responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 922
ما يتعلَّق بأحكام الصِّيام: أحكام الصِّيام هي فِقهُه، والنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقولُ: «مَن يُرِدِ اللهُ به خيرًا يُفَقِّههُ في الدِّينِ»، ومَن يقوم بالصِّيام مِن غيرِ فِقهٍ له، ومعرفةٍ بأحكامِه؛ قد يَفعلُ المبطِلات لهذا الصِّيام، وما يُفسِد هذا الصِّيامَ قد يقع فيه؛ وهو يَحسب أنَّه يُحسن صنعًا؛ وهذا لا يَنبغي!
فالمُسلِم الحق الذي يعبد ربَّه، والذي يرجو ثوابَه، والذي يتَّبع نبيَّه -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-؛ يجب عَليهِ أن يتفقَّه في الدِّين؛ فإنَّ التَّفقُّه في الدِّين نعمةٌ عُظمى، ومِنَّة كبرى -كما في نصوصٍ كثيرةٍ من كتاب الله -تَعالَى-، ومِن سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-.

الصِّيام في هذا الشَّهر الكريم مُطالَبٌ فيه العبدُ بأوَّلٍ وآخِر؛ لكن قبلَ ذلِك: نذكرُ شيئًا آخرَ -ينبغي أن نذكرَه قبلَ ذلِك- وهو ما يتعلَّق ببداية الصَّوم.
بداية الصَّوم كان على التَّخييرِ -وقد ذكرنا ذلِك في بعضِ المجالس السَّابقة؛ لكننا نَذكُره -على وجهِ الاختِصار والتَّيسِير-:

فكان الأمر في البداية مُخيَّرًا صاحبُه بين أن يصَومَ وبين أن يَفدِي؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 184]؛ فهذا كان فيه ترغيبٌ بالصَّوم، ليس فيه إلزَّام بالصَّوم، وليس فيه فَرض للصَّوم؛ حتى نزلت الآيةُ الأخرى: {شَهْرُ رَمضان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ منكُم الشَّهر فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185]؛ فهذا فِعل أمرٍ، والأصْل في فِعل الأمر أنه للوُجوب -كما قَالَ -تَعالَى-: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63]-، ثم قَالَ -تَعالَى-: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّام أُخَرَ يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
فمَن كان معذورًا؛ فأجرُه واقع، ومَن كان قادرًا فحُكمه قائمٌ، والمعذورُ له أحكام، فإذا كان مريضًا مِن الأمراض الَّتِي يُرجَى برؤُها -نسأل الله الشِّفاء لنا ولكم ولجميع المُسلِمين-؛ فهذا يَقضي بعد شِفائِه، ومَن كان مريضًا مِن الأمراض الَّتِي لا يُرجَى برؤُها وشِفاؤها -كبعض الأمراضِ المستعصِية الَّتِي إذا لم يَتناول المريض دواءَه، أو كان الصِّيامُ مُؤثرًا به-في إحدى هاتين الحالَتين، وما يتعلَّق بهما-؛ حينئذ: يجب أن يُفطِر، وطالما أنه مَرَض مُستَعصٍ ولا شفاءَ منه؛ فحينئذٍ نقول له: عليكَ أن تُطعِم مكانَ كلِّ يوم مِسكينًا؛ فشَهرٌ فيه ثلاثون يومًا تُطعم ثلاثين مسكينًا، شهرٌ فيه تَسعة وعشرون يومًا تطعِم تسعةً وعشرينَ مِسكينًا؛ وبطبيعةِ الحال: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89] يعني: من أوسطِ ما تأكل أنتَ وأهلُك وولدُك في بيتِك، وبعض أهل العِلم قَالَ: «الأوسطُ» هو الأفضل، وبعضهم قال: «الأوسط» هو الوَسط؛ يعني: لا أن يكون أفخرَ الطَّعام، ولا أقلَّه؛ وإنما كما يُقال -وليس بحديث-: (خَير الأمورِ أوساطُها).
وهُنالِك رواية تُبيِّن هذا البيان:

فعن ابنِ أبي ليلى، كما عند «البُخاري» مُعلَّقًا، ووَصَلَه الإِمام البيهقي وغيرُه -وهو تابعي- قَالَ: حدثنا أصحابُ محمَّد -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: (نزل رَمضان فشقَّ عَليهِم، فكان مَن أطعمَ كلَّ يومٍ مِسكينًا؛ ترك الصِّيام -ممن يُطيقُه-) أي: ممن يَقدِر عَليهِ بمشقَّة (ورُخِّص لَهُم في ذلِك) أي: في الإطعام (فنَسخَتْها {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ}؛ فَأُمِروا بالصِّيام: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ})؛ حينئذٍ: أصبح رَمضان رُكنًا مِن أركان الإسلام، ومبنًى مِن مَبانيه العظام، وركيزةً عُظمى مِن ركائز هذا الدِّين؛ كما قَالَ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-وقد ذكرنا الحَديثِ-: «بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إِلَه
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 922
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست