نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 914
وقد ذكرنا الحَديثَ الضَّعيف والحَديثِ الموضوع؛ فنقول:
الأصْل أن لا يُستدَل بالحَديثِ الذي لا يَصِح، أو أن يُسنَد إلى رسول الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-؛ فالرَّسُول -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- يقول: «إيَّاكم وكَثرةَ الحَديثِ عنِّي؛ إلا مَا عَلِمْتُموه صِدقًا وحقًّا، ومَن كَذَب عليَّ مُتعمِّدًا؛ فلْيَتبوَّأ مَقعدَهُ مِن النَّار».
إذن: شرطُنا؛ بل الشَّرط اللازم على كل مسلم، على كل طالِب علم، على كل عالِم: أن لا يَستدل عن رسولِ الله -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- بحديث؛ إلا إذا كان الحَديثُ صَحيحًا ثابتًا، صحَّحه أئمةُ العِلم عبر القواعد الدَّقيقة، وعبر الأصولِ المُحكَمة الَّتِي خلَّفها لهم أئمةُ العِلم -قديمًا وحديثًا-.
أمَّا ما يُقال: بأنه يَجوز أن نَستدلَّ بالحَديثِ الضَّعيف في فضائلِ الأعمال، أو في التَّرغيب والتَّرهيب؛ فهذا قولٌ مَرجوح.
والصَّواب أن نقول: بأنه لا يُستدل بالحَديثِ الضَّعيف في شيءٍ -البتَّة-، لا في فضائل الأعمال، ولا في التَّرغيب والتَّرهيب، ولا في شيءٍ من ذلِك، والأمرُ كما قَالَ الإِمام عبدُ الله بن المبارَك: (في الحَديثِِ الصَّحيح غُنية عن الحَديثِ الضَّعيف).
نقطة أخرى -في هذا الباب-، وهي: مسألة التَّهنئة بشهر رَمضان:
إذا دخل رَمضان: ذكر بعض أهل العِلم؛ كالعلامة السُّيوطي في كتابه: «وصول الأماني في أصولِ التَّهاني» نقلًا عن الحافظ ابنِ رجب الحنبلي في كتابه «لطائِف المعارِف» قَالَ: (وقَد استدل العِلماء على جوازِ التَّهنئة بدخول رَمضان بقول النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-فيما صحَّ عنهُ-: «أتَاكُمْ شَهرٌ مُبارَك»؛ فقَالَوا: هذا لفظ يُفيد التَّهنئة والمبارَكة في هذا الشَّهر الكريم).
ونحن أدركنا مشايخَنا وعلماءنا وكُبراءنا إذا دخل رَمضان يقولُ أحدهم -باللَّهجة اليَسيرة الطبيعيَّة الفِطريَّة-: (بارك اللهُ لكم في هذا الشَّهر)! هو نفسُ التَّعبير النَّبوي؛ لكن بعبارةٍ ألطف، وبعبارةٍ -يعني- أكثر قبولًا لعامَّة النَّاس؛ وإلا فلفظُ رسولِ الله -عَليهِ أفضل الصَّلاة، وأتمُّ التَّسليم-: «أتاكُم شهرٌ مُبارَك».
وكما قلتُ وأكرِّر: استدل بعضُ أهل العِلم -كالسُّيوطي- نقلًا عن الحافظ ابن رجب الحنبلي -رَحِمهُ اللهُ- أن ذلِك مُتعلِّق بالمبارَكة وجَوازِها واستِنانِها -في هذا الأمر-.
وإذ الأمر كذلِك؛ فنقول لإخوانِنا المشاهِدين، وأخواتِنا المُشاهِدات -في كل مكان مِن هذا العالَم-العالم العربي، والعالَم الإسلامي، والعالم أجمع- نقول لهم -كما علَّمنا رسولنا الكريم -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم-: «أتاكُم شَهرٌ مُبارَك»!
فبارك الله لنا ولكم -أجمعين- بهذا الشَّهر الكريم، وأعاننا الله -جميعًا- على صيامه وقيامه، والالتزام بهديه وفضائله وأحكامِه؛ إنه -سُبحانَهُ- ولي ذلِك والقادر عَليهِ.
وصلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمدٍ، وعَلى آلِه، وصحبِه -أجمَعِين-، وآخِرُ دَعوانا أنِ الحَمدُ للهِ ربِّ العالَمِين، سائلًا ربي -سُبحانَهُ- أن يعيننا على الاستمرار في هذه الحلقاتِ النَّافعة -إن شاءَ اللهُ-.
والسَّلامُ عَليكم ورَحمةُ اللهِ وبَركاتُه.
من هنا لسماع الحلقة الأولى (http://www.ballighofiles.com/umzayd/fiqh-siyam-halabi-1.mp3)
إنَّ الحمْدَ للهِ، نَحمدُهُ، ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونَعوذُ باللهِ مِن شرورِ أنفُسِنا، وسيِّئاتِ أعمالنَّا، مَن يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضلِلْ فلا هادِي له، وأشهدُ أن لا إِلَه إلا اللهُ، وحدهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، أما بعدُ:
فهذه حلقةٌ أخرى -أيُّها الإخوة المُشاهِدون! وأيتُها الأخَوات المُشاهِدات- مِن برنامجِنا في (فِقه الصِّيام وأحكامِه).
وكانت الحَلْقة الماضية عبارة عن مداخل تعريفيَّة للصِّيام، ولشهر رَمضان، وبيان شيء من تاريخ الصِّيام -في هذا الشَّهر المبارَك-.
واليَوم سنذكر -بإذن الله وتوفيقِه- بعضًا من فضائل الصِّيام.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 914