responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 340
عليه مفوضاً إليه بريا من الحول والقوة إلا به فله من الخذلان وضعف النصرة بحسب ما قام به من ذلك" ([36] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn36)).

الضابط السابع: وجوب إظهار (مقصد الرحمة) في موضع الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
يلحظ المتتبع لموارد الانتصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- في القرآن والسيرة النبوية أنها لم تخلو من إبراز جانب الرحمة؛ فحتى شدته -صلى الله عليه وسلم- بالكفار ومعاقبته لهم كانت مشوبةً بالرحمة؛ فشدته عليهم شفقة،، وعفوه عنهم إحسان، ومعاقبته لهم عدل، وقتاله لهم رحمة؛ فكان مقصد الرحمة ملازماً للنبي -صلى الله عليه وسلم- في المسالمة والمحاربة، وفي المصابرة والمدافعة، وهو من عمومات الشريعة وكلياتها وعوائدها الثابتة المستقرة؛ فأضحت البعثة النبوية من أولها إلى آخرها رحمة للمسلم والكافر؛ كما قال تعالى: [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ] {الأنبياء:107}؛ فمقصد الرحمة يظهر في مظهرين: الأول: تخلق نفسه الزكية بخلق الرحمة، والثاني: إحاطة الرحمة بتصاريف شريعته ([37] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn37)).
فما من أحدٍ من الناس إلاّ وله حظ من هذه الآية؛ كما يقول ابن القيم -معلّقاً عليها-: "وأصح القولين في قوله تعالى: ? وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ?؛ أنه على عمومه وفيه على هذا التقدير وجهان:
أحدهما: أن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته أما أتباعه فنالوا به كرامة الدنيا والآخرة، وأما أعداؤه فالمحاربون له عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم، لأن حياتهم زيادة لهم في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة وهم قد كتب عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم في الكفر، وأما المعاهدون له فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته وهم أقل شراً بذلك العهد من المحاربين له، وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهلهم واحترامها وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوارث وغيره، وأما الأمم النائية عنه فإن الله سبحانه رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض فأصاب كل العالمين النفع برسالته.
الوجه الثاني: أنه رحمة لكل أحد لكن المؤمنون قبلوا هذه الرحمة فانتفعوا بها دنيا وأخرى، والكفار ردوها فلم يخرج بذلك عن أن يكون رحمة لهم لكن لم يقبلوها لهذا المرض فإذا لم يستعمله المريض لم يخرج عن أن يكون دواء لذلك المرض" ([38] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn38)).
وقد ثبت عن حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- أنه قال: لقيت النبي -صلى الله عليه وسلم- في بعض طرق المدينة فقال: [أنا محمد وأنا أحمد وأنا نبي الرحمة ونبي التوبة وأنا المقفي وأنا الحاشر ونبي الملاحم] ([39] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn39)) .
قال العلامة عبد الرؤوف المناويُّ – شارحاً الحديث-:" ووجه كونه نبي الرحمة ونبي الحرب إن الله بعثه لهداية الخلق إلى الحق وأيده بمعجزات؛ فمن أبى عذب بالقتال والاستئصال، فهو نبي الملحمة التي بسببها عمت الرحمة وثبتت المرحمة" ([40] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn40)).
وقد ظهر مقصد الرحمة - جلياً- في موضع الانتصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- من المشركين والردّ عليهم؛ كما جاء في حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: (كأني أنظر إلى النبي r يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ([41] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn41)).
وقد علّق الإمام ابن القيم - رحمه الله- على هذا الحديث بالقول: "وتأمل حال النبي الذي حكى عنه نبينