responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 919
قَالَ: «وَالذِي نَفْسُ مُحمدٍ بِيَدِه؛ لخلُوفُ فَمِ الصَّائم أَطيبُ عِندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسْكِ» «خُلُوفُ فَمِ الصَّائم»: هو الرَّائحة الَّتِي قد تُكرَه؛ نتيجة امتِناعه عن الطَّعام والشَّراب، فتَخرج -في طبيعة الخِلقة الإنسَانيَّة- رائحة قد تُكرَه مِن الفم؛ فهذه الرَّائحة الَّتِي قد تُكره بِسبب الصِّيام؛ هي عند الله -ثوابًا، وتعظيمًا، وأجرًا- أعظمُ مِن طِيب المسكِ ورائحة المسك؛ وهذا مِن فضائل الصِّيام، ومن فضائل الصَّبر على هذه العبادة العظيمة.

قَالَ: «للصَّائِم فَرحَتانِ يَفْرَحُهُما: إذا أَفَطَرَ فَرِحَ، وإذا لَقِيَ رَبَّه فَرِحَ بِصَومِهِ» إذا لقيَ ربَّه عند الجزاء والحِساب؛ فهو قدَّم رُكنًا مِن أركان الإسلام مُخلصًا فيه، مُتَّبِعًا فيه لسُنَّةِ رسولِ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-، مُلتزمًا بأمرِه، قائمًا بِحُكمِه؛ فَلَهُ فرحةٌ عظمى.

«وإذا أفْطَرَ فَرِح» وفي رواية: «عِند فِطْرِه» فكلمة (الفِطْرِ) -هنا- تحتمل شَيئين: أمَّا الشيء الأوَّل: فهو يفرح بِفِطره اليَومي الذي يَنتهي عند غُروب الشَّمس، ولا شكَّ ولا رَيْب أنها فَرحة؛ أنكَ أدَّيتَ واجبًا عليك أوجَبَه الله عليك، وانتهى عليك هذا الواجب بِغُروب الشَّمس؛ فهذه فَرحة.

أو أن يُقال: فَرْحته عند فِطرِه إذا انتهى الشَّهرُ، وجاء عيدُ الإسلام الأوَّل؛ وهو عيد الفطر؛ فهذه -أيضًا- فرحة؛ لذلِك يفرح المُسلِمون، ويُجدِّدون ثيابهم، ويُصلُّون صلاة العيد، ويعظِّمون الله، ويَحمدونه، ويَشكرونه، {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] فشُكر العبدِ ربَّه على ما قام به مِن عبادات -عامَّة-، ومن عبادة الصَّوم -خاصَّة-؛ فيها أجر عظيم لا يَعلمُه إلا ربُّ العالمين -سُبحانَهُ وتَعالَى-.

وفي روايةٍ أخرى عند «البخاري» -والحَديثِ في «الصَّحيحَيْن»؛ لكن في رواية عند «البخاري» -: قَالَ: «يَترُكُ طعامَه وشَرابَه وشَهْوتَه مِن أَجْلِي» «يتركُ طعَامَهُ»: مِن أعظم المُفسِدات، «وشرابَه»: من أعظم المُفسِدات، «وشَهوَتَه» -أيضًا-: المَقصُود بها الجِماع؛ هذا -أيضًا- من أعظم المُفسِدات، ومن أعظم المبطِلات للصَّوم.

«الصِّيام لي وأَنَا أَجْزِي به، والحَسَنَة بِعَشْرِ أمثالِها» فوق كلِّ هذا الأجر، وفوق كلِّ هذه الحسَنات؛ فالله -تَبارَك وتَعالَى- يُضاعفُها لأصحابها، ويجعل لهم أَجرَها مُضاعَفًا؛ مِنَّةً مِن الله -تَبارَك وتَعالَى-، وكرمًا منهُ على عِباده -أجمعين-.

وفي رواية عند» مسلم»: يقول النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «كُلُّ عَمَلِ ابنِ آدَمَ يُضاعَفُ الحَسَنَةُ بِعَشْرِ أمثالِها إِلى سَبْعِمئةِ ضِعفٍ» إذن: ليس فقط عشرة أضعاف؛ بل إلى سبعمئة ضِعف! قَالَ اللهُ -تَعالَى-: «إلا الصَّوم؛ فإنَّهُ لي، وأنَا أَجزِي بِه» كأنَّه يقول -وهذا يُؤكِّد الوجهَ الآخَر الذي شرَحَهُ أهلُ العِلم لهذه الرِّوايَة؛ فهذه الرِّوايَة فيها زِيادة بَيان، وزيادة تَفصيل-؛ فإن الصَّائم له أجرٌ أكثرَ مِن السَّبعمئة ضِعفٍ مِن الحسنات، مِن الثَّواب؛ لأنه عَمَلٌ اختصَّه الله لنفسِه؛ أن يَأجرَ به صاحبَه على ما يريد -سُبحانَهُ وتَعالَى-.

قَالَ: «يَدَعُ شَهْوتَهُ، وطَعامَهُ مِن أَجْلِي، ولِلصَّائِمِ فَرْحَتانِ: فَرْحَةٌ عِند فِطْرِه، وفَرحةٌ عِند لِقاءِ ربِّه، وَلخلُوفُ فَمِ الصَّائم أطيبُ عندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسكِ».

أيضًا: قَالَ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-كما في «مُسنَد الإِمام أحمد» -: عن عبد الله بن عمرو -رضيَ اللهُ عنهُما- قَالَ: قال رسول اللهِ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «الصِّيامُ والقُرآنُ يَشفَعانِ للعَبدِ يومَ القِيامَة؛ يَقولُ الصِّيامُ: أيْ رَبِّ! مَنَعْتُه الطَّعامَ والشَّهْوَةَ؛ فشَفِّعْنِي فِيهِ، ويَقولُ القُرآنُ: مَنَعْتُه النَّومَ باللَّيلِ؛ فَشَفِّعْنِي فِيهِ؛ قَالَ: فيُشَفَّعَانِ».

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 919
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست