نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 750
ـ[أم محمد]ــــــــ[23 - 10 - 2011, 12:58 ص]ـ
صِفةُ الأنساك الثَّلاثة:
مَن وصل إلى الميقاتِ في أشهر الحجِّ -وهي: شوَّال وذو القَعدةِ والعَشرُ الأُوَل مِن ذي الحجَّة- وهو قاصدٌ الحجَّ مِن عامِه؛ فإنه يُخيَّر بين ثلاثة أنساكٍ: التَّمتُّع، والقِران، والإفراد.
الأوَّل التَّمتُّع: وهو أن يُحرِمَ في أشهر الحجِّ بالعُمرة وحدَها، ثم يَفرغَ منها بطوافٍ أو سعيٍ، وحلقٍ أو تقصيرٍ، ويَحلَّ مِن إحْرامِه، ثم يُحرِم بالحجِّ في وقتِه مِن ذلك العام.
الثَّاني القِرانُ: وهو أن يُحرِم بالعُمرةِ والحجِّ -جَميعًا-، أو يُحرِمَ بالعُمرةِ -أوَّلًا-، ثم يُدخلَ الحجَّ عليها قبل الشُّروعِ في طوافِها، فإذا وصل إلى مكَّة طاف للقُدوم، ثم سَعى بين الصَّفا والمروةِ للعُمرة والحجِّ سعيًا واحدًا، ولا يَحلِق ولا يُقصِّر، ولا يحلُّ مِن إحْرامِه إلا يومَ العيد، وإن أخَّر السَّعي إلى ما بعد طواف الحجِّ؛ فلا بأسَ.
الثَّالثُ الإفرادُ: وهو أن يُحرمَ بالحجِّ وحدَه، فإذا وصلَ مكَّة طاف للقُدوم، ثم سعَى للحجِّ، ولا يَحلِق ولا يُقصِّر، ولا يحلُّ مِن إحْرامِه إلا يومَ العيد، ويجوزُ أن يُؤخِّر السَّعي إلى ما بعدَ طواف الحجِّ -كالقارِن-، ولا يأتي بعُمرةٍ بعد حجِّ الإفراد؛ لأنَّه لا أصلَ لذلك؛ إلا المرأة: إذا حصل لها مثلُ ما حصل لعائشةَ -رضيَ اللهُ عنهَا- لمَّا حاضت فاعتمرتْ بعد طُهرِها مِن التَّنعيم، وكذلك مَن يصعبُ عليه الرُّجوع لمكَّة ولم يؤدِّ فرضَ العُمرة -بعدُ-؛ فلْيَخرجْ إلى التَّنعيم -أو غيرِه مِن الحِلِّ، ولْيُحرِم بها -قضاءً للواجبِ-.
وممَّا تقدَّم: يتبيَّن أنَّ أعمال المُفرِد والقارِن سواءٌ؛ إلا أنَّ القارِن عليه الهديُ لحصول النُّسُكَين له -دون المُفرِد-.
وأفضلُ هذه الأنواع: (التَّمتُّع) إذا كان لم يَسُقِ الهَدْي؛ لأنَّ النَّبيَّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أمر أصحابَه به، وحثَّهم عليه؛ بل أمرهم أن يَفسَخُوا نيَّة الحجِّ إلى العُمرة مِن أجلِ التمتُّع.
وعليه: فمَن أحرمَ قارِنًا أو مُفرِدًا، ولا يخشى فواتَ الحجِّ؛ فإنَّه يتأكَّد عليه أن يَقلِبَ إحْرامَه ليصيرَ مُتمَتِّعًا -ولو بعد الطَّواف والسَّعي-.
وذكر الشيخُ ابن عُثَيمين أنه يَقلبُ إحْرامَه ولو بعد أربعةِ أيَّام، ويصيرُ مُتمَتِّعًا.
يقول جابر -رضيَ اللهُ عنهُ-: حتَّى إذا كان آخرُ طَوافِه على العُمرة؛ قال -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «يا أيُّها النَّاسُ! لو أني استَقبلتُ مِن أمري ما استَدبرتُ لما سُقتُ الهَدْيَ، ولجعلتُها عُمرةً، فمَن كان مِنكُم ليس معه هديٌ؛ فَلْيحِلَّ، ولْيَجعلْها عُمرةً».
وعُلم -مما تقدَّم-: أن القارِن إذا ساق الهديَ؛ يبقى على إحْرامه حتى يحلَّ يومَ النَّحر، وكذا المُفرِدُ إن ساق هَدْيًا، وكذا المتمتِّعُ إن ساق هَدْيًا؛ كما قاله العلامةُ ابن جاسِر -رحمهُ اللهُ- في «مَنْسَكِه»، وذكرَ أنَّه لا يَحلِق ولا يُقصِّر بعد العُمرة.
