responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 429
آلقربات تكفر الكبائر؟ أم تكفرها التوبة فقط؟
ـ[فريد البيدق]ــــــــ[15 - 05 - 2012, 09:28 م]ـ
"رسالة الأجوبة المصرية عن الأسئلة التونسية" للشيخ محمد بخيت المطيعي، ص125 - 142، مطبعة النيل بمصر، 1324هـ
...
قال الله تعالى: "فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ"، وقال تعالى: "إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ"، وقال تعالى: "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ"، وقال الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ"، وقال صلى الله عليه وسلم: "أتبع السيئة الحسنة تمحها". وقد جاء أيضا في بعض الأحاديث الصحيحة "غفران الذنوب بقيام رمضان احتسابا"، وفي بعضها "بقيام ليلة القدر احتسابا"، وفي بعضها "غفران الخطايا بالوضوء"، وفي بعضها "إن صوم يوم عرفة كفارة سنتين، وصوم عاشوراء كفارة سنة". ونحو ذلك من الأخبار كثير. وقد اتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي صغيرة كانت أو كبيرة واجبة على الفور، وقد اتفقوا أيضا على قبول التوبة متى وقعت مستوفية لشروطها وأنها تكفر السيئات كبيرة كانت أو صغيرة.
وإنما الخلاف في أنه تصح التوبة عن المعاصي إجمالا من غير تعيين الذنب المتوب عنه، ولو لم يشق عليه تعيينه أم لا؟ فالجمهور على أنها تصح، وخالف بعض المالكية، فقال: إنما تصح إجمالا فيما علم إجمالا، وأما ما علم تفصيلا فلا بد من التوبة منه تفصيلا. وكذلك الخلاف في وجوب التوبة على العاصي، فقال أهل السنة بالسمع، وقال المعتزلة بالعقل. وفي وجوب قبولها على الله تعالى عن ذلك بعد استجماع شروطها وعدم وجوبه، فقال أهل السنة: لا يجب قبولها على الله تعالى، وقالت المعتزلة: يجب عليه سبحانه قبولها عقلا. وقال إمام الحرمين: يجب قبولها سمعا ووعدا، لكن بدليل ظني؛ إذ لم يثبت في ذلك نص قاطع لا يقبل التأويل. وقال أبو الحسن الأشعري: بل بدليل قطعي. ومحل النزاع بين الأشعري وغيره فيما عدا توبة الكافر، أما هي فالإجماع على أنها مقبولة قطعا بالسمع؛ لوجود النص المتواتر بذلك كقوله تعالى: "قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ".
بخلاف ما جاء في توبة غيره؛ فإنه ظاهر فقط وليس بنص قاطع في غفران ذنوب المسلم بالتوبة كقوله تعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ" الآية.
وأما حديث "التوبة تجب ما قبلها" فليس بمتواتر، ولأنه إذا قطع بقبول توبة الكافر كان ذلك فتحا لباب الإيمان وسوقا إليه، وإذا لم يقطع بتوبة المؤمن كان ذلك سدا لباب العصيان ومنعا منه. وهذا وما قبله ذكرهما القاضي لما قيل له: إن الدلائل مع الشيخ أبي الحسن. وقال ابن عطية: إن جمهور أهل السنة على قول القاضي. والدليل على ذلك دعاء كل أحد من التائبين بقبول توبته، ولو كان مقطوعا به لما كان للدعاء معنى. ولا يخفى أن كل ذلك لا يعادل الدلائل القرآنية والحديثية التي تدل دلالة قاطعة على وعد الله تعالى عباده التائبين بقبول التوبة منهم، وأنه لا يخلف وعده. فالحق ما قال الأشعري. ودعاء كل أحد من التائبين بقبول توبته لعدم الجزم باستجماعها شروطها، أو لعدم وجوب قبولها عقلا. وسيأتي لهذا بقية فانتظر.
وقد اختلف العلماء في تكفير السيئات بالقربات؛ فنقل ابن عبد البر عن العلماء أن الصغائر هي التي تكفرها القربات دون الكبائر، لكن بشرط اجتناب الكبائر كما حكاه ابن عطية عن جمهور أهل السنة. واستدلوا على ذلك بما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم: "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينها ما اجتنبت الكبائر". وحملوا السيئات في الآيات ما عدا آية التوبة والخطايا والذنوب في الأحاديث على الصغائر فقط، وقالوا: إنما لم نحملها على ما يعم الكبائر؛ لوجوه: الأول- أن الكبائر لا تكفرها إلا التوبة ولا تكفرها القربات أصلا للإجماع على أن التوبة فرض على الخاص والعام؛ لقوله تعالى: "وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ"، ويلزم من
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 429
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست