نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 547
* وليس معنى هذه الجملة في قوله: "والعلماء حكام على الملوك": أن العلماء يتصرفون في الملوك؛ فإن العالم لا حيلة بيده؛ لأن حقيقة الملك التدبير, والتدبير إلى أهل السلطة, وإنما العالم يشير وينصح ويبين للملك, فإن قَبِلَ منه سَلِمَ وغَنِم, وإن أَبَى وتتابع ذلك منه كان ذلك من أسباب وَهَنِ الولاية وضعفها كما ذكره المصنفون في أبواب السياسة والحكم, قديما وحديثا.
وما عليه بعض الناس اليوم من جعل العلماء حكاما ومطالبتهم بذلك ليس عليه أثارة من علم الكتاب والسنة, فإن علم الكتاب والسنة لا يجعل العالم بهذه المنزلة, إذ هو من تصييره لشيء ليس بيده؛ فإن العالم لا يستطيع أن يتصرف بيده في إقامة معروف, أو إزالة منكر, وإنما يشير على الحاكم, فإذا أشار عليه ونصح برئت ذمته.
.
30 - وقال وهب: «يتشعب من العلم: الشرف وإن كان صاحبه دنيًّا، والعز وإن كان مهينًا، والقرب وإن كان قصيًّا، والغنى وإن كان فقيرًا، والمهابة وإن كان وضيعًا».
ووهب إذا أُطلق في كلام أهل العلم هو: وهب بن منبه الصنعاني أحد أعلام التابعين من أهل اليمن, وقد ذكر من فضيلة العلم أنه يُكسِب صاحبه شرفا وعزا وقربا وغنى ومهابة, وهذه الأشياء لا تراد لذاتها, فإن العلم إنما يراد لوجه الله, وإنما تقع تبعا, أما إذا كانت هي هم الطالب في طلبه فبئس ما طلب.
.
31 - وعن معاذ: «تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة».
وهذه اللفظة تصحيف, والصواب: "فإن تعلمه خشية"
.
32 - قال الفضيل بن عياض: «عالم مُعَلِّمٌ يُدْعَى كبيرًا في ملكوت السماء».
يعني: يُدْعَى معظما عند الله i وملائكته, فإن ملكوت السماوات يجمع وصف الرب i ووصف أهل السماء وهم الملائكة.
ومراد الفضيل بالعالم هنا: العالم العامل, فإنه لابد من اجتماع العلم إلى هذين المعنيين, فهو عالم معلم عامل؛ لأن التعليم فرع عن العمل, فإن التعليم من العمل بالعلم.
.
33 - وقال سفيان بن عيينة: «أرفع الناس عند الله منزلة: من كان بين الله وبين عباده, وهم الأنبياء والعلماء.»
ومقصوده بقوله: "من كان بين الله وبين عبادة" أي واسطة في البلاغ والبيان, هذا هو المعنى المتعيِّن دون غيره, فمن جعل الأنبياء والعلماء واسطة على غير هذا المعنى فقد ضلَّ, وإنما هم واسطة بلاغ, وبيان, كما بينه أبو العباس ابن تيمية في قاعدته المشهورة في هذا.
.
34 - وقال أيضًا- أي سفيان بن عيينة -: «لم يعط أحد في الدنيا شيئًا أفضل من النبوة، وما بعد النبوة شيء أفضل من العلم والفقه»، فقيل: عمن هذا؟ قال: «عن الفقهاء كلهم».
ويصدق هذا ما سلف من حديث أبي الدرداء عند الأربعة إلا النسائي, وإسناده حسن: أن النبي هـ قال: «الْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ» فهذا الذي ذكره سفيان شيء جليٌّ مستبينٌ بدلالة الشرع, ولما سئل ~ فقيل له: (عمن هذا؟) أي عمن تأثر هذا وتذكره, فقال: (عن الفقهاء كلهم) أي هو من العلم المستفيض الظاهر الذي لا يحتاج إلى نقل.
وقد روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن ابن جريج: "أن عطاء حدثه حديثا فقال ابن جريج: عمن؟ فقال: حديث مستفيض". وهذا الذي نذكره غير مرة من أن الدين العام منقول إلينا بالتواتر والشهرة التي لا تحتاج في بعض أفراده إلى نقل خاص , ومن جملة هذا: كون العلماء يقومون مقام الأنبياء, فإن هذا شيء مستفيض ظاهر,؛ ولهذا حكاه أبو محمد سفيان بن عيينة ~ عن الفقهاء جميعا.
.
35 - قال سهل: «من أراد النظر إلى مجالس الأنبياء فلينظر إلى مجالس العلماء, فاعرفوا لهم ذلك».
وسهل إذا أُطلِق فهو: سهل بن عبدالله التستري أحد المشهورين بالعلم والفضل والعبادة.
[معنى الأثر]: أي من أراد أن ينظر إلى مجالس الأنبياء التي يسمع عنها ولم يبصرها بعينيه, فلينظر إلى مجالس العلماء.
.
ـ[متبع]ــــــــ[12 - 05 - 2012, 09:24 م]ـ
36 - وقال الشافعي: «إن لم يكن الفقهاء العاملون أولياء الله فليس لله ولي».
والولاية هنا يراد بها: الولاية الخاصة التي تقتضي النصرة والتأييد والعناية واللطف, فليست هي ولاية عامة, فإن ولاية الله لعباده نوعان اثنان كما تقدم:
أحدهما: ولايته للمؤمنين جميعا.
والثاني: ولاية خاصة, وهي حظ خُلَّص المؤمنين, ومنهم: العلماء.
.
37 - عن ابن عمر: «مجلس فقه خير من عبادة ستين سنة».
وهذا الأثر لا يصح عن ابن عمر, وقد رُوي مرفوعا ولا يثبت أيضا, فلا يثبت مرفوعا, ولا موقوفا.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 547