نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 342
ـ[أبو الأزهر]ــــــــ[29 - 10 - 2012, 10:15 م]ـ
الضابط الثامن: تصرفات الإمام في - باب النُّصرة - منوطة بالمصلحة.
وهذا الضابط يُبحث في أصلين:
الأصل الأول: النّصرة التامة لا تتحقق إلا باقتران السماحة بالشجاعة:
لا يصلح أمر الدين والدنيا، ولا تحفظ ثغور المسلمين، ولا تصان بيضة الإسلام إلا بأن يجمع إمام المسلمين – في سلوكه وخططه وتراتيبه – بين الشجاعة والسماحة؛ فهو لا يعان على رعاية السياسة وتنفيذ الأحكام وتطبيق الحدود وحراسة الملة إلاّ إذا كانت سياسته في الملك ومعاملته مع الخلق مبنيةً عليهما معاً؛ ليحصل من اجتماعهما الوسطية والاعتدال في النُّصرة من غير تهور ولا جبن.
ولا يتردد القلم أن يخط حقيقة تاريخية وشرعية وهي: أن الأمة لم تنتفع بشيء مثلما انتفعت بالسّماحة المكيّة والشجاعة المدنيّة حتى صارت الشهامة السُّلطانيّة خادمةً للسّماحة الإسلامية وقائمة عليها بالرعاية والحفظ، وقد جمع نصٌّ قرآنيٌّ بينهما؛ فقال تعالى: [وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ , وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ , وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ البَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ] {الشُّورى:37 - 39}؛ فجمعوا بين العفو والمغفرة لأعدائهم، وبين الانتصار عليهم؛ وقدم السّماحة على الشجاعة؛ لأن الآية مكية؛ فتحصل الكمال من اقترانهما؛ قال العلامة السّعدي رحمه الله -معلّقاً على الآيات-: "فوصفهم بالإيمان، والتوكل على الله، واجتناب الكبائر والفواحش الذي تكفر به الصغائر، والانقياد التام، والاستجابة لربهم، وإقامة الصلاة، والإنفاق في وجوه الإحسان، والمشاورة في أمورهم، والقوة والانتصار على أعدائهم، فهذه خصال الكمال قد جمعوها، ويلزم من قيامها فيهم، فعل ما هو دونها، وانتفاء ضدها" ([1] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn1)).
والحاجة إلى الشجاعة والسماحة حاجة عامة لكل الخلق وخاصة لولاة الأمر؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-:" هذا عام في ولاة الأمور وفي الرعية إذا أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر؛ فعليهم أن يصبروا على ما أصيبوا به في ذات الله كما يصبر المجاهدون على ما يصاب من أنفسهم وأموالهم، فالصبر على الأذى في العرض أولى وأولى؛ وذلك لأن مصلحة الأمر والنهي لا تتم إلا بذلك وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ويندرج في ذلك ولاة الأمور فإن عليهم من الصبر والحلم ما ليس على غيرهم كما أن عليهم من الشجاعة والسماحة ما ليس على غيرهم لأن مصلحة الإمارة لا تتم إلا بذلك" ([2] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn2)).
وانظر – يا رعاك الله – كيف أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قد اتصف وتخلّق بالشجاعة والسماحة معاً في موضع الاعتداء عليه؛ فعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-ما- قال: [إنه غزا مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قبل نجد فلما قفل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قفل معه فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاه فنزل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وتفرق الناس في العضاه يستظلون بالشجر ونزل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- تحت سمرة فعلق بها سيفه قال جابر: فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يدعونا فجئناه فإذا عنده أعرابي جالس فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا فقال لي: من يمنعك مني قلت: الله. فها هو ذا جالس ثم لم يعاقبه رسول الله –صلى الله عليه وسلم-] ([3] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn3)).
وفي رواية أن النبي –صلى الله عليه وسلم-[عرض عليه الإسلام: قال: أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلى سبيله قال فذهب إلى أصحابه قال: قد جئتكم من عند خير الناس] ([4] (http://www.ahlalloghah.com/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=33176#_ftn4)).
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 342