نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 427
عليهم ميلة واحدة لأقطعناهم! فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك. قال: وقالوا: ستأتيهم صلاة هي أحب إليهم من الأولاد". فذكر الحديث. وروى أحمد والترمذي وصححه النسائي من طريق ابن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضبحان وعسفان، فقال: إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم" فذكر الحديث في نزول جبريل لصلاة الخوف. وروى أحمد وأصحاب السنن وصححه ابن حبان من حديث أبي عياش الزرقي قال: "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان، فصلى بنا الظهر وعلى المشركين يومئذ خالد بن الوليد. فقالوا: لقد أصبنا منهم غفلة. ثم قالوا: إن لهم صلاة بعد هذه هي أحب إليهم من أموالهم وأبنائهم. فنزلت صلاة الخوف بين الظهر والعصر، فصلى بنا العصر، ففرقنا فرقتين" الحديث، وسياقه نحو رواية زهير عن أبي الزبير عن جابر، وهو ظاهر في اتحاد القصة.
وقد روى الواقدي من حديث خالد بن الوليد قال: "لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية لقيته بعسفان، فوقفت بإزائه وتعرضت له. وصلى بأصحابه الظهر، فهممنا أن نغير عليهم، فلم يعزم لنا. فأطلع الله نبيه على ذلك فصلى العصر صلاة الخوف" الحديث، وهو ظاهر فيما قررته أن صلاة الخوف في عسفان غير صلاة الخوف بذات الرقاع، وأن جابرا روى القصتين معا. أما رواية أبي الزبير عنه ففي قصة عسفان، وأما رواية أبي سلمة ووهب بن كيسان وأبي موسى المصري عنه ففي غزوة ذات الرقاع وهي غزوة محارب وثعلبة.
وإذا تقرر أن أول ما صليت صلاة الخوف في عسفان وكانت في عمرة الحديبية وهي بعد الخندق وقريظة، وقد صليت صلاة الخوف في ذات الرقاع وهي بعد عسفان- فتعين تأخرها عن الخندق وعن قريظة وعن الحديبية أيضا، فيقوى القول بأنها بعد خيبر؛ لأن غزوة خيبر كانت عقب الرجوع من الحديبية.
وأما قول الغزالي: إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات- فهو غلط واضح، وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره. وقال بعض انتصر للغزالي: لعله أراد آخر غزوة صليت فيها صلاة الخوف. وهذا انتصار مردود؛ لما أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان من حديث أبي بكرة "أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف". وإنما أسلم أبو بكرة في غزوة الطائف بالاتفاق، وذلك بعد غزوة ذات الرقاع قطعا. اهـ. وأما تردد موسى بن عقبة كما سبق، فقال ابن حجر: لا حاصل له، بل الذي ينبغي الجزم به أنها يعني ذات الرقاع بعد بني قريظة؛ لأنه تقدم أن صلاة الخوف في صلاة الخندق لم تكن شرعت، وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع، فدل على تأخرها بعد الخندق. اهـ. وقال الكمال بن الهمام في فتح القدير: إن صلاة الخوف إنما شرعت في الصحيح بعد الخندق، فلذلك لم يصلها إذا ذاك. وقوله في المكافي: إن صلاة الخوف بذات الرقاع وهي قبل الخندق هو قول ابن إسحاق وجماعة من أهل السير في تاريخ هذه الصلاة وهذه الغزوة. واستشكل بأنه قد تقدم في حديث الخندق للنسائي التصريح بأن تأخير الصلاة يوم الخندق كان قبل نزول صلاة الخوف. ورواه ابن أبي شيبة وعبد الرزاق والبيهقي والشافعي والدارمي وأبو يعلى الموصلي، كلهم عن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه "حبسنا يوم الخندق" فذكره إلى أن قال: "وذلك قبل أن تنزل "فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا"، ثم قال الكمال: فالحق أن صلاة الخوف بالصفة المعروفة من الذهاب والإياب إنما شرعت بعد الخندق، وأن غزوة ذات الرقاع بعد الخندق. اهـ.
ونقل الألوسي عن بعض الأجلة أن لصلاة الخوف كيفيات، فهي باعتبار إحدى الكيفيات أعني ما تضمنه قوله تعالى: "وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ" الآية- مشروعة قبل يوم الخندق. وباعتبار ما تضمنه قوله تعالى: "فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا"- بعد الخندق. اهـ. ثم قال: والقلب إلى ما ذكره بعض الأجلة أميل، وعليه لا يلزم أن يكون الترك يوم الخندق نسخ لما قيل: إن المشروعة قبله مشروطة بأمن هجوم العدو ولم يكن ذلك اليوم؛ فقد كان الخوف في ذلك اليوم في غاية الشدة، كما يشير إليه قوله تعالى: "إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا"هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 427