responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 430
تكفير الكبائر بغير التوبة بطلان فرضيتها، وهو خلاف النص.
الوجه الثاني- أن الكبائر تشمل حقوق العباد، والإجماع على أن القربات لا تكفرها وإنما تكفرها التوبة بشروطها المعلومة المعتبرة.
الوجه الثالث- أننا لو قلنا: إن القربات تكفر السيئات سواء كانت من الكبائر أو الصغائر يلزم عليه الفساد، وهو عدم خوف الميعاد. الوجه الرابع- أن سبب نزول قوله تعالى: "إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ". يرشد إلى تخصيص الحسنة بالتوبة والسيئة بالصغيرة؛ فقد روى الشيخان "عن ابن مسعود أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر ذلك له، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلت الآية فدعاه فقرأها عليه، فقال رجل: هذه له خاصة يا رسول الله؟ فقال: بل للناس عامة"، ووجه الإرشاد إلى تخصيص الحسنة فيها بالتوبة هو أنه جاء تائبا، وليس في الحديث ما يدل على أنه صدر منه حسنة أخرى. ووجه الإرشاد إلى تخصيص السيئة بالصغيرة أن ما وقع منه كان كذلك؛ لأن تقبيل الأجنبية من الصغائر كما صرحوا به.
وقد اعترضوا على هذه الوجوه: أما على الوجه الأول فبأنا لا نسلم أنه يلزم من تكفير الكبائر بغير التوبة بطلان فرضيتها؛ لأن ترك التوبة حينئذ يكون من الذنوب المتجددة بعد التكفير السابق بالقربة؛ ألا ترى أن التوبة من الصغائر واجبة على ما نقل عن الأشعري. وحكى إمام الحرمين وتلميذه الأنصاري الإجماع عليه، ومع ذلك فجميع الصغائر مكفرة بنص الشارع وإن لم يتب فالتحقيق أن التوبة واجبة في نفسها على الفور، ومن أخرها تكرر عصيانه بتكرر الأزمنة كما صرح به الشيخ عز الدين بن عبد السلام. ولا يلزم من تكفير الله ذنوب عبد سقوط التكليف بالتوبة التي كلف بها مستمرا. وقد يجاب عن هذا بأن حكاية الإجماع على خصوص وجوب التوبة من الصغائر غير مسلم؛ فقد قيل: إن الواجب إما الإتيان بالتوبة أو بمكفر المعصية من الحسنة. نعم، الأصح وجوبها مطلقا، وبأن المصرح به في شرح الجوهرة أن التمادي على الذنب بتأخير التوبة منه معصية واحدة ما لم يعتقد معاودته. وصرحت المعتزلة بأنها واجبة على الفور حتى يلزم بتأخيرها ساعة إثم آخر تجب التوبة عنه، وساعتين إثمان، وهلم جرا. فالقول بتكرير العصيان على من أخرها بتكرير الأزمنة قول المعتزلة لا قول أهل السنة على هذا.
وقال المازري: اتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة، وأنها واجبة على الفور ولا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة. اهـ. فأنت ترى أن مقتضى عبارة المازري الوجوب على الفور مطلقا، لكن حكاية الاتفاق على وجوب الفور بالنظر إلى الصغيرة غير مسلمة؛ فإن قول اللقاني في جوهرة التوحيد:
ثم الذنوب عندنا قسمان * صغيرة كبيرة فالثاني
منه المتاب واجب في الحال
يقتضي أن وجوب الفور خاص بالكبيرة دون الصغيرة. وبعد هذا، كلام المازري يحتمل تكرار العصيان بالتأخير كما يقول المعتزلة، كما يحتمل أن التمادي على الذنب معصية واحدة ما لم يعتقد معاودته كما نسبه شارح الجوهرة لأهل السنة. فدعوى أن التوبة واجبة بنفسها على الفور مطلقا، وأن من أخرها تكرر عصيانه بتكرير الأزمنة- غير متفق عليها؛ فللفريق الآخر أن لا يسلمها. على أنه يمكن أن يحمل وجوب التوبة من الصغيرة على ما إذا لم تكفر بالقربة، فيكون الواجب أحدهما في الصغيرة دون الكبيرة؛ فإنها يتعين فيها التوبة لعدم حكاية خلاف في وجوبها منها عينا. وما ذاك إلا لأنها لا يكفرها إلا التوبة منها، وسيأتي لهذا زيادة إيضاح.
وأما على الوجه الثاني فبأن حقوق العباد مستثناة من الكبائر التي تكفرها القربات بالإجماع الذي ذكرتموه، وذلك لا ينافي أن غيرها من الكبائر تكفره القربات أيضا، فلا يتم ما ادعيتموه من أن شيئا من الكبائر لا تكفره القربات.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 430
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست