نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 747
وكذا مَن يذبحُ أو يَنذرُ لقُبور الأولياء والصَّالحين -كالحُسينِ، والبدويِّ، والجيلانيِّ، والعيدروسي، وغيرهم-، أو يدعوهم ويطلبُ منهم المددَ؛ لا يُحَجُّ عنه؛ لأنَّ هذا شِركٌ بالله -سبحانهُ وتعالَى-.
ولا يحجُّ النائبُ المستطيعُ عن غيرِه إلا بعد أن يحجَّ عن نفسِه، فلو فعل؛ انصرفت الحجَّةُ لنفسِه.
ولا يلزمُ النَّائبَ عند الإحرامِ ذِكرُ اسمِ المحجوجِ عنه؛ بل تكفي النيَّةُ عنه، وإن تلفَّظ باسمِه؛ فحَسَن.
ويجبُ على النَّائبِ أن يتمتَّع؛ لأنَّ مَن وُكِّلَ في شيءٍ؛ فالواجبُ عليه فِعلُ الأصلحِ والأفضلِ، والتمتُّع أفضلُ الأنساكِ؛ إلا أن يختارَ مُوكِّلُه غيرَه.
والنَّائبُ إذا قيل له: (خُذ هذه الدَّراهمَ فحُجَّ منها)؛ فإنه يُعيد ما بقي، وإن قيل له: (حجَّ بها)؛ فالباقي له.
* مواقيتُ الحجِّ والعُمرة:
وهي نوعان: زمانيَّة ومكانيَّة.
النَّوع الأوَّل: الميقاتُ الزَّمانيُّ للحجِّ، وهو المذكور في قولِ ربِّنا -سُبحانهُ وتَعالى-: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} وهي: شوَّال وذو القعدةِ والعَشر الأولُ مِن ذي الحجَّة.
وأمَّا ميقاتُ العُمرة الزَّمانيُّ: فهو العامُ كلُّه؛ فله أن يُحرمَ بها متى شاء، ولا يُعلَم أقلُّ حدٍّ بين العُمرة والعُمرة؛ لكنَّ الأفضلَ لأهل مكَّة الاشتغالُ بالطَّواف والصَّلاةِ وسائر القُربات، وعدمُ الخُروجِ إلى الحلِّ لأداءِ العُمرة إن كانوا قد أدَّوا عمرةَ الإسلام، وقد يُقال باستِحباب خروجِهم للحلِّ لأداءِ العُمرة في الأوقاتِ الفاضلة كرمضانَ.
وأجرُ العُمرة في رمضانَ يحصلُ لمن أحرمَ بها وأدَّاها أثناءَ الشَّهرِ، فلو أحرمَ بها في آخرِ ساعةٍ مِن شَعبانَ، ثم غربتِ الشَّمسُ ودخل رمضانُ فأدَّاها؛ لم يحصلْ له أجرُ عُمرةٍ في رمضان؛ لأنَّه أحرمَ بها قبل دُخولِه.
النَّوعُ الثَّاني: المواقيتُ المكانيَّة، وهي خمسةٌ وقَّتها رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-؛ كما قال ابن عبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنها-: «وقَّت رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لأهلِ المدينةِ (ذا الحُلَيفة)، ولأهلِ الشَّام (الجُحفة)، ولأهل نجد (قَرْنَ المنازِل)، ولأهلِ اليمن (يَلَمْلَم)، فهُنَّ لهنَّ ولمن أتَى عليهنَّ مِن غيرِ أهلهنَّ لمن كان يريدُ الحجَّ والعُمرة، فمَن كان دونَهنَّ فمُهَلُّه مِن أهلِه، وكذاك حتَّى أهلُ مكَّة [يُهِلُّون] منها»، وفي حديثِ جابر -رضيَ اللهُ عنهُ-مرفوعًا-: «ومُهَلُّ أهلِ العِراقِ مِن (ذاتِ عِرق)».
وأعيانُ هذه المواقيتِ لا تُشترط؛ بل له أن يُحرِمَ منها ومما يُحاذيها.
والواجبُ على مَن مرَّ على هذه المواقيتِ مُريدًا الحجَّ أو العُمرة أن يُحرِمَ منها -سواءٌ كان مُرورُه عن طريقِ الأرض، أو الجو-، ويُشرَع له أن يتأهَّبَ بالغُسلِ ونحوِه قبل رُكوب الطَّائرةِ، وله لبسُ إزارِه ورِدائه قبل رُكوبِها، أو قبل الدُّنوِّ مِن الميقات، ولكن لا ينوي الدُّخولَ في النُّسُك إلا إذا حاذى الميقاتَ أو دنا منهُ؛ خوفًا مِن مُجاوزتِه بِغَير إحرام.
ولا يجوزُ لهُ تأخيرُ الإحرامِ إلى الهُبوطِ في جُدَّة إلا إذا لم يُحاذِ ميقاتًا -مثلُ أهلِ (سواكِن) في السُّودان، ومَن يمرُّ في طريقِهم-؛ فإنَّهم يُحرِمون مِن جُدَّة.
وجُدَّة ليست ميقاتًا للوافدين إليها -ولو أقاموا بها مُدَّة-؛ بل يُحرِمون إذا حاذَوا المقياتَ -بَرًّا، وبحرًا، وجوًّا-، نعم؛ هي ميقاتٌ لأهلِها، ولمَن وفد إليها غيرَ مُريدٍ للحجِّ أو العُمرة، ثم أنشأ الحجَّ أو العُمرة منها.
ومَن لم يكن في طريقِه مِيقاتٌ؛ فإنَّه يُحرِم إذا حاذَى أوَّل ميقاتٍ منها، فإن لم تُمكنِ المُحاذاةُ؛ أحرمَ إذا كان بينه وبين مكَّة مَرحلتان؛ وهما يومٌ وليلةٌ، ومقدار ذلك: ثمانون كِيلًا -تقريبًا-.
ومَن مرَّ بهذه المواقيت وهُو لا يريدُ حجًّا ولا عُمرةً، ثم بدا له -بعدَ ذلك- أن يحجَّ أو يعتمرَ؛ فإنَّه يُحرِمُ مِن المكان الذي عزمَ فيه على ذلك؛ لحديثِ ابن عبَّاسٍ -رضيَ اللهُ عنهُما-المتقدِّم-، وفيه: «ومَن كان دونَ ذلك فمِن حيثُ أنشأَ».
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 747