نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 923
إلا اللهُ، وأن محمَّدًا رسولُ الله، وإقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزَّكاة، وصومِ رَمضان، وحجِّ البَيت مَن استطاع إليه سبيلًا».
أما الرِّواية الأخرى -والتي فيها بيانٌ لشيءٍ آخر مِن أحكامِ هذا الصِّيام وما يتعلَّق به-؛ فعندنا حديثٌ في «صَحيح البُخاري» وهو حديث البراء -رضي اللهُ عنهُ- قَالَ: (كان أصحابُ محمدٍ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- إذا كان الرَّجل صائمًا، فحضَر الإفطارُ [فنامَ] قبل أن يُفطِر؛ لم يأكُل ليلتَه ولا يَومَه حتى يُمسِي).
إذًا: إذا جاء وقت الإفطار [فنامَ] قبل أن يُفطر؛ مُنع مِن أن يأكُل، أو أن يَشرَب طيلةَ ليلِه، وطيلةَ يومِه؛ حتى يُمسي من اليَوم الآخَر.
قَالَ: (وإن قَيس بن صِرمَة الأنصاري كان صائمًا، فلما حَضر الإفطارُ أتى امرأتَه وطلب منها قَالَ لها: أعندكِ طعام؟ قَالَت: لا؛ ولكن أنطَلِقُ فأطلُب لك، وكان -يومَه- يعمل) يعني: تعبًا وصاحب مجهود (فغلَبَتْه عيناه، فجاءَتْه امرأتُه، فلما رأتْهُ قَالَت: خيبةً لك!) أجهده التَّعب، أجهده مشَقَّة الصَّوم، جاء وقت الإفطار فنَام؛ فلم يأكُل؛ وبالتَّالي: مُنع مِن أن يأكُل وأن يشرَب إلى اليَوم الثَّاني؛ هذا كان مرحلة -أيضًا- مِن مراحل فرض الصِّيام.
(لما رأتهُ نائمًا، قَالَت: خيبةً لك! فلما انتصفَ النَّهار -من اليوم الثاني-؛ غُشي عَليهِ) أصابه الإغماء (فذُكر ذلِك للنَّبي -صلى الله عَليهِ وسلم-) رسولنا الكريم بالمؤمنين رؤوفٌ رَحِيم -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-، وربُّ العالمين -كما قال عن نفسِه-: {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14]؛ لمَّا علم النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- بذلِك؛ نَزلت آيةٌ كريمة تُخفِّف على النَّاس، وتُبيِّن شيئًا من الأحكام الأُخرى، وهي قولُه -تَعالَى-: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] يعني: أن يأتي الرَّجل أهلَه، وأن يشرَب، وأن يأكُل إلى أن يكونَ الفَجر القادم، وليس أن يكون إلى النَّهار مُنتظرًا الإفطارَ القادم؛ هذا كان -كما قلتُ- مرحلة، ثم نُسخت بهذه الآيةِ الكريمة؛ ففرحوا بها؛ يقول البَراء -في الحَديثِ نفسِه-: (ففرِحُوا بها فرحًا شديدًا، ونزلتْ -أيضًا- آيةٌ أخرى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]).
هذا بيانٌ لمراحلَ مِن مَراحل الصِّيام فيها رحمةٌ بالأنام، فيها عزٌّ لأهل الإسلام، نسألُ الله أن يَمنَّ علينا، وعليكم، وعلى سائر المُسلِمين بالقبول والإكرام؛ إنه ولي ذلِك والقادر عَليهِ.
وصلَّى اللهُ، وسلَّم، وبارَك على رسولِ اللهِ، وعلى آلِه، وصحبِه -أجمعين-.
وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين.
والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه.
من هنا لسماع الحلقة الرابعة (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-4.mp3)
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:
فهذا لقاء يتجدَّد بالخير والبَركة -إن شاءَ اللهُ-؛ لا زلنا -ولا نَزال- نتناول فيه شيئًا من فَضائِل وأحكامِ هذه الشَّهر الكريم؛ شهر رَمضان الذي نَسأل الله -تَبارَك وتَعالَى- أن يتقبَّل فيه -منَّا ومنكُم- الصِّيام والقِيام.
وقد ذكرْنا شيئًا من فَضائِل الصِّيام -بعامَّة-، وذكرنا شيئًا من فَضائِل شهر رَمضان -بخاصَّة-؛ فإننا نذكر أشياءَ متعلِّقة بفَضائِل الصَّوم في رَمضان.
فعن أبي هُرَيرَة -رضيَ اللهُ عنهُ- قَالَ: قَالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «مَن صامَ رَمضان إيمانًا واحتِسابًا غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ»؛ «إيمانًا» أي: إيمانًا به وتصديقًا وإذعانًا لحُكمِه، «واحتِسابًا» أي: رجاء ثواب الله؛ لا يُريد العَبد -بِصيامه- إلا وجهَ الله -سُبحانَهُ في عُلاهُ-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 923