نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 561
فيهِ بَيانُ أنَّ الطَّريقَ الأَعظَم لمعرفَةِ الله تعالَى هُو الوَحيُ الَّذي بَعثَ بهِ اللهُ تعالى أنبياءَه ورُسلَه، وأنزلَ به كُتُبَه، وهو سَبيلُ مَعرفةِ الله عَزَّ وجلَّ مَعرفةً تَفصيليَّةً بأسمائِه الحُسنَى وصِفاتِه العُلْيا، وأفعالِه المتضمِّنة للحِكمَةِ والعَدْلِ والرَّحمةِ.
ومَعرفةُ الله تعالى على قِسمَينِ: تَفصيليَّةٌ، وطَريقُها مَا سبقَ وهو الوَحيُ، ومَعرفةٌ إجماليَّةٌ، وطَريقُها:
ـ الفِطرةٌ: فكلُّ مَخلوقٍ مَفطورٌ على أنَّ له خَالقًا أَوجَدَه.
ـ ثمَّ العَقلُ: فالنَّظرُ والتَّفكُّرُ في مَخلوقاتِ الله تعالَى طريقٌ لمعرفَةِ الله عزَّ وجلَّ، وقد أمرَ الله تعالَى بِذلك عِبادَه في غَيرِ آيةٍ في القُرآنِ الكَريمِ.
وبهذا يُعلَمُ ما كانَ في جَوابِ النَّاظمِ رحمه الله تعالى مِن النَّقصِ، إذْ قالَ في جَوابِه:
فَالنَّظرُ وإن كانَ طَريقًا صحيحًا لمعرفةِ الله تعالى، إلَّا أنَّه لا يَصحُّ الاكتفاءُ به إذْ المعرفةُ الحاصلةُ مِنهُ مَعرفةٌ إجماليَّةٌ، ولهذا لَم تَقُم الحجَّةُ على الخلقِ إلَّا بإِرسالِ الرُّسلِ بِالوَحيِ، قالَ تعالى: ? رُسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى الله حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ? (سُورةُ النِّساءِ /الآية: 156).
وفي جَوابِ النَّاظم رحمه الله تعالى كَذلِكَ إيهامٌ بِاعتِقادِ المتكلِّمينَ الَّذينَ يَقولونَ: إنَّ أوَّلَ وَاجبٍ على المكلَّفِ هو النَّظرُ، أو القَصدُ إلى النَّظَرِ، أو الشَّكُّ، بَلْ إنَّ النَّاظِمُ قد صرَّحَ بذلك في بَعضِ كُتبِه، فجَوابُه هُنا مَبنيٌّ على مَا يَعتقِدُه في هذه المسأَلةِ.
وَالصَّحيحُ كما قَرَّرهُ أئمَّةُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ: أنَّ أوَّلَ وَاجبٍ على المكلَّفِ: النُّطقُ بِالشَّهادتَينِ، قالَ العَلَّامةُ ابنُ القَيِّمِ رحمه الله تعالى في (مَدَارِج السَّالِكين: 3/ 412): «ولِهذا كانَ الصَّحيحُ: أنَّ أوَّلَ وَاجبٍ علَى المكلَّفِ: شَهادةُ أن لا إِلَهَ إلَّا الله، لَا النَّظرُ ولا القَصدُ إلى النَّظرِ، ولا الشَّكُّ، كما هي أَقوالٌ لأَربابِ الكَلامِ المذمومِ» اهـ
وقَولي: «فَأَجَبْتُ:بِالوَحْيِ الصَّحِيحِ المُرْشِدِ»: فيهِ دَفعٌ لهَذا التَّوهُّمِ الحاصلِ في جَوابِ النَّاظمِ رَحمه الله تعالَى.
* للاستِزادَةِ والِاستِفادَةِ: رَاجِع شَرحَ الدَّاليَّةِ (ص: 47 ـ 49)، وفيهِ كَذلكَ ذِكرٌ لمراجِع مُهمَّةٍ في المسأَلةِ.
* تَنبيهٌ:
أشارَ في حَاشِيةِ الشَّرحِ إلَى أنَّه وَقعَ البيتُ في مَطبوعَةِ الشَّيخِ ابنِ مَانعٍ رحمه الله تعالَى هَكذا: (بِالنَّظْمِ) بِالميمِ، والمقصودُ مِنه كما ذَكرَ ابنُ مَانعٍ رحمه الله تعالَى: انتِظامُ العالَمِ على أَكمَلِ الوُجوهِ، وهُو يَرجِعُ إلى (النَّظرِ) المثبَتِ في النُّسخِ الأُخرَى، قالَ المعلِّقُ: «وما وَقعَ في مَطبوعةِ الشَّيخِ ابنِ مانعٍ لم أَرَه عندَ غَيرِه، واللهُ أعلَمُ» اهـ
* فائدةٌ في قولِه: «قَالُوا: بِمَا عَرَفَ المُكَلَّفُ رَبَّهُ؟»:
قالَ الشَّيخُ البرَّاكُ حفظه الله تعالى في شَرحِه (ص: 47): «(بِمَا): لَعلَّ الإشباعَ هُنا لِلوَزْنِ، وإلَّا فَالأَصلُ أنَّ (مَا) الاستفهاميَّةَ إذا دَخلَ عليها حَرفُ الجرِّ ـ كَاللَّامِ أو البَاءِ مَثلًا ـ تُحذَفُ أَلِفُها، فيُقالُ: بِمَ، ولِمَ» اهـ
ـ[محمد بن إبراهيم]ــــــــ[30 - 01 - 2012, 09:35 م]ـ
* فائدةٌ في قولِه: «قَالُوا: بِمَا عَرَفَ المُكَلَّفُ رَبَّهُ؟»:
قالَ الشَّيخُ البرَّاكُ حفظه الله تعالى في شَرحِه (ص: 47): «(بِمَا): لَعلَّ الإشباعَ هُنا لِلوَزْنِ، وإلَّا فَالأَصلُ أنَّ (مَا) الاستفهاميَّةَ إذا دَخلَ عليها حَرفُ الجرِّ ـ كَاللَّامِ أو البَاءِ مَثلًا ـ تُحذَفُ أَلِفُها، فيُقالُ: بِمَ، ولِمَ» اهجزاكم الله خيرًا، وبارك في جهودِكم.
تَثْبُتُ ألفُ (ما) في الخطّ مراعاةً لإثباتِها في النطقِ.
قال الشيخ عبد السلام هارون في قواعد الإملاء: ومن أثبتها في النطق أثبتها في الكتابة، كما في قراءة عكرمة وعيسى: {عمَّا يتساءلون}. اهـ
ـ[محمود محمد محمود مرسي]ــــــــ[31 - 01 - 2012, 06:11 ص]ـ
أخويَّ في اللهِ أبا إبراهيم، والمجد المالكي،
السَّلام عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، وبعدُ:
فقدْ قلْتُ في حذفِ ألفِ: (ما) الاستفهامية:
وَإِنْ تُجَرَّ مَا إِذَا يُسْتَفْهَمُ ... بِهَا فَحَذْفُ الْمَدِّ فِيها يَلْزَمُ
مَا لمْ يَكُ المَدُّ غَدَا مَطْلُوبا ... وَلمْ تُكَوِّنْ مَعَ: (ذا) ترْكِيبا
وَلمْ تَكُنْ في ضَرْبٍ اوْ عرُوضِ ... فرَسْمُهَا ثَمَّ مِنَ المفْرُوضِ
هذا ما نظمْتُه قدِيمًا، وقدْ تأمَّلْتُهُ الآنَ فوجدْتُه كُلَّه يرْجعُ إلى قولِ شيخِ المحققين عبدِ السَّلام هارون: (ومن أثبتَها في النطقِ أثبتَها في الكتابةِ) فرحمةُ اللهِ عليه؛ ما كانَ أعظمَه
ونحنُ إذا تأملْنا قوْلَ الكلوذاني:
قَالُوا: بِمَاعَرَفَ المُكَلَّفُ رَبَّهُ؟ وجدْنا أنَّ المدَّ في: (ما) مطلوبٌ؛ إذ هو ساكن الوتدِ المجموع؛ ومنْ ثمَّ وجبَ التلفُّظُ به، وإثباتُهُ رسمًا،
والسُّؤالُ الآن: هلْ يصِحُّ القَولُ بِأنَّ إثباتَ الألفِ هنا ضَرُورةٌ؟
هذا، واللهُ أعلمُ، والسَّلام
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 561