نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 915
ولا نستطيعُ استقصاءَ فضائلِ الصِّيام في مجلسٍ واحد، وشرطُنا -كما ذكرتُ مِن قبل-: الاختصار والتَّيسِير، ولا نُريد التوسُّع؛ حتى تبقى المعلومةَ مُيسَّرةً مُسهَّلة لسائر طبقاتِ المشاهِدين -نسأل الله أن يبارِك فيهم، وأن ينفعَهم، وأن يُسدِّدَهم على درب الهدى والخير والقَبول للأعمال الصَّالحة-في هذا الشَّهر الكريم، وفي كل شهورِ حياتِهم وأيَّامِها وساعاتِها ولحظاتها-.
أما بالنِّسبَة للفضائل بالنِّسبَة لهذا الشَّهر؛ فقد جاءَتْ فضائل مُتعلقة بعموم الصِّيام، وجاءَتْ فضائل خاصَّة بشهر رَمضان.
فإذن: هُنالِك فضائل عامَّة وردت في فضلِ الصَّوم، وهُنالِك فضائل خاصَّة وردت في فضل شهر الصَّوم المفروض -وهو شهر رَمضان المبارَك-.
فذكر الله -تَعالَى- الصَّائمين والصَّائمات ضِمن الفئة المؤمِنة الطَّيِّبة المبارَكة القائمة بأعظمِ أفعالِ الإسلام، وأفعال أهلِ الإيمان الَّتِي أمرهم الله -تَبارَك وتَعالَى- بها؛ ابتداءً مِن كونهم مُسلِمين، ومُرورًا باعتبارهم مُؤمنين، ثم انتهاءً إلى ذِكر هذه الواجِبات الَّتِي أوجبها اللهُ عَليهِم، وأوجبها عَليهِم رسولهُ الكريم -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- الذي لا يَنطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يُوحَى.
أيضًا: يقول الله -تَبارَك وتَعالَى- في كتابه العزيز: {يَا أيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيام كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] الآيات الَّتِي فيها الخطابُ والنِّداء الربَّاني للمُؤمنين بـ {يَا أيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا} لها في القُرآن وقعٌ خاص، ومعنًى خاص، وأثرٌ خاص؛ حتى صحَّ عن الصَّحابي الجليل عبد الله بن مسعود أبي عبد الرَّحمَن -رضيَ اللهُ عنهُ-وهو مِن أجلاء الصَّحابَة الكرام -رضيَ اللهُ-تَعالَى-عنهُم-وأرضاهم-أجمعين-؛ أنه كان يقول: (إذا سمعتَ الله َيقولُ في كتابِه: {يَا أيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا} فأرعِهِ -أو فأوعِه- سَمعَك)؛ (فأرعِه): مِن الرِّعاية، (فأوعِهِ): مِن الوعي، (سمَعك؛ فإنما هو أمرٌ يأمرُك الله به، أو نهيٌ ينهاك الله عنهُ).
أنا رأيتُ ثلاثة كتبٍ لبعضِ العلماء المعاصِرين ألَّفوا كتبًا خاصَّة في الآيات الَّتِي تَبتدئ بهذا النِّداء الإلهي: {يَا أيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا}.
أيضًا: قول الله -عزَّ وجلَّ-: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] وإن كان لهذه الآية سبب خاص؛ لكن عُموم اللَّفظ يُدلِّل على أن الصِّيام هو الخير، والصِّيام هو الفَضل، ومِن نصوص أخرى عرفنا أن البُعد عن الصِّيام، والترك للصِّيام بمخالفة الشَّرع ومِن غير عُذر شرعي؛ يكون -لا شكَّ، ولا رَيْب- فيه إثم عظيم جدًّا -نسأل الله العافية-تَبارَك وتَعالَى-.
أيضًا مِن فضائل الصِّيام الواردة في سُنَّة النَّبي الكريم -صلى الله عَليهِ، وعلى آله، وصحبِه- أجمعين-: ورد في «سُنَن النَّسائي» عن أبي هُرَيرَة -وورد عن غير أبي هُرَيرَة في غير «سُنَن النَّسائي» -: (أن النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- سمى شهر رَمضان شهر الصَّبر)؛ فهذا الشَّهر الكريم شهرُ الصَّبر، والله -تَعالَى- يقول: {وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} [النحل: 126]، ويقول الله -تَبارَك وتَعالَى-: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} [البقرة: 155]، ويقول اللهُ -تَبارَك وتَعالَى-: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10]؛ فالصَّبر في الإسلام له مكانة عظيمة؛ فكيف إذا كان هذا الصَّبر مِن الصَّبر المفروض على الإنسَان؛ فلا شكَّ أن في هذا مضاعفة لأجره.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 915