وإذا أحرم بالعُمرةِ مُتمَتِّعا بها إلى الحجِّ، ثم لم يتمكَّن من إتمامِها قبل الوُقوف بِعَرفةَ -لعائقٍ مَنعهُ مِن دُخول مكَّة، أو حيضٍ حبَس المُتمَتِّعةَ عن أداءِ عُمرتِها-؛ ففي هذه الحالةِ يُدخلُ الحجَّ على العُمرةِ ويصيرُ قارِنًا.
ويجبُ على المُتمَتِّع هَديُ شُكرانٍ -لا جُبران-؛ بشُروطٍ أربعة:
الأوَّل: أن لا يرجعَ لبلدِه؛ فلو سافر لغيرِ بَلدِه -كالمدينةِ وجُدة والطائف-؛ لم ينقطعْ تَمتُّعُه.
الثَّاني: أن يُحرِم بالعُمرةِ في أشهر الحجِّ، فلو أحرمَ بها في رمضانَ، وأقامَ بمكَّة، ثم حجَّ من عامِه؛ فلا يلزمُه الهَدْيُ؛ إلا أن يأتيَ بعُمرةٍ بعد رَمضان.
الثَّالثُ: أن يَحجَّ مِن عامِه.
الرَّابع: أن [لا] يكونَ مِن حاضِري المسجدِ الحرام.
و (حاضِرو المسجدِ الحرام): هُم أهلُ الحَرَم ومَن كانوا قَريبِين منهُ بحيثُ لا يكون بينهم وبين الحَرَمِ مَسافةٌ تُعدُّ سفرًا -كأهلِ الشَّرائعِ ونحوهم-؛ فيصحُّ التَّمتُّع والقِران منهم، ولا هديَ عليهم؛ لقولِه -جلَّ وعلا-: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي المَسْجِدِ الحَرَامِ}، وأمَّا مَن بينهم وبين الحرَمِ مسافةٌ تُعدُّ سفرًا -كأهلِ جُدَّة-؛ فإنَّه يلزمهم الهَدْي.
والهَدْي الواجب على المُتمَتِّع والقارِن: شاةٌ تُجزئ في الأضحيةِ، أو سُبع بَدَنة، أو سُبع بَقرةٍ، فإن لم يجدْ؛ فصيامُ ثلاثة أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةٍ إذا رجع إلى أهله، ويجوزُ صومُ الثَّلاثةِ في أيَّام التَّشريق، ويجوزُ صومُها قبل ذلك مِن حين إحْرامِه بالعُمرةِ؛ لقولِه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «دَخلتِ العُمرةُ في الحجِّ إلى يومِ القيامةِ»، ولا يصومُها يوم العيدِ ولا يومَ عرفةِ؛ لنهيه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- عن ذلك، ويجوزُ صومُها متواليةً ومُتفرقةً، ولا يؤخِّرُها عن أيَّام التَّشريق، وأمَّا السَّبعةُ الباقيةُ فيصومُها إذا رجع إلى أهلِه.
والمُفرِد لا هَديَ عليه.
ومَن لم يصل إلى مكَّة إلا يومَ التَّرويةِ بعد خروج النَّاس إلى مِنى؛ فإنَّه لا يتمتَّع بالعُمرة إلى الحجِّ؛ لأن وقتَ الحجِّ دخل، وقد قال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إذا كان يومُ التَّرويةِ فأهِلُّوا بالحجِّ»، وقال -تَعالَى-: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ}، وهذا يدلُّ على أنَّ بين العمرةِ والحجِّ زمنًا للتمتُّع، وقد دخل الآن وقتُ الحجِّ؛ فاشتغاله به أَولى من اشتغالِه بالعُمرة؛ فهذا ينوي إفرادًا، أو قِرانًا، قالت عائشةُ -رضيَ اللهُ عنهَا- لرسولِ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-يومَ الترويةِ-: «والنَّاسُ يذهَبونَ إلى الحجِّ الآن»؛ فكيف يذهبُ هذا إلى العُمرة؟
ويجوزُ للمُتمَتِّع أن ينويَ العُمرةَ لشخصٍ والحجَّ لشخصٍ آخرَ، وكذلك القارِن، ولو أحرَمَ وأطلَق -بأن قَصَدَ النُّسُكَ ولم يُعيِّن تَمتُّعًا ولا إفرادًا ولا قِرانًا-؛ صحَّ إحْرامُه، وصَرَفَهُ لما شاءَ مِن الأنساك الثَّلاثةِ، وكذا يصحُّ لو أَحرم بمثلِ ما أحرم به فلانٌ؛ وينعقدُ بِمثلِه؛ لقولِ عليٍّ -رضيَ اللهُ عنهُ-؛: «اللهمَّ إنِّي أُهلُّ بما أهَلَّ به رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-».
يتبع إن شاء الله
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 750