نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 606
والأمر الثاني: البدءُ بما بدأ الله به، البدء بفهم العقيدةِ الصحيحة المستمدَّة من الكتابِ والسُّنَّة، والجد والاجتهاد في ذلك، وتقديم التوحيد على كلِّ شيء، فمَن لم يعرف التوحيدَ؛ لا يمكنُه أن يصلَ إلى برِّ النجاة، حتى ولو أدَّى سائر العبادات الأخرى -مئات السِّنين، أو آلاف السِّنين-.
فلا بُد من البدء بالتوحيد؛ {فَاعْلَمْ أنَّه لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ}، والجد والاجتهاد في تحقيق عبادة الله -عزَّ وجلَّ-، والإيمان به ربًّا وإلهًا ومعبودًا، والإيمان بأسمائه وصفاته، إثبات ما أثبته الله لنفسه، وما أثبته له رسولُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- من الأسماء الحسنى والصفات العُلى، وفهم ذلك وفق هدي الكتاب والسُّنَّة.
ثالثًا: أخذ العِلم عن العُلماء الربانيِّين الراسِخين في العلم، الذين يَنفون عن كتاب الله -جلَّ وعلا- تحريفَ الغالِين وانتِحال المُبطِلين وتأويل الجاهِلين.
قال الله -عزَّ وجلَّ-: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ}.
رابعًا: إن الحقَّ أحقُّ بالاتِّباع -حتى ولو خالفه النَّاس-، فلا ننظر إلى الكثرةِ؛ لأن أكثر الناس على ضلال -إلا مَن رحم الله-جلَّ وعلا-؛ قال الله -سبحانهُ وتَعالى-: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}، وقال -سبحانهُ وتَعالى-: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}، وقال -سبحانهُ-: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}.
فلنتنبَّه لهذا الأمر غايةَ التنبُّه.
والأمر الخامسُ: الجد والاجتهاد في العمل بما تعلَّمناه؛ لأن العملَ هو ثمرةُ العلمِ؛ بأن يطبِّق المسلمُ ما تفقَّه فيه وما تعلَّمه؛ فيكون بذلك قدوةً صالحة لغيره؛ {يَا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلونَ. كَبُرَ مَقتًا عندَ اللهِ أن تَقولُوا ما لا تَفْعَلونَ}.
والأمر [السادس]: التخلُّق بالأخلاق الفاضلة؛ فالخُلق العالية من طِباع المسلم؛ بل قدوتُنا في ذلك رسول الهدى -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، قال الله -عزَّ وجلَّ- في وصفِه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، قال رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «إنَّما بُعثتُ لأتممَ مكارم الأخلاق»، وأخبر -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- أن أقرب الناسِ منزلًا منه يومَ القيامة أحاسنُهم أخلاقًا.
الأمر [السابع]: التراحُم فيما بيننا والتعاطف والتآزُر والتكاتُف والتعاون على البِرِّ والتقوى، وأن نجتهد في ذلك، وأن يكون منطلقُنا من هذا التراحم، يرحم بعضُنا بعضًا، ويعطف بعضُنا على بعض، فنتعاون على البِر والتقوى، ونجتهدُ في ذلك؛ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، ويقول رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «مثلُ المؤمنين في تعاوُنِهم وتعاطُفِهم كمثَل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهرِ والحمَّى»، وهذا التعاوُن يكون في تطبيقِ الحقِّ والخيرِ، والجد والاجتهاد في ذلك.
والأمر [الثامن]: التناصح فيما بيننا وفق الضوابط الشرعيَّة، وانطِلاقًا من قول رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: «الدِّين النصيحة، الدِّين النصيحة، الدِّين النَّصيحة» قالوا: لمَن يا رسول الله؟ قال: «للهِ ولرسوله ولكتابِه ولأئمةِ المسلمين وعامَّتهم».
والنصيحةُ مقدَّمةٌ على الفضيحة.
النصحيةُ: أن تبذلَ وأن تسدي لأخيكَ النصح، وأن تجتهدَ في ذلك محبَّةً له، لأنك تحبُّ له ما تحبُّ لنفسِك، فإذا رأيتَه على خطأ، أو معصيةٍ، أو مخالفةٍ شرعية، أو بدعة؛ ابدأه بالنصح، ولا تبدأه بما قد يدعو إليه بعضُ من لم يفقه منهج السَّلف بأن تبدأه بالهُجران مباشرةً بدون رويَّة وبدون تثبُّت، ودون أن تعلمَ أمرَه، ودون أن تتحقَّق من أمرِه، وقبل أن تنصحَه؛ هذا مبدأ فاسِد مخالف لهدي النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-جملةً وتفصيلًا-.
وأن نجتهدَ في النُّصح، و [...] إخواننا النصحَ ابتغاء وجه الله -جل وعلا-، نُبين لهم الحق بدليله، نبيِّن له وجه الخطأ فيما أخطؤوا فيه، نتلطف معهم في ذلك؛ حتى يتضح لهم الحق، حتى تقام الحجَّة وتُزال الشُّبهة.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 606