responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 567
ـ[أم محمد]ــــــــ[27 - 06 - 2012, 06:28 م]ـ
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-:
"الدُّنيا سِجنُ المؤمن، وجنَّة الكافر" [صحيح مسلم 2956].

(قوله -صلى الله عليه وسلَّم-: "الدُّنيا سِجنُ المؤمن، وجنَّة الكافر" معناه: أن كل مؤمن مسجون مَمنوع في الدُّنيا مِن الشهوات المحرَمة والمكروهة، مكلَّف بفعل الطاعات الشَّاقة، فإذا مات استراح مِن هذا، وانقلب إلى ما أعد الله تعالى له من النَّعيم الدَّائم، والرَّاحة الخالصة من النُّقصان.
وأمَّا الكافر فإنَّما له مِن ذلك ما حصل في الدُّنيا مع قلَّته وتكديره بالمنغِّصات، فإذا مات صار إلى العذاب الدَّائم، وشقاء الأبد). [شرح النووي]

ـ[أم محمد]ــــــــ[27 - 06 - 2012, 06:30 م]ـ
[الدنيا خضرة حلوة]
(وقد وصف المال والدُّنيا بهذا الوصف في أحاديث كثيرة ...
وفي "المسند"-أيضًا- عن خولة بنت ثامر الأنصاريَّة: عن النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- قال: "إنَّ هذه الدُّنيا خضرةٌ حُلوة وإنَّ رجالاً يتخوضون في مال الله بغيرِ حقٍّ، لهم النار يوم القيامة" [1] ...
وفي "المسند" -أيضًا-: عن عائشة: عن النبي -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- قال: "إن هذه الدُّنيا خضرةٌ حلوة، ومَن آتيناهُ منها شيئًا بطيب نفسٍ أو طيب طعمة ولا إسراف؛ بورِك له فيه، ومَن آتيناهُ منها شيئًا بغير طيب نفس منا وغير طعمة وإسراف منه؛ لم يبارك له فيه" [2].
وفي المعنى أحاديث كثيرة).

