نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 341
الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه؛ فقال [اغفر لقومي] كما يقول الرجل لمن يشفع عنده فيمن يتصل به: هذا ولدي؛ هذا غلامي؛ هذا صاحبي؛ فهبه لي" ([43] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn43)).
لذلك كانت معاملة النبي –صلى الله عليه وسلم- للمشركين بمكة معاملة عفوٍ وإحسانٍ لا معاملة تشفٍّ وانتقامٍ؛ كما في حديث عروة أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي –صلى الله عليه وسلم- حدثته أنها قالت للنبي –صلى الله عليه وسلم-: [هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة ـ وفي الحديث ـ: فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا] ([44] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn44)).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ـ معلقاً على الحديث-: "وفي هذا الحديث بيان شفقة النبي –صلى الله عليه وسلم- على قومه، ومزيد صبره وحلمه، وهو موافق لقوله تعالى: [فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ] {آل عمران:159} وَقَوْله [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] {الأنبياء:107} ... " ([45] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn45)).
وإذا شرع العبد بالدفاع عن نبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- في أي صورة من صور الدفاع فلا بد من إظهار الرحمة؛ إذ مصلحة الانتصار له لا تقوم إلا بأن تقترن النّصرة بالرحمة؛ فالنصرة وسيلة والرحمة غاية، وبهما يتحقق التوسط بين الإفراط والتفريط، وبهما يكون الاعتدال بين برودة القلب ويبوسته؛ لذلك استعمل الرعيل الأول مع المشركين وأهل الكتاب كل سبيل موصل إلى نجاتهم وهدايتهم، وأعانوهم على تحصيل مصالح الدارين؛ فكان ذلك من مظاهر الرحمة والخيرية؛ حتى صارت محاربة المؤمنين للمشركين داخلة في معنى الرحمة والإحسان والفضل؛ كما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: [عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل] ([46] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn46))
وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام ابن الجوزي في شرح الحديث؛ فقال: "معناه أنهم أسروا وقيدوا، فلما عرفوا صحة الإسلام دخلوا طوعا فدخلوا الجنة، فكان الإكراه على الأسر والتقييد هو السبب الأول" ([47] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn47))
وقد جاء عن الصحابي الجليل أبي هريرة -رضي الله عنه- في تفسير قوله تعالى: [كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ] {آل عمران:110} , قَالَ: [خير الناس للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام] ([48] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn48)).
فلا تتمُّ مصلحة الانتصار لنبي الرحمة، ولا تتحقق مقاصد الدين إلا بالرحمة الحقيقية المبنية على العلم والهدى، لا على الجهل والهوى.
([21]) الترمذي برقم (1450)، والترمذي برقم (2492)، وصححه الألباني في تحقيقه على مشكاة المصابيح برقم (3601).
([22]) رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/ 105)، وانظر: نصب الراية، للزيلعي (3/ 343)، وحاشية كتاب اعتبار المآلات للسنوسي، فقد ساق شواهده، أنظرها هناك (ص153).
([23]) انظر كتاب اعتبار المآلات ومراعاة نتائج التصرفات، لعبد الرحمن السّنوسي، (ص152 ـ 153).
([24]) إعلام الموقعين (3/ 138).
([25]) تفسير الطبري (21/ 550).
([26]) الاستقامة (1/ 40).
([27]) مجموع الفتاوى (6/ 26).
([28]) مفاتيح الغيب (13/ 345).
([29]) إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم (5/ 103)
([30]) تفسير الطبري (21/ 130).
([31]) الفروسية، لابن القيم (ص186).
([32]) معالم التنزيل، للبغوي (3/ 73).
([33]) الفروسية، لابن القيم (ص186).
([34]) تيسير الكريم الرحمن (ص\464).
([35]) زاد المعاد (3/ 225_ 226).
([36]) إعلام الموقعين (2/ 178_ 179).
([37]) انظر: التحرير والتنوير، لابن عاشور (9/ 220).