نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 921
فهذا لقاء -يتجدَّد بالخير- نتذاكرُ فيه شيئًا مِن فضائل شهر الصِّيام، شهر رَمضان، شهر القُرآن، شهرِ البِرِّ والإحسان، وما يتضمَّنه مِن أحكامٍ فقهيَّةٍ يجبُ فهمُها، والتَّفقهُ فيها، والنَّظر بِشأنِها؛ حتى تَصحَّ عبادتُنا، راجِين من الله -تَبارَك وتَعالَى- أن يتقبَّلها -منا ومنكُم وسائرِ المُسلِمين-.
مِن فضائل الصِّيام -أيضًا-:
ما ذكره النَّبيُّ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- مِن قوله: «إنَّ في الجنَّة بابًا يُقالُ له الرَّيَّان لا يَدخُلُه إلا الصَّائِمُون»؛ فهذه مَزيَّة عُظمى، وفضيلةٌ كُبرى اختصَّ الله -تَعالَى- بها الصَّائمين الذين جاهَدوا أنفسَهم، وصَبَروا على هذا الصِّيام؛ فكان لهم ذلِك الأجرُ العَظيم.
وهُنالِك -أيضًا- فضائل خاصَّة متعلِّقة بشهر رَمضان، شيءٌ منها مُتعلِّق بالصِّيام، وأشياء أخرى متعلِّقة بأحكامٍ أخرى.
مِن أعظم ذلِك: أنَّ شهر رَمضان هو شهرُ القُرآن؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185] فهذا نصٌّ قُرآني يُبيِّن أن هذا الشَّهر تنزَّلَ فيه القُرآن الكريم على قلبِ رسولِنا الأمين -صلَّى اللهُ عَليهِ، وعلى آلِه، وصَحبِه أجمعين-.
أيضًا من فضائل الشَّهر الكريم -شهر رَمضان-: أنَّ فيه خصوصيَّةَ تصفيدِ الشَّياطين، وفتح بابِ الجِنان، وغَلقِ باب النِّيران؛ كما قَالَ -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «إذا جَاءَ رَمضان؛ فُتِحَت أَبوابُ الجَنَّة، وغُلِّقَتْ أَبْوابُ النَّار، وصُفِّدَت الشَّياطِين».
لكن -هنا- قد يقول قائل، أو يسأل سائلٌ، يقول:
نعم؛ نحن نَرى -في شهر رَمضان- إقبالًا من النَّاس على الصَّلاة، وعلى الصِّيام، وعلى المساجد، ونرى قِلةً في المعاصي؛ لكن: نرى أنَّ هُنالِك معاصي، ونرى أن هُنالِك آثامًا؛ بل في رَمضان تقع جَرائم؛ فكيف نفهم هذا مع تَصفِيد الشَّياطين؟
أقول: جاءَتْ الرِّوايَة الأخرى لِتُبيِّن أنَّ الشَّياطين المَقصُودين في هذا الحَديثِ هُم (مَرَدةُ الشَّياطِين)؛ لذلِك هذا لا يَنفي وقوعَ المعاصي -بل بعض الكبائر-؛ لكنَّ تصفيدَ المَرَدَة له أثر كبير في تقليل هذا الشَّر، وفي تخفيفِ كَيد الشَّيطان في بني آدم-أجمعين-.
والرِّوايَة الأخرى: قوله -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «إذا كانَ أوَّلُ ليلةٍ مِن شهرِ رَمضان؛ صُفِّدَت الشَّياطينُ ومَرَدَةُ الجِنِّ»، والمارِد: هو العظيم الكبير منهم؛ فهذا مِن مِنَّة الله -تعالى- وتَوفيقه -سُبحانَهُ وتَعالَى-.
أيضًا مِن ضمن الأشياء المهمَّة، والخصائص العظيمة بهذا الشَّهر الكريم -مِن فضائل ومكارم-:
أنه فيه لَيلة القَدْر؛ فالقُرآن أُنزل في رَمضان، ولَيلة القَدْر في رَمضان؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1 - 3]؛ فلَيلة القَدْر لها فضلُها، وسنذكر ذلِك على التَّفصيل بشيءٍ مِن أحكامها -فيما نستقبل مِن الدُّروس-إن شاءَ اللهُ-؛ لكنَّنا -هنا- نَذكُرُ ما يتعلَّق بكونِ وُجودِها في رَمضان؛ أنه فَضيلةٌ مِن فضائل هذا الشَّهر العظيم.
لذلِك: هذه المكارم، وهذه الفضائل، وهذه المَحاسن، وهذه المزايا -كلُّها-الواردة في كتابِ اللهِ، وفي سُنَّة رسول الله-صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-في هذا الشَّهر الكريم، وفي مكانته عند ربِّ العالمين-؛ تستوجب منَّا -إذا قُمنا بهذا الواجبِ- أن نشكر اللهَ -عزَّ وجلَّ-، كما قَالَ -سُبحانَهُ-: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، وكما قَالَ -تَعالَى-: {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 185].
فشُكر الله -عزَّ وجلَّ- على إتمام النِّعمة، وإكمال المنَّة بالانتِهاء مِن صيام رَمضان، وما يتعلَّق به مِن أحكامٍ؛ كان ذلِك دليلًا على أن العبادَ قائِمون بهذا الشُّكر، وأنهم مُطالَبون بالمزيد منه -كما في الآية المذكورة: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} -.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 921