نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 917
ونحن لا نريد أن ندخل في موضوع التَّدخين؛ لكن نَذْكُر أن الأمرَ مُناسبة طيِّبة لأن تدفعَ عن نفسِك هذه المحبوبات الَّتِي تحبُّها النَّفس وتُسخط فيها الرَّب، وشهر رَمضان، والصَّوم في رَمضان مُناسَبة مُناسِبَة، مُناسَبة عظيمة؛ لتكون فيها مُوَفيًّا لربِّك -عزَّ وجلَّ- شيئًا من الأمور الَّتِي أوجبها الله -تَبارَك وتَعالَى- عليك.
لذلِك فالنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- ماذا يقول؟ -والحَديثُ في «البخاري» و «مسلم» -: «ما مِنْ عَبدٍ يَصومُ يومًا في سَبيلِ الله؛ إلا باعَدَ اللهُ بذلك عن وجهِهِ النَّارَ سَبعين خريفًا وكلمة «في سَبيلِ الله» -هنا- إشارة إلى الإخلاص، بعضُ أهل العِلم يقول: هذه إذا كانت في الجهاد. الصَّواب: أن؛ لا؛ الصَّواب: العموم؛ «في سبييل الله»؛ أي: مخلصًا لله -تَبارَك وتَعالَى- في صيامِه، ولا شكَّ ولا رَيْب أن الصِّيام هو مِن أعظم أنواع الإخلاص.
لذلِك يقول النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فيما يَرويهِ عن ربِّه قَالَ -سُبحانَهُ وتَعالى-في هذا الحديثِ القدسي-: «كلُّ عَمَلِ ابنِ آدمَ له إلا الصَّوم؛ فإنَّه لي وأنا أَجْزِي بِه»؛ لماذا -وكُل عمل ابن آدم له، والصَّوم له-؟ لأن الصِّيام فيه جانب سِرٍّ؛ من الممكن أن يُظهر الإنسَان -أو إنسان ما- الصِّيامَ للنَّاس، ولكن في حقيقةِ أمرِه يكون مُفطِرًا! هذا لا يَجوز، وهذا -يعني- فيه نِفاق، وفيه رئاء النَّاس، وفيه كَذِب؛ لكن هذا الإنسَان الذي أخلصَ، وجعل صيامَه بينه وبين نفسِه، لا يعلمُه إلا ربُّه؛ هذا -لا شكَّ ولا رَيْب- مِن أعلى المقامات وأرفعها؛ لذلِك جعله الله -عزَّ وجلَّ-كما في الحَديثِ القدسي- خاصًّا له -سُبحانَهُ وتَعالَى-.
والنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «الصِّيام جُنَّة»؛ «جُنَّة» أي: وِقاية، «يَستجِنُّ بها العبدُ من النَّار» أي: يتقي بها نفسَه مِن النَّار، مِن أن يصيبَه شرَرُها، وأن يصيبَه ضرَرُها، وأن يُصيبَه نارُها؛ فلا مَفرَّ له من هذه النَّار إلا بالعمل الصَّالح الذي يُقربُّه إلى الله، والذي يَدنو به من رحمةِ الله، والذي يبتعد -مِن خلاله- عن سخط الله وعما يقربُّه إلى هذه النَّار -والعياذ بالله-تَبارَك وتَعالَى-.
والنَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-أيضًا- في رواية أخرى للحَديثِ قبل الأخير-كما في «سُنَن التِّرمذِي» - قَالَ: «مَن صَامَ يومًا في سَبيلِ الله؛ جعلَ اللهُ بينَه وبينَ النَّار خندقًا كما بين السَّماء والأرض» فما قلناه في الحَديثِ الأول؛ نقولُه في الحَديثِ الثَّاني: أن كلمة «في سبيلِ الله» -هنا- المَقصُود بها: الإخلاص لله في هذه العِبادة، وفي القِيام بها، وفي الالتزام بِهَديِها؛ ليس المَقصُود بها -فقط-: المُجاهد؛ نعم: إذا كان المجاهد مجاهدًا لأعداء الله-سُبحانَهُ وتَعالَى-، ثم هو -مع جهادِه- مُتلبِّس بعبادة الصِّيام؛ فهذا -لا شكَّ- أجره أعظم؛ لمُكابَدَتِه، ومجاهدتِه، وبلائِه الذي هو فيه، ثم هو يُصبِّر نفسَه، ويُصابرها على طاعة الله في الالتزام بهذا الصِّيام.
وفي هذا القَدْر كفاية.
وصلَّى اللهُ، وسلَّم، وبارَك على رسولِ اللهِ، وعلى آلِه، وصحبِه -أجمعين-.
وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين.
والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه.
من هنا لسماع الحلقة الثانية (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-2.mp3)
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:
فهذا لقاءٌ ثالثٌ -يتجدَّد بالخيرِ والبركةِ-إن شاءَ اللهُ- نُقدِّم فيه شيئًا من فِقه الصِّيام وأحكامِه فيه تَنبيهاتٌ مهمَّة يستفيدُ منها عُموم الأمَّة -إن شاءَ اللهُ-تَبارَك وتَعالَى-.
أيضًا: مِن النُّصوص الَّتِي وَردت عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- في
فضل الصِّيام:
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 917