responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 913
أما الأمر الثَّاني -وهو المتعلِّق بالمرحلة الثَّانية مِن مراحل وجوبِ الصِّيام-؛ فهو: التَّخيير بين الصِّيام والفِدية.

أُمر بالصِّيام؛ لكن: لم يكنْ أمرًا حتمًا، كان مِن قدر على الصِّيام صام، ومَن لم يقدر؛ حينئذٍ يستطيع أن يفديَ؛ بأن يُقدم طعامًا للفقراء، أو المساكين؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 184] في هذا إشارة إلى أن الأمر متعلِّق بالخيريَّة {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} يعني: إذا فَدَيتم؛ فهذا خير، لكن: إذا صُمتُم؛ فهذا خير لكم وأفضل.

وذهب بعضُ أهل العِلم إلى أنَّ في الأمر ناسخًا ومنسوخًا ومُتعلَّقات حُكميَّة، لا نريد أن نُطوِّل القولَ فيها، وأن نفصِّل الكَلام بِشأنها؛ فنحن خطَّتنا في هذا البرنامج الاختِصار، وإعطاء الإخوة المشاهدين والأخوات المُشاهِدات زُبَد مواضيعِ هذا الشَّهر الكريم؛ حتى يتواصَلوا فيها، ويتواصلوا معنا بشأنها؛ تفقُّهًا في دين الله، وتسهيلًا لأحكام الله -تَبارَك وتَعالَى-.

ثم جاء الحُكم الحازم بفرض شهر رَمضان على الإلزَّام وعلى التَّعيين، على كل قادِر؛ كما قَالَ -تَعالَى-: {فَمَنْ شَهِدَ منكُم الشَّهر فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] {فَلْيَصُمْهُ}: فِعل أمر، والأصْل في فعل الأمر أنه واجب.

أيضًا: لا بُد أن نذكرَ شيئًا حول كلمة (شهر رَمضان): ما معنى (شهر)؟ وما معنى (رمضان)؟

ذكرنا ما معنى الصَّوم والصِّيام، ما معنى (شهر رمضان)؟

نحن -كما في كتاب الله- نقول: {شَهْرُ رَمضان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآن} [البقرة: 185] ونقول: (دخل شهر رَمضان).

ما معنى كلمة (شهر)؟ وما معنى كلمة (رَمضان)؟

(الشَّهر): من الشُّهرة والاشتِهار، وسمَّى العربُ الشَّهر شَهرًا لاشتهارِه، ولوقوف كثير من حاجاتهم ومعاملاتِهم وسُلوكهم عَليهِ -سواء البيع والشِّراء، ومواعيد ذلِك، ومواعيد الأداء والوفاء والسَّداد، مواعيد الحج، مواعيد الصِّيام .. إلى آخر هذه الأمور-؛ فسُمِّي الشَّهر شَهرًا مِن هذا الباب.

أما (رَمضان) فشهر رَمضان سمي بـ (رَمضان) لعدة وجوه أو لواحدٍ مِن الوجوه الَّتِي ذَكرها بعض أهل العِلم:

أولًا: يُقال: رَمَضَ؛ يعني: اشتدت حرارة الشَّمس فأثَّرت على الرَّمل أو على الحصى؛ لذلِك يُقال: (حر الرَّمضاء)؛ فالرَّمضاء هي الحرارة الشَّديدة الَّتِي تُصيب الأرض وما عَليهِا من حجارةٍ ومِن حصى ومِن رمل ومِن تراب وغير ذلِك.

ثم نقول: هذا أصل المعنى اللُّغَوي.

أمَّا السَّبب: فذَكَر فيه أهل اللُّغة وجهَين:

أما الوجه الأول: فذكروا أنه سُمي رَمضان؛ لأن الذُّنوب تُرمَض فيه رَمْضًا، ومِن معاني الرَّمَض أو الرَّمضاء: هو الاحتراق؛ أي: تُحرق الذُّنوب احتراقًا، ولا يَبقى منها شيء -لا في قليل، ولا في كثير-بإذن الله-تباركَ وتَعالى-، كما قَالَ النَّبي -عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «رَمضان إلى رَمضان كفَّارة لما بينهما».

وأيضًا: قيل قول آخر: وهو أن أوَّل فرضِ رَمضان وافق زمَنَ حرٍّ.

معروف أن الشُّهور تتبدَّل بحسب العوامِل الجويَّة؛ يعني: رَمضان -في هذا العام- يأتينا -إذا أحيانا المولى -عزَّ وجلَّ- في موسِم حرارة، قبل بضع سَنوات كان يأتينا في موسِم بُرودة، وفي مَوسِم رِقَّة ولُطف، ونحن نَستعين بالله -عزَّ وجلَّ- على القِيام بهذا الواجِب الذي أمرنا الله -تَعالَى- به، وأمرنا به رسولهُ الكريم -صلى الله عَليهِ، وعلى آلِه، وصحبِه-أجمعين-.

فوافق -في الزَّمان الأوَّل- فرضُ هذا الشَّهر زمن حرٍّ؛ فسُمي رَمضان؛ لموافقتِه هذا الأمر.

هذان وجهان يَذكُرهما أهلُ العِلم في باب تسمية رَمضان.

من باب الفائدة الزَّائدة؛ أقول:

روى البيهقي وغيره أن النَّبي -صلَّى اللهُ عَليهِ وسلَّم- قَالَ: «لا تَقولوا رَمضان؛ فإن رَمضان اسمٌ مِن أسماء الله، ولكن قُولوا: شهر رَمضان» وهذا حديثٌ ضعيف جدًّا؛ بل (موضوع)، حكم عَليهِ الإِمام ابن الجوزي في كتابه «الموضوعات»؛ بأنه حديث موضوع؛ أي: مكذوب.

فعندما نقول: (هذا حديث موضوع)؛ أي: مكذوب، أي كذِب وافتراء على النَّبي -صلى الله-تعالى-عَليهِ وآله وسلم-؛ فحينئذٍ نقول: هذا حَديثِ لا يَجوز أن يُذكر وأن يُستدل به.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 913
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست