نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 549
46 - عزاه المصنف إلى مسلم وزاد النسائي, وجادَّة أهل العلم في الأحاديث المخرَّجة في الصحيحين كليهما أو أحدهما الاكتفاء بهما دون زيادة عليهما إلا لنكتة مقتضية لذلك, فإذا كان في غير الصحيحين زيادة لفظة, أو التنبيه على تفسير لفظة, أو بيان شيء مما يتعلق بالإسناد؛ زِيد العزو إلى خارج الصحيحين, ونَبِّه على المراد من زيادة العزو, وهذا مما لم يتفق للمصنف فإنه ذكر النسائي ولم ينبه على مقصوده من الزيادة.
وإلى هذه القاعدة أشرت بقولي:
كُلّ حدِيثٍ للصحيحين انتمى. . . فعزوه إليهما تحتما
كليهما أو واحد ولا يزاد. . . سواهما إلا لمعنى يستفاد
ومن أدمن النظر في تصرفات أهل العلم وجد ذلك, وانظر في تصرفات الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام تجد صدق ما ذكرت لك.
.
47 - عن حماد بن سلمة: «من طلب الحديث لغير الله تعالى مُكِرَ به».
أي أُخِذَ بحيلة على حين غفلة, فإن المكر يشتمل على الأخذ بحيلة, وإنما يقع على وجه المقابلة.
.
48 - عن بشر: «أوحى الله تعالى إلى داود: لا تجعل بيني وبينك عالِمًا مفتونًا فيصدك بسكره عن محبتي, أولئك قطاع الطريق على عبادي».
ووجه إيراد هذا الأثر بيان شؤم وشرر من طلب العلم لغير الله i ولو بلغ رتبة العالم, فإنه إذا فُتِنَ صارت له سُكْرَةٌ يقطع بها الطريق عن الله i , وهذا السُّكْر الذي يحل بالعالم المفتون ليس يراد به زوال العقل حقيقة, وإنما المراد به زوال العقل حكما, فإنه لا يزال في الصورة الظاهرة ذا عقل, لكنه في الحقيقة قد زال عقله باعتبار ما آل إليه أمره, من تعظيم الفتنة في قلبه, والفتنة المرادة هاهنا هي: فتنة القلب.
.
49 - (الباب الثاني: في آداب العالم في نفسه, ومراعاة طالبه ودرسه, وفيه ثلاثة فصول)
تقدم هذا الباب بترجمة أخرى, فقد سبق أن المصنف لما سرد أبواب هذا الكتاب, وعدَّ الباب الثاني قال: (الباب الثاني: في آداب العالم في نفسه, ومع طلبته ودرسه) والتراجم التي قدمها المصنف i في ديباجة الكتاب أفضل من التراجم التي نثرها في أثنائه, وابن جماعة كان معدودا من العلماء المبرِّزين في العقليات, وجادَّة العقل تقتضي دوام السلوك على ما انتهجه المرء, فإذا ذكر الإنسان في ديباجة كتابه شيئا فينبغي له أن يلتزمه في أثنائه, لكن حكم الله u على المخلوق بالسهو والنسيان والنقص يوقع في مثل هذا.
.
ـ[متبع]ــــــــ[14 - 05 - 2012, 11:54 م]ـ
50 - الفصل الأول في آدابه في نفسه , وهو اثنا عشر نوعًا:
أولها: (دوام مراقبة الله تعالى في السر والعلانية)
والمقصود بمراقبة الله: ملاحظته u التي أرشد إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث جبريل المخرَّج في الصحيحين من حديث أبي هريرة, وفي صحيح مسلم من حديث عمر, وفيه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له لما سأله عن الإحسان: «اعْبُدِ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ, فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»
.
51 - قال الشافعي: «ليس العلم ما حُفِظَ, العلم ما نَفَعَ».
أي ما أثمر في قلبك خشية الله i ونظير هذا ما صح عن ابن مسعود أنه قال: «العلم خشية الله». وذكر الخطيب البغدادي ~ في ترجمة معروف أنه ذُكِرَ عند أحمد فقال له ابنه عبدالله: إنه كان قليل العلم, فقال الإمام أحمد: وهل يراد من العلم إلا ما كان عند معروف, وقال – في رواية-: كان معه أصل العلم, خشية الله. فالمراد من العلم ما نفعك وقربك إلى الله i .
.
52- فرق أهل العلم رحمهم الله تعالى بين السكينة والوقار, فجعلوا السكينة متعلقة بالصورة المتعدية, كالحركات, وجعلوا الوقار متعلقا بالصورة اللازمة, كغض البصر وخفض الصوت, وهما مأمور بهما عند السعي إلى الصلاة, كذلك يؤمر بهما عند السعي إلى صلاة القلب, وهي طلب العلم.
.
53 - كتب مالك إلى الرشيد: «إذا علمت علمًا فَلْيُرَ عليك أثره وسكينته وسمته ووقاره وحلمه؛ لقوله هـ: «العلماء ورثة الأنبياء»».
أي فأنت في مقام عظيم, لأنك وارث للنبي - صلى الله عليه وسلم - فينبغي لك أن تتشبه بحاله.
.
54 - عن السلف: «حقٌّ على العالم أن يتواضع لله في سِرِّه وعلانيته, ويحترس من نفسه, ويقف عما أَشْكَلَ عليه.
ومعنى (يحترس من نفسه) أي يكون في صيانة لها من الخواطر التي تهجم عليها, فإن خواطر النفس من أشر الشرور, وأعدى الأعداء نفسك التي بين جنبيك, ومن مقامات صيانة القلب حراسته من الخواطر التي تعرض له, فمتى استقرت فيه أضرت به.
.
انتهى النوع الأول من الفصل الأول من باب آداب العالم في نفسه ومع طلبته ودرسه.
ـ[متبع]ــــــــ[18 - 05 - 2012, 11:55 م]ـ
56 - ثانيا [أي النوع الثاني] من آداب العالم في نفسه, هو: صيانة العلم, والمراد بصيانة العلم: حفظه عن كل ما يخالفه.
.
57 - من جملة ما يخالف العلم: حمله إلى غير أهله, فإن من إضاعة العلم حمله إلى غير أهله, وتعليمه لمن لم يكن له أهلا, وهذا معنى ما ذكره الزهري.
.
58 - حمل العلم إلى المتعلم يكون بشرطين اثنين:
أولهما: وجود حاجة أو ضرورة داعية, أو مصلحة مقتضية.
وثانيهما: صلاح النية, وسلامة القصد في حمل العلم إليه,.
.
59 - مما يندرج في هذا الجنس في زماننا حمل العالم العلم إلى مقاعد التدريس في المدارس والمعاهد والكليات, فإن هذا من جنس حمل العلم إلى المتعلمين, والحاجة دعت إلى ذلك.
.
60 - [النوع] الثالث من الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها العالم في نفسه , هو التخلق (بالزهد في الدنيا, والتقلل منها بقدر الإمكان الذي لا يضرر بنفسه أو بعياله)
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 549