responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 870
الأول: أنه ذكره على أنه معاضد للتقرير السابق.
والثاني: أنه ذكره على أنه دليل مستقل في إثبات التوقيف.
وعلى كلا الاحتمالين فالاعتماد على طول الصحبة في إثبات التوقيف ضرب من الخرص الذي لا يصح اعتباره لا استقلالا ولاتبعا، قال تعالى: (إن الظن لا يغني من الحق شيئا). ولو جاز اعتبار مثل هذا لطرحت السنن، وعورضت بأقوال الصحابة المخالفة لها؛ لاحتمال كونها صادرة عن توقيف، والظن بالمؤلف أنه يمنع هذا.
4 - قال الشيخ: (وإن ورد على مثل هذا الفعل احتمال حصوله اجتهاداً (ونعني به اجتهادا خاطئا لا يستند إلى دليل صحيح)، فاحتمال كونه اجتهادا صحيحا هو الأرجح، ومثله لا يكون اجتهادا صحيحا إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم يخرجه عن الابتداع).
قلت: ادعى المؤلف أن احتمال كونه اجتهادا صحيحاً هو الأرجح، ولم يبين للقارئ وجه الترجيح ومأخذه، مع أنه في مقام الإبطال للاحتمال الآخر، ومثل هذا يسمى عند الجدليين بالتحكم، وهو ممنوع، وللمخالف أن يدعي العكس فيقول: احتمال كونه اجتهادا خاطئا هو الأرجح، ولا يذكر دليلا؛ معاملة له بمثل طريقته، والجادة أن يرجح أحد الاحتمالين مع تسبيب ذلك.
5 - قال الشيخ حفظه الله: (ومثله لا يكون اجتهادا صحيحا إلا بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم يخرجه عن الابتداع).
قلت: لا يخلو من أمرين:
الأول: أنه يقصد بالمثلية في قوله: ومثله لا يكون ... أي مثله في كونه أمرا غيبيا. وقد تقدم معنا الجواب عنه، من جهة أن دعاء أنس رضي الله عنه مما يدخله الاجتهاد، وأنه ليس من الأمور الغيبية، إذ يُحتمل اعتماده على الأصل في الدعاء، وهو المشروعية. والله أعلم.
الثاني: أنه يقصد بالمثلية في قوله: ومثله لا يكون ... أي مثله في كونه أمر تعبديا. ولعل هذا هو الأقرب في مراده، لئلا يكون تكرارا مع ما سبق. وتتميم استدلاله أن يقال: والصحابة لا يحصل منهم الابتداع. النتيجة: أنها توقيف. والجواب عن هذا: أنه لا يلزم من الوقوع في البدعة حصول وصف الابتداع. فلو فرضنا جدلا أن أنسا رضي الله عنه وقع في بدعة، فلا يلزم منه أنه مبتدع، وهذا معلوم. وهنا بحث: وهو هل يجوز وصف فعل الصحابي التعبدي (بهذا القيد) المخالف للنصوص الشرعية بالبدعة؟. الذي يظهر لي: أنه لا مانع من ذلك، لأن وصف البدعة [الفعل التعبدي الذي لم يرد به دليل] صادقٌ على مثل هذا الفعل، ولا محظور، وكما سبق لا تلازم بين وصف الفعل والفاعل. وقد يجاب بجواب آخر وهو: أن البدع تجري مجرى المعاصي، [وفيها خلاف هل هي من الكبائر لحديث (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار)، أو أنها من الصغائر؟]، والمعاصي بنوعيها جائز حصولها من الصحابة، إذ قد وقعت، والوقوع دليل الجواز. نعم من باب عدم إساءة الظن ينبغي حمل الفعل الذي قد يفهم منه البدعة على خلاف ذلك ما دام للتأويل فيه مدخل، وليس هذا خاصا بالصحابة الكرام رضي الله عنهم، ولكن يتأكد في حقهم لتزكية الله لهم، ولعظيم فضلهم، وإمامتهم في الدين. وقد تقدم معنا تأويل فعل أنس رضي الله عنه بأنه اعتمد على الأصل في الدعاء، وهو المشروعية، وقد يكون رضي الله عنه راعى الختم لكونه عمل صالح أراد أن يتوسل به في دعائه، لا أن الختم محل لتأكد الدعاء.
6 - قال الشيخ - حفظه الله -: (أو بعبارة أخرى: ما دام الأصل في الصحابة البعد عن الابتداع ...).
قلت: أراد المؤلف أن يبين في هذا مأخذ جزمه بالتوقيف عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولماذا عمد إلى الخروج عن الابتداع؟، فأخذ يقرر أن الصحابة رضي الله عنهم لا يقعون في البدعة، فيتعين أنه توقيف. وعليه فليس هذا عين التقرير السابق من كل وجه. وفي تقرير المؤلف نظر ظاهر، وهو أن أحتاط جدا في تقرير هذه المقدمة، فلم يجزم بعدم وقوع الصحابة في البدعة، مع العلم بأن الاستدلال لا يتم إلا بالجزم، وإليك بيان ذلك:
* قال: (الأصل في الصحابة البعد عن الابتداع). قلت: ولم يقل لا يبتدعون. ومن المعلوم أن استعمال لفظ الأصل معناه ورود الاستثناء.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 870
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست