبولة، ولا أقولُ -كما يقول بعضُ النَّاس-اليَوم- أنَّ زيادة الثِّقة لا تُقبَل ولا تُرد إلا بِحَسب القَرائن، ولا نقولُ -كما يقول بعضُ النَّاس-: أنها مَقبولة بكلِّ حالٍ؛ ولكن نقول: الأصْل في زيادةِ الثِّقة في الرِّوايات الحَديثِية القَبول، وقد يتخلَّف هذا الأصْل؛ لِوُجودِ قرائن، وهذا ما ذكره عددٌ مِن أهل العِلم.
لكن: هذا الحَديث -بهذه الزِّيادَة- لا يَثبُت؛ فعبد الرَّحمَن بن سَلمة -الرَّاوي عن عمِّه- مَجهول، كما قَالَ الإِمام الذَّهبِي في «الميزان»، ونقل ذلِك عن الإِمام ابن أبي حاتم في كتابِه «الجرح والتَّعديل»، وأيضًا: قَتادة -وهو الإِمام المشهور- مُدلِّس، وقد عنعنهُ.
وبعضُ النَّاس قد يستغربُ ويقول: كيف يكونُ هذا إمامًا ويُدلِّس؟!
(التَّدلِيس) -في الحقيقة- طَعنٌ في الرِّوايَة وليس طعنًا في الرَّاوي؛ لأن الرَّاوي الذي يُدلِّس يَقصد -مِن تَدليسِه- إِخفاءَ بعضِ العُيوب؛ لأن تشتَهِرَ وأن تُنقَل روايتُه، وهذا نَقدٌ له فيما يَروي -ليس في نفسِه-.
إذا كان المدلِّس ثِقةً؛ فحديثُه مَقبولٌ إذا صرَّح بالتَّحديث؛ قَالَ: (حدَّثَني شَيخِي، أو أخبَرنِي شَيخِي)؛ أما إذا قَالَ: (عن الشَّيخ فُلان)، أو (قَالَ الشَّيخ فُلان)؛ فهذا لا يكونُ مَقبولًا.
إذًا: القُدرة -كما هو معلومٌ عند أهل العِلم- أن القُدرة مَناطُ التَّكليف، ولا تكونُ القُدرةُ مُطبَّقةً واقعيًّا إلا بالعِلم؛ لذلِك يقولُ أهل العِلم: (شَرطا التَّكليف: القُدرةُ والعِلم)، كما قَالَ -تَعالَى-: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ ومَن بَلَغَ} [الأنعام: 19] أي: مَن بلغه العِلم به. فمَن كان قادرًا ولم يَعلَم؛ لا يجب عَليهِ، مَن كان يَعلم وغير قادر؛ لا يَجب عَليهِ؛ فإذا وُجد هذان الشَّرطان؛ فإنَّه يَجبُ الحُكم.
ونقولُ: لو كان -ثمَّة- قَضاءٌ لمثل هذا اليَوم؛ لكانَ أَولى النَّاس بِذِكْرِه رسولُ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- في حديثِ فَرضِ عاشُوراء -كما ذَكَرنا- ولم يَذكُر النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- هذا؛ ومِن قواعد العُلمَاء المشهورة: (أن تأخيرَ البيان عن وقتِ الحاجة؛ لا يَجوز).
فإذا دخل رَمضان كان -هُنالِك- بداية لليَوم ونِهايَة.
وكما ذكرنا -في حلقة سابِقَة-: أنَّ مِن صُوَر فَرضِ رَمضان -في بدايةِ الأمر-: أنه كان إذا غَربت الشَّمسُ، وإذا جاء وقتُ الإفطار ولم يُفطِر؛ كان ممنوعًا مِن أن يأكُل، أو أن يشرَب، أو أن يَقرَب أهلَه إلا في وقتِ الإفطار الثَّاني.
ذكَرْنا الحَديثَ، ونُكرِّره؛ لما فيه مِن إفادة: والحَديثِ في «صحيح البخاري»: عن البراء بن عازب -رضيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: «كان أصحاب النَّبي -صلى الله عَليهِ وسلم- إذا كان الرَّجُلُ صائمًا فحَضَرَ الإفطارُ فَقامَ قَبلَ أن يُفطِرَ» يعني: وَقتَ الإفطار «لم يَأكُلْ -لَيلَتَه ولا يَومَه- حتى يُمسِي» يعني: حتى يُمسي في اليَوم التَّالي، وقوله: «لم يأكُل» طبعًا يتضمَّن ما يُجيزُ الأكلَ مِن شَرابٍ أو طَعام أو قُربٍ مِن الأهل والزَّوجة .. وما أشبهَ ذلِك.
قال: «وإنَّ قَيس بن صِرمة الأنصَاري كان صائمًا» -رضيَ اللهُ عنهُ-أحد الصَّحابَة كان هو السَّبب فيما سَنذكرُه-بعدُ-مِن رحمة المُسلِمين بِنَسخِ هذا الحُكم-، «فلما حَضَر الإفطارُ أَتَى امرَأَتَه، فقَالَ لها: أعندكَ طَعام؟ قَالَت: لا. ولكن؛ أَنطَلِقُ فَأطلُب لك».
هذا يُدلِّلُ كيف كانت حياةُ الصَّحابَة -رضيَ اللهُ عنهُم- مما فيها -مِن فَقر وعِوَز وحاجة-؛ ومع ذلِك؛ كانوا أعظمَ النَّاس قلوبًا، وأكثرهم علمًا، وأشدَّهم تقوًى في دين الله -تَبارَك وتَعالَى-رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُم، وأرضاهم-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 930