responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 343
قال الحافظ ابن حجر _ عند ذكر فوائد القصة-:"فمنَّ عليه لشدّة رغبة النبي -صلى الله عليه وسلم- في استئلاف الكفار ليدخلوا في الإسلام، ولم يؤاخذه بما صنع بل عفا عنه ... وفي الحديث فرط شجاعة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقوة يقينه وصبره على الأذى وحلمه عن الجهال" ([5] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn5)).
وهاهنا ثلاثة أمور مهمة:
أولها: أن النُّصرة الواجبة على ولي الأمر لا تظهر مصلحتها ولا يتحقق وقوعها إلا بالشجاعة والسماحة؛ فالشجاعة بوحدها تفضي إلى التهور والاندفاع؛ والسماحة بوحدها تفضي إلى الذُّل والخضوع.
الثاني: أن الشجاعة تارة تسبق السماحة، وتارة أخرى قد تتأخر عنها؛ وهذا كله منوط بالاقتدار والمصلحة.
الأمر الثالث: أن كل ما كان من باب الحدود والعقوبات الشرعية، أو المناصرة بالقوة العسكرية، أو المدافعة بالسيف ونحوها فهو موكول إلى نظر الإمام واجتهاده، ولا يجوز الافتئات عليه في أيّ حال من الأحوال.
فينبغي إذن على من ينهض بواجب النّصرة والنّجدة من أئمة المسلمين أن يتصف بالبذل والإيثار، ويتخلّق بالسّماحة والصبر، ويتميّز بالشجاعة والإقدام، ويأمر بالعدل والإحسان، ويتحرى اتباع الكتاب والسنة، ويعتني بمقاصد الشريعة، ويحرص على البطانات الناصحة، ويكثّر من المشاورات النافعة.

الأصل الثاني: تخيير الأئمة في هذا الباب تخيير مصلحة لا تخيير شهوة.
ثمة فرق ظاهر بين قاعدة تخيير الأئمة، وقاعدة تخيير آحاد المكلفين ([6] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn6)), فإذا خُيّر الإمام بين أمرين، فعليه أن يختار ما فيه مصلحة للمسلمين؛ فيكون اختياره مبنيًا على الاجتهاد والمصلحة لا على المشيئة والشهوة.
أمّا تخيير آحاد الناس فيختلف بحسب نوع التخيير؛ فقد يكون تخييرًا بين واجبين، أو بين مباحين؛ فيختار أرجحهما تارةً, وأيسرهما تارة أخرى، وقد يكون اختياره اختيار تشهي؛ كما في اختيار الولد لأحد أبويه في الحضانة، وقد جاء في حديث عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: [ما خير رسول الله r بين أمرين إلا واختار أيسرهما ما لم يكن إثما؛ فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه] ([7] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn7)).
وقد حمل بعض العلماء معنى التخيير في هذا الحديث على ما كان من أمر الدنيا ([8] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn8))؛ وحمله علماء آخرون على الأخذ بالأيسر والأرفق في كل أمر فيه تخيير ما لم يكن حرامًا أو مكروهًا ([9] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn9)).
والأيسر والأرفق في باب نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- أو في باب التعامل مع الكفار والمشركين أن يختار الإمام ما فيه مصلحة للإسلام؛ فأيسر الأمرين في هذا الباب أكثرهما مصلحة وأقلهما مفسدة.
قال أبو العباس القرافي رحمه الله -عند كلامه على الفرق بين قاعدة الأئمة وقاعدة آحاد الناس في التخيير-: "وأما التخيير بين الخصال الخمس في حقِّ الأسارى عند مالك رحمه الله ومن وافقه، وهي القتل والاسترقاق والمنّ والفداء والجزية، فهذه الخصال الخمس ليس له فعل أحدها بهواء، ولا لأنها أخف عليه، وإنما يجب عليه بذل الجهد فيما هو أصلح للمسلمين" ([10] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn10)).
وقد تضافرت أدلة الشريعة على أن الإمام إذا خُيّر بين أمرين عند تعامله مع الكفار؛ فعليه أن يختار الأصلح للمسلمين؛ كما في حادثة الأسرى؛ فقد اختار النبي –صلى الله عليه وسلم- الفداء وشاور أصحابه: فكان رأي أبي بكر الصديق –رضي الله عنه- الفداء أيضًا، وكان رأي عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قتل الأسرى؛ فنزل قوله تعالى: [مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآَخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {الأنفال:67}.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 343
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست