نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 920
إذن: العمل الصَّالح؛ وبخاصَّة: الصِّيام، ومعه قراءة القُرآن، والتَّعبد للهِ بِتِلاوَة كلامِه؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24]؛ كل ذلِك من عوامل الشفاعة؛ بل من أسباب الشفاعة الَّتِي تشفعُ لصاحبِها بمزيدٍ من الخير، ومزيدٍ من الرَّحمَة، ومزيدٍ مِن الدَّرجات العُلى عند الله -تَبارَك وتَعالَى-.
وقد يَسأل سائل، أو يقول سائل: ما مَعنى قوله: «ويَقولُ القُرآن»؟
المَقصُود هنا: الثَّواب؛ ثواب القُرآن، لأنَّ القُرآن كلام الله، وكلام الله لا يَقولُ؛ فالمَقصُود ما يتعلَّق بالعبد منه، وهو الذِي قام به؛ وهو تِلاوته، والعبدُ إنَّما يُؤجَر على التِّلاوَة؛ فبيَّن ذلك أنَّ المَقصُود هو العمَل والأجرُ المَبنيُّ على العَمل الذي قام به هذا العَبد أو ذاك؛ تقربًا إلى الله -عزَّ وجلَّ- بتِلاوَة كلامِه، وتَرتيل تنزيلِه.
أيضًا من النُّصوص الواردة عن النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- في فضل الصِّيام:
أنَّ الصِّيام يَسُدُّ جانبا مهمًّا؛ وهو جانب الكفَّارَات.
والكفَّارَات: هي حقوق تكونُ في رِقاب العِباد؛ مُقابل آثامٍ، أو مفاسِدَ، أو سيِّئات ارتكَبوها، وتلبَّسوا بها -عِياذًا بالله-تَبارَك وتَعالَى-.
فلنسمع ماذا يقول الله -عزَّ وجلَّ-: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ منكُم مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ} [البقرة: 196] إذن: هذا الصِّيام جاء فدية في شيء مِن أحكام الحج الَّتِي قد يُقصِّر، أو يضطر إليها بعضُ النَّاس.
ثم قَالَ: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} فمن لم يجد الهدْي {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أيَّام فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ} هذا بيانٌ في آيةٍ واحدة، وفي سياقٍ واحد للصَّوم ومكانَتِه ومَوضعه مِن الكفَّارَات الَّتِي يقوم بها العبدُ، أو يخالف العبد بها ربَّه، أو يَضطر إلى شيء أمَرَه الله -تَعالَى- بالسَّداد له بهذا الصِّيام.
وهُنالِك كفارة أخرى وردت في كتابِ اللهِ، وفي سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- منها: قوله-عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- في حديث حُذَيفة بن اليمان الذي رَواهُ الشيخان - «البُخاري» و «مُسلم» - قَالَ: «فِتنةُ الرَّجُلِ في أهْلِهِ ومَالِهِ وجارِه؛ تُكَفِّرُها الصَّلاةُ والصِّيامُ والصَّدقَة»؛ فما قد يُبتَلى به الإنسَان مِن جارٍ، أو ما قد يَبتَلِي هو غيرَه به؛ فبِصِيامه، وبِصَلاته، وبِصَدَقتِه، وأعمالِه الصَّالحة؛ يُكفِّر الله عنهُ هذه الآثام.
أسأل الله تَعالَى لي ولكم التَّوفيق والسَّداد، والهُدى والرَّشاد.
وإلى لقاء آخر في حلقة قادمة -إن شاءَ اللهُ-.
والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه
من هنا لسماع الحلقة الثالثة (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-3.mp3)
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ: