نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 761
ويرى جمعٌ من أهلِ العلم -منهم العلامة الألباني- أن التَّحلُّلَ يحصل برميِ جمرة العقبةِ -فقط-ولو لم يَحلِق-، قال العلامةُ ابنُ بازٍ: «وهو قولٌ قويٌّ؛ وإنما الأحوطُ هو تأخيرُ التَّحلُّل الأوَّل حتى يَحلِقَ المُحرِمُ أو يُقصِّر، أو يطوفَ طوافَ الإفاضةِ، ويسعَى -إن كان عليهِ سعيٌ- بعد جمرة العقبة»، لكن العلامة ابن عُثيمين -غفرَ اللهُ له- ضعَّف قولَهم (إذا فعلَ اثنَينِ مِن ثلاثةٍ حلَّ التَّحلُّلَ الأوَّل)؛ لعدم الدليلِ عليه، وصوَّب أنَّه لا يحصلُ التَّحلُّل إلا بالرَّميِ والحلقِ أو التَّقصير؛ لقَولِ عائشةَ -رضي اللهُ عنها-: «كنتُ أُطيِّب النَّبيَّ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- لإحرامِه قبل أن يُحرِمَ، ولِحلِّه قبل أن يطوفَ»، ومعلومٌ أنَّه لم يَطُف إلا بعد الرَّمي والحَلقِ، فلو كان يتحلَّل قبل الحَلْق لقالت: ولحِلِّه قبل أن يحلِق.
وقال -رحمهُ الله-: «لو رمى وطاف؛ لم يَحل، ولو حلَق وطاف؛ لم يَحِل؛ وإنَّما يُقتصر في الحِلِّ على ما جاء به النصُّ -وهو الرميُ والحلق-».
فبعدَ التَّحلُّل الأول يحلُّ له كلُّ شيء إلا النِّساء -وطئًا ومباشرة وقبلةً ولمسًا بشهوة وعقدَ نِكاح-، وأمَّا النحرُ فليس له أثرٌ في التَّحلُّل إلا لمَن ساق الهديَ وهو قارِن؛ فظاهرُ السُّنة أنه لا يحلُّ حتى ينحر.
* رمي جمرةِ العقبةِ يومَ العيد:
في يومِ النَّحر لا يرمي إلا جمرةَ العقبة -فقط-، على النَّحو التَّالي:
- إذا وصلَ مِن مُزدلفةَ إلى مِنًى قطع التَّلبيةَ عند جمرة العقبة، وهي آخرُ الجمرات وأقربهن إلى مكَّة، وهي الجمرة الكُبرى.
- ثم رماها -من حين وُصولِه- بسبعِ حصيات-، ورجَّح العلامةُ ابنُ عثيمين في «فتاويه»: أنه يُعفَى عن نقصِ حصاةٍ واحدة؛ لأنَّ الصحابةَ -رضيَ اللهُ عنهم- كان بعضُهم يَرمي بستٍّ، وبعضُهم بسبعٍ، ولم يُنكر أحدٌ على الآخر؛ بل قال: «إذا كانت حصاةٌ أو حصاتين؛ فأرجو أن لا يكونَ عليه شيءٌ»، وهذا في غيرِ المتعمِّد للتَّرك.
- ثم رماها -من حين وُصولِه- بسبعِ حصياتٍ متعاقِبات-أي: واحدة بعد الأخرى-، فلو رمَى السَّبع كلَّها دفعة؛ فهي عن حصاةٍ واحدةٍ ويأتي بالباقي.
- ويرفع يدَه عند رميِ كلِّ حصاةٍ، ويُكبِّر، وثبت أنَّ ابنَ عمر -رضي الله عنهما- كان إذا رمَى الجِمارَ كبَّر عند كلِّ حصاةٍ، وقال: «اللهمَّ اجعلهُ حجًّا مَبرورًا، وذنبًا مغفورًا».
- ويستحبُّ أن يرميَها من بطن الوادي مُستقبِلًا لها، جاعِلًا الكعبةَ عن يسارِه، ومِنًى عن يمينه؛ لفعله -صلى اللهُ عليه وسلَّم-، وإن رماها مِن الجوانب الأخرى؛ فلا بأس.
- ولا يُشرعُ الوُقوفُ للدُّعاءِ بعد رمي جمرة العقبة.
- ولا يُشترطُ بقاءُ الحصى في الحَوضِ؛ بل يشترط وقوعُه فيه، فلو وقعتْ الحصاةُ في الحوضِ، ثم خرجتْ منه أجزأ، ويُشترطُ رميُ (طرح) الحصى، فلا يجزئُ وضعُه.
- والمَرمَى: هو مجتمعُ الحَصَى -لا الشَّاخص-، وعليه: لا يُشرعُ رميُ الشَّاخص؛ بل السُّنَّة: الرَّميُ في الحوضِ، فإذا تيقَّنتَ أو غلب على ظنِّك أن الحصى وقع في الحوضِ أجزأ، وتكفي غلبةُ الظنِّ؛ لأنَّ اليقين قد يتعذَّرُ في هذا المقام.
- ولا يرمي بحصى قد رُمي به، فإن فعل أجزأ، لكن لا يأخذ مما في الحوض.
- وحصى الجِمارِ بين الحمص والبندق، أي: بقدرِ نواةِ التَّمر -تقريبًا-.
ولا يشرع غسلُه؛ بل هو بدعة.
ولا يجوزُ الرَّميُ بحصاةٍ كبيرة، ولا بالخِفاف والنِّعال ونحوها.
- ووقتُ رمي جمرة العقبةِ مِن النِّصف الأخير من ليلة النَّحر، وله رميُها بعد زوال الشَّمس يوم العيد، ولو إلى الليل؛ لأنَّه لا دليلَ على منعِ الرَّمي ليلًا، فيرمي بالليل عن اليوم الذي غربتْ شمسُه؛ إلا يوم الثالث عشر؛ فإنَّه إذا غربتْ شمسُه خرج وقتُ الرَّمي كلِّه؛ لانتهاء أيَّام التَّشريق.
- وأمَّا الرميُ قبل الزَّوال في أيَّام التَّشريق الثَّلاثة؛ فلا يجوزُ، ولا يجزئ؛ لأنه -صلى اللهُ عليه وسلَّم- إنَّما رمَى في أيَّام التَّشريق بعد الزَّوال، وكذلك أصحابُه -رضي الله عنهم-، وقد قال: «خُذُوا عني مَناسِكَكُم»، ولو كان فيه رخصةٌ لبيَّنها النَّبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ لأن الانتظارَ إلى الزَّوال فيه مَشقَّة؛ لكنَّه لم يفعل، ولم يأذن للضَّعفةِ ونحوهم بالتقدُّم كما أذِن ليلةَ مزدلِفة؛ فدلَّ ذلك على عدمِ جوازِ الرَّمي قبل الزَّوال.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 761