responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 428
زِلْزَالًا شَدِيدًا". اهـ.
ويريد بقوله: وعليه لا يلزم أن يكون الترك يوم الخندق نسخ ... إلخ- التعريض بمن قال: بمشروعية صلاة الخوف قبل الخندق، وأجاب عن الترك يوم الخندق بأنه نسخ بصلاة الخوف المشروعة قبله كما قدمه وإن كان جوابا باطلا في ذاته؛ لأنه لم يعهد أن المتقدم ينسخ المتأخر. وبعد هذا كله فما نقله عن بعض الأجلة ومال إليه قلبه إنما يفيد إذا ثبت أن قوله تعالى: "فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا"- نزل بعد يوم الخندق. وقوله تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ" الآية- نزل قبل يوم الخندق، وذلك لم يثبت بل ينافيه ما نقله قبل ذلك عن وضوح الشافعية أن الأصحاب يعني الشافعية قالوا: إن حرب الخندق كان قبل مشروعية صلاة الخوف. وكانوا قبل ذلك يؤخرون الصلاة في الحروب ثم يقضونها إلى أن نزل قوله تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ".
وينافيه أيضا الأحاديث المتقدمة التي استدل بها ابن حجر على أن أول ما صليت صلاة الخوف بعسفان؛ فإنها صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن آمنا من هجوم العدو، فتعين أن ألحق مشروعية صلاة الخوف بجميع كيفياتها بعد يوم الخندق.
وأما تأخير النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر والمغرب يوم الخندق فقد اختلف فيه الأئمة؛ فقالت طائفة: كان ذلك نسيانا، واستبعد أن يقع ذلك نسيانا من الجميع على أن سياق الروايات يأباه. وأما ما رواه أحمد من حديث أبي جمعة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب يوم الأحزاب، فلما سلم قال: هل علم رجل منكم أني صليت العصر؟ قالوا: لا يا رسول الله. ثم صلى المغرب"، فقال ابن حجر: في صحة هذا الحديث نظر؛ لأنه مخالف لما في الصحيحين من قوله صلى الله عليه وسلم لعمر: "والله، ما صليتها"، ويمكن الجمع بتكلف. اهـ.
وأقول: إن الطعن في الحديث بأنه مخالف لما في الصحيحين لا يكفي، بل لا بد أن يصرح الأئمة بغلطه، ولا يمكن الجمع، ولم ينقل عن أحد منهم أنه قال بعدم صحة هذا الحديث. والجمع ممكن هنا بلا تكلف؛ فقد ذكر أبو موسى بن عقبة في واقعة الخندق أن مدة الحصار كانت عشرين يوما، ولم يكن بينهم قتال إلا مراماة بالنبل والحجارة. وأصيب منها سعد بن معاذ بسهم، وكان سبب موته كما نقله ابن حجر نفسه، فيحمل ما رواه من حديث أبي جمعة على أنه كان في بعض أيام الخندق، وما في الصحيحين على أنه كان في بعض آخر. وقد جمع هو وغيره بذلك بين ما رواه الشافعي وغيره من أنه صلى الله عليه وسلم أخر الظهر والعصر والمغرب يوم الخندق. وما في صحيح البخاري من رواية عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أنه صلى الله عليه وسلم أخر يوم الخندق صلاة العصر وأنه صلاها بعد المغرب، فطريق الجمع كما قال النووي أن هذا كان في بعض أيام الخندق وذاك كان في بعض آخر، فلا تكلف في الجمع على هذا الوجه.
وقالت طائفة: كان التأخير عمدا، وهو ما تصرح به الروايات. وقد اختلفت هذه الطائفة؛ فقال فريق منها: كان التأخير للشغل بالقتال عن الصلاة، فلم يقدروا بوجه من الوجوه وهو مذهب الحنفية. وإليه جنح البخاري في صحيحه، ونزل عليه الآثار التي ترجم لها فيه. قال العيني: قال في الذخيرة: إذا اشتد الخوف صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلين القبلة أو غير مستقبليها. ولا يجوز بجماعة عند أبي حنيفة وأبي يوسف وابن أبي ليلى، وعن محمد: يجوز. وبه قال الشافعي. وإذا لم يقدروا على الصلاة على ما وصفنا أخروها، ولا يصلون صلاة غير مشروعة. اهـ.
وقال فريق آخر: إن التأخير كان لتعذر الطهارة، فلم يجدوا للوضوء سبيلا من شدة القتال، وهو مذهب المالكية والحنابلة؛ لأن الصلاة لا تبطل عندهم بالشغل الكثير في الحرب إذا احتيج إليه. وعلى ما ذهب إليه هذان الفريقان لا يكون حكم تأخير الصلاة منسوخا، بل يجوز التأخير للعجز عن الصلاة ولو بالإيماء أو للعجز عن الطهارة. ويندفع السؤال ويضمحل الإشكال، ويستوي إن كانت صلاة الخوف شرعت قبل يوم الخندق أو بعده. وقال فريق ثالث: إنهم كانوا قبل مشروعية صلاة الخوف يؤخرون الصلاة في الحروب، ثم يقضونها. إلى أن شرعت صلاة الخوف ونزل قوله تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ" الآية، فنسخ جواز التأخير في الحروب. وإليه جنح الشافعية. وعكس بعضهم، فادعى أن تأخيره صلى الله عليه وسلم للصلاة يوم الخندق دال على نسخ صلاة الخوف، قال ابن القصار: هو قول من لا يعرف السنن؛ لأن صلاة الخوف نزلت بعد الخندق، فكيف ينسخ الأول الآخر. اهـ. ويرده أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الخوف بعد يوم الخندق باتفاق الروايات في غزوة الطايف.
وعلى ما ذهب إليه الفريق الثالث إنما يرد السؤال إذا جرينا على قول ابن إسحاق وجمع من أهل السير من أن صلاة الخوف كانت مشروعة قبل الخندق. وقد علمت أن الحق خلافه، وأن صلاة الخوف لم تكن شرعت يوم الخندق، فزال السؤال واضمحل الإشكال على كل حال.

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 428
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست