نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 410
المسألة الثالثة: قال الشيخ - حفظه الله تعالى -: هذه العبارات التي ذكرها المصنِّف وغيره من الأصوليين في قولهم: " الأحكام هي: الواجب , والمندوب والمباح .... إلخ "
مَرَدُّها إلى فعل العبد فهي مُتعلَّق الحكم , وليستِ الحكمَ نفسَه , والحكم يتعلق بخطاب الشرع لا بفعل العبد.
فالحكم في الأول هو: الإيجاب , ومُتعلَّق الحكم بالنظر إلى فعل العبد هو: الواجب.
والحكم في الثاني هو: الندب , ومُتعلَّق الحكم الذي هو فعل العبد: المندوب.
وقل في الثالث: الإباحة , وفي الرابع: الحظر , وفي الخامس: الكراهة , وفي السادس: الصحة , وفي السابع: البطلان , فهذه هي الألقاب الموضوعة للدلالة على الحكم باعتبار صدوره من الآمر والناهي وهو: الله – سبحانه وتعالى -.
وأما ذكره باسم: الواجب والمندوب والمكروه .. إلخ , فهو ذِكر له باعتبار تعلقه بالعبد والحكم يضاف إلى الله لا إلى المخلوق المحكوم عليه المخاطب بالأمر والنهي.
وجمهور ألفاظ الأصوليين في الدلالة على الأحكام الشرعية بعيد عن الألفاظ التي اختارها الشرع؛ فـ " الإيجاب " ليس هو اللفظ المختار في الشرع للدلالة على مقصوده , بل اللفظ المختار شرعا هو: " الفرض " وعِوَض الندب فيه [أي الشرع]: " النفل " وقد جاء في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – عند البخاري عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: " أن الله – عز وجل – قال: وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه .. " الحديث
فجُعِل: " الفرض " و " النفل " في الشرع اسماً دالا على ما سماه الأصوليين: " الإيجاب " و " الندب " وجُعِل في خطاب الشرع: " التحليل " و " التحريم " عِوَض " الإباحة و " الحظر " , فعوض " الإباحة " " التحليل " , وعوض " الحظر " " التحريم " , ومنه قوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام)
فلأحكام التكليفية باعتبار الوضع الشرعي هي: الفرض , والنفل , والتحليل , والتحريم , والكراهة , فإن الكراهة وقعت في الشرع على مثل ما ذكره الأصوليين.
ومنه قوله – صلى الله عليه وسلم -: (إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهارة) رواه أبو داود وغيره , وهو حديث صحيح.
ـ[متبع]ــــــــ[29 - 05 - 2012, 04:47 م]ـ
المسألة الرابعة: قال الشيخ - حفظه الله تعالى -: عرَّف المصنِّف – رحمه الله تعالى – الأحكام بحسب كونها متعلِّقة بفعل العبد , وهو متعلَّق الحكم لا الحكم نفسه , فقال: (فالواجب: ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه , والمندوب: ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه)
وقوله في كُلٍّ: (ما يثاب على فعله) متعقب بأنه لا يلزم وجود الإثابة عند قوع الفعل , بل ربما تختلف لمانع , ومنه حديث بعض أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم – عند مسلم: (من أتى عرفا فسأله لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة) فإن فاعل الصلاة فَعَلَ فعلا يثاب عليه , لكن تختلفت للإثابة لمانع.
وكذلك قوله في " الواجب ": (ويعاقب على تركه) إذ لا يلزم من الترك وجود الإثابة , فإن الله – عز وجل – قد يغفر لمن يشأ ولا يعاقبه على ترك الواجب.
ـ[متبع]ــــــــ[29 - 05 - 2012, 05:02 م]ـ
المسألة الخامسة: قال الجويني - رحمه الله تعالى -: (والمحظور ما يثاب على تركه ويعاقب على فعله. والمكروه: ما يثاب على تركه ولا يعاقب على فعله).
قال الشيخ - حفظه الله تعالى -: ويرد على قوله قي كُلٍّ: (ما يثاب على تركه) بأنه لا يلزم وجود الإثابة عند وجود الترك , بل ربما تخلفت لمانع.
وكذلك قوله في " المحظور ": (ويعاقب على فعله) لا يلزم من الفعل وجود المعاقبة؛ فإن الله – عز وجل – قد يغفر لمن يشاء ولا يعاقبه على فعل المحظور.
ـ[متبع]ــــــــ[29 - 05 - 2012, 07:49 م]ـ
المسألة السادسة: قال الجويني - رحمه الله تعالى -: (المباح ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه).
قال الشيخ - حفظه الله تعالى -: قد يخرج المباح عن هذا لأحد شيئين:
أولهما: عائد إلى المباح نفسه بالمبالغة فيه وتعاطي فضوله.
فإن تعاطي فضول المباح لا يقال فيه: " يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه " , بل فضول المباح منهي عنه؛ لما ينتج عنه إضعاف العبودية , كما حققه أبو العباس ابن تيمية الحفيد , وتلميذه ابن القيم.
والآخر: عائد إلى خارج عنه , كـ: قصد فاعله؛ فإنه ربما فعل أحدٌ المباحَ بنية صالحة فأُجر عليها ثوابا حسنا , وربما آخر بينة فاسدة فعوقب عليها.
ما هو ضابط " فضول المباح "؟
ما زاد عن حاجة العبد.
ـ[متبع]ــــــــ[30 - 05 - 2012, 05:56 ص]ـ
المسألة السابعة: قال الجويني - رحمه الله تعالى -: (والصحيح: ما يتعلق به النفوذ ويعتد به. والباطل: ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به).
قال الشيخ - حفظه الله تعالى -: هذا هو أثر الحكم الوضعي لا الحكم الوضعي نفسه.
الحكم الوضعي هو: الخطاب الشرعي الطلبي المتعلِّق بوضع شيء علامة على شيء.
وأنواعه ثلاثة: وضع شرط , وضع سبب , ووضع مانع.
وما عُبِّرَ به في أثر الحكم الوضعي من ذكر النفوذ بإطلاق بحيث يشمل العبادات , والعقود متعقَّب بأن النفوذ لا يتصور في العبادات , فذكره فيها فيه نظر.
لأن النفوذ هو: التصرف الذي لا يقدر متعاطيه على رفعه.
فمثلا: إذا اتفق اثنان على بيع وشراء , ثم افترقا صار العقد نافذا لا يمكن الرجوع عنه إلا بإقالة من المشتري.
أما العبادة فلا يقال: إن وقوع العبادة يمكن للعبد التصرف فيه بحيث يكون الجزاء لازما لله واجبا عليه , فلا يستطيع – سبحانه وتعالى – أن يجعله متخلفا عن فعل العبد , لأن قبول الأعمال ليس مناطا بفعلها , وإنما مناط باجتماع الشروط وانتفاء الموانع , كما قال ابن سعدي في نظمه:
وَلا يَتِمُّ الحُكْمُ حَتَّى تَجْتَمِعْ ... كُلُّ الشُّرُوطِ والمَوَانِعْ تَرْتَفِعْ
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 410