[1] صحيح. أحمد (26773).
[2] صحيح لغيره ... "صحيح الترغيب" (839).
"لطائف المعارف" لابن رجب (428 - 429 - بتحقيق: عصام هادي) -بشيء من الحذف-.
ـ[أم محمد]ــــــــ[27 - 06 - 2012, 06:31 م]ـ
(وقوله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "إنَّ مِمَّا ينبتُ الرَّبيعُ يقتلُ حبطًا أو يُلمُّ إلا [آكلة] الخضر":
مثلٌ آخرُ ضربه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- لزهرةِ الدُّنيا، وبهجة منظرِها، وطِيبِ نعيمِها وحلاوتِه في النُّفوسِ:
فمثله كمثلِ نبات الرَّبيع، وهو المرعى الخضر الذي ينبتُ في زمان الرَّبيع؛ فإنه يُعجب الدوابَّ التي ترعى فيه، وتستطيبُه، وتُكثر الأكلَ منه أكثر من قدرِ حاجتها -لاستحلائِها له-.
فإمَّا أن يَقتُلَها فتهلك وتموتُ حبطًا -والحبط: انتفاخ البطن من كثرة الأكل-، أو يُقارب قتلها، ويُلم به؛ فتمرض منه مرضًا مخوفًا مقاربًا للموت.
فهذا مثل مَن يأخذ الدُّنيا بِشَره وجوع نفسٍ من حيث لاحت له، لا بِقليل يقنع، ولا بكثير يشبع، ولا يحلِّل، ولا يُحرِّم؛ بل هو المتخوِّض في مال الله ورسوله فيما شاءت نفسُه، وليس له إلا النارُ يوم القيامة -كما جاء في حديث خولة-المتقدِّم- ...
فلهذا شبَّه النبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- مَن يأخذها بغير حقِّها، ويضعها في غير حقِّها بالبهائم الرَّاعية من خضراء الرَّبيع حتى تنتفخ بطونُها من أكله، فإمَّا أن يقتلَها، وإما أن يقارِب قتلها.
فكذلك مَن أخذ الدُّنيا من غير حقِّها ووضعها في غير حقِّها: إما أن يقتله ذلك فيموت به قلبُه ودينُه، وهو من مات على ذلك من غير توبة وإصلاح حال فيستحق النار بعمله، قال -تعالى-: {والذين كَفروا يتمتَّعون ويأكُلون كما تأكلُ الأنعامُ والنَّارُ مثوًى لهم} [محمد: 12]، وهذا هو الميت حقيقةً، فإن الميت مَن مات قلبُه؛ كما قيل:
ليس مَن مات فاستراح بميتٍ ... إنَّما الميتُ ميتُ الأحياءِ
وإما أن يُقارب موته، ثم يعافَى، وهو مَن أفاق من هذه السكرةِ، وتاب، وأصلح عملَه قبل موته.
... وأمَّا استثناؤُه -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- من ذلك: "آكلة الخضر": فمُرادُه بذلك مثل المقتصد الذي يأخذ من الدُّنيا بحقِّها مقدار حاجته، فإذا فقد واحتاج عاد إلى الأخذ منها قدر الحاجة بحقِّه.
و"آكلة الخضر": دويبة تأكل من الخضر بقدر حاجتها إذا احتاجت إلى الأكل، ثم تصرفه عنها، فتستقبل عين الشمس فتصرف بذلك ما في بطنها، وتخرج منه ما يؤذيها من الفضلات.
وقد قيل: إن الخضر ليس من نبات الربيع عند العرب؛ إنما هو من كلاء الصيف بعد يبس العشب وهيجه واصفراره، والماشية من الإبل لا تستكثر منه؛ بل تأخذ منه قليلًا قليلًا، ولا تحبط بطونها منه.
فهذا مثل المؤمنِ المقتصد من الدنيا: يأخذ من حلالِها -وهو قليل بالنسبة إلى حرامِها- قدر بُلغته وحاجته، ويجتزئ من متاعها بأَدونه وأخشنه، ولا يعود إلى الأخذ منها إلا إذا نفد ما عنده، وخرجت فضلاتُه، فلا يوجب له هذا الأخذ ضررًا، ولا مرضًا، ولا هلاكًا؛ بل يكونُ ذلك بلاغًا له، ويتبلَّغ به مدة حياته، ويُعينه على التزوُّد لآخرتِه.
وفي هذا إشارةٌ إلى مدح من أخذ من حلال الدُّنيا بقدر بُلغته، وقنع بذلك، كما قال النبي -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "قد أفلح من هداه اللهُ إلى الإسلامِ وكان عيشه كفافًا، فقنع به" [1]، وقال -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "خيرُ الرزقِ ما يكفي" [2]، وقال: "اللهم اجعل رزقَ آل محمد قوتًا" [3].
خذ من الرزق ما كفى /// ومن العيشِ ما صفا
كلُّ هذا سينقضي /// كسراجٍ إذا انطفا
ثم قال -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "إن هذا المالَ خضرةٌ حلوة"، فأعاده مرة ثانية؛ تحذيرًا من الاغترار به، فخضرتُه بهجة [منظره]، وحلاوتُه طيب طعمه؛ فلذلك تشتهيه النفوسُ، وتُسارعُ إلى طلبه، ولكن لو فكرتْ في عواقبِه؛ لهربت منه!
الدنيا في الحال حلوةٌ خضرة، وفي المآل مُرَّةٌ كدرة، نِعمت المُرضعة، وبِئست الفاطمة!
إنَّما الدُّنيا نهارُ /// ضوؤُه ضوءٌ مُعارُ
بينما عيشُك غضٌّ /// ناعمٌ فيه اخضرارُ
إذ رماهُ زمناهُ /// فإذا فيه اصفِرارُ
وكذلك الليلُ يأتي /// ثم يمحوهُ النَّهارُ
مثلُ حرامِ الدُّنيا: كشجرةٍ الدفلى، تعجب من رآها، وتقتل من أكلها.
ترى الدُّنيا وزهرتَها فتصبُوا /// وما يخلو من الشهواتِ قلبُ
فُضول العيشِ أكثره همومٌ /// وأكثر ما يضرُّك ما تُحبُّ
إذا اتَّفق القليلُ وفيه سِلم /// فلا ترد الكثيرَ وفيه حربُ).

[1] صحيح ... "الصحيحة" (1506).
[2] حسن لغيره ... "الصحيحة" (1834).
[3] رواه البخاري (6460)، ومسلم (1055).
"لطائف المعارف" (429 - 432 - عصام هادي) -بشيء من الحذف-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 567
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست