نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 609
على المسلمين عامَّة، وطلبة العِلم خاصَّة أن يتقوا الله -تبارَك وتَعالى-، وأن يحذروا الوُلوغ في أعراض العُلماء وطلبةِ العِلم الذين هُم على المنهج الحقِّ، وأن يخافوا الله -عزَّ وجلَّ-، وأن يراقِبوه، وأن يَعلموا أنهم مُحاسَبون عن كلِّ كلمةٍ تصدر منهم، وكما قلتُ يجب أن يجعلوا نصب أعينهم قولَ الله -عزَّ وجلَّ-: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا}، وقولَ الله -تبارَك وتَعالى-: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، وقولَ النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «أمسِك عليكَ هذا» وأشار إلى لسانِ نفسه، وقولَه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إن المرء ليتكلَّم بالكلمةِ لا يُلقي بها على بال تقعُ بِه في جهنم سبعين خريفًا»، ونحو ذلك من الآيات والأحاديث التي تُخيف.
فإياك أن تُطلق لسانَك في العُلماء وطلبة العِلم الذين يسيرون على نَهجِهم، ولا تسمع ولا تُصغِ لكل مَن يأتيكم ولا همَّ له إلا الوُلوغ في أعراضِ أهل العِلم بِاسمِ النَّصيحة والدعوة وهو أبعد ما يكون عن ذلك؛ بل ما حلَّ في بلدٍ إلا وفرَّق شبابَه إلى قسمَين أو أكثر من ذلك!!
احذروا من مثل هذا، وتجنبوا بُنيات الطريق، واحرصوا على ما ينفعكم، واعلموا أنَّ (لحومَ العُلماء مسمومة وسُنة الله في مُنتقصها معلومة)، وعلى كل مسلم أن يعرف قدر نفسِه (رحم الله امرءًا عرف قَدر نفسه)، ولا يتجرَّأ في مثلِ هذه الأمر؛ لئلا تزل قدمٌ بعد ثُبوتِها، وحتى لو وجد زلَّة عند بعض أهل العِلم أو خطأ؛ أن يرجعَ فيه إلى العُلماء الكبار الرَّاسخين في العلم، فيسألُهم بتجرُّد، لا يشوِّه، ولا يزيد وينقص، لا يطرح مسألة ثم يُنزِّلها على فلان وعِلان من المشايخ.
لأن البعضَ من الجُهَّال -الآن- مِن المُتعالِمين دأبوا على طريقة: يصوغ سؤالًا، ويطرحه على أحد المشايخ الكبار، وهو يقصدُ به سوءًا، مقصده سيئٌ من البداية، ثم يعمد ويُنزِّله في هذه المواقعِ الهَزيلة التي مُلئت بالغثاء وبالكلام الفارغ وبقلة الحياء، وينزِّله على فلان، أو على الشَّيخ فلان، أو على طالب العِلم فلان -مِمَّن هو فوق فلان هذا الذي أفتاه، أو أذِن له، أو سهَّل له الوُلوغَ في عِرض هذا العالِم أو هذا الشيخ، أو طالب العِلم الفُلاني-.
هذه أمورٌ خطيرة جدًّا!
حتى بلغنا أنه عندكم: دعا بعضُ الناس إلى إحراق كتبِ بعضِ أهل العِلم الفُضلاء الذين تسنَّموا مناصبَ عاليةً في العِلم والتعلُّم والفِقه في دِين الله -عزَّ وجلَّ-، هذا -إن سمعتم له- هذا جهل!!
الذي يدعوكم إلى هذا؛ لا تدعوه مرَّةً أخرى ليأتي عندكم، طالما أن همَّه الكلام في العُلماء الربَّانيين وفي طلبة العِلم السائرين على نهجِهم.
فالقضيَّة ليست قضيَّة أن فلانًا يأتي ويتكلَّم ويجعجع الساعة والساعتَين! العلم: (قال الله .. قال رسوله)، أما الجعجعة والإلزامات الخطيرة التي بدأنا نراها من بعضِ المنتسِبين إلى العِلم؛ هذا أمر في غاية الخطورة؛ إما أن عنده إلزامات لا تَلزمُ ذلك المدَّعَى عليه، أو يكون في ذلك بترٌ لكلامِه، أو تحريفٌ لكلامه، أو تحميل لكلامِه ما لا يحتمل، أو إلزامُه بما لا يلزم، أو تشبيهه ببعض المنحرِفين عن الجادة ببعض المبتدِعة، أو دخولًا في نيَّته، وظنًّا سيئًا به، أو نحو ذلك.
انتبهوا!
هناك مشايخ ابتُلوا بالوُلوغ في أعراضهم من قِبَل بعض المُتزبِّبِين وبعض الجهلةِ والسفهاء، وقد يَتبعهم كثيرٌ من الرعاع فيضلون بذلك، وتتفرق كلمتُهم، ويأثمون في مشاركتهم هذا الجاهل أو هذا السَّفيه من الولوغ في أعراض طلبة العلم، أو العُلماء الربَّانيِّين.
فلنحذر من هذا! منهج السَّلف واضح.
أنا لا أعني بهذا -حتى لا يفهم أحدٌ خطأ-؛ لا أعني أننا لا نرد على المبتدعة!
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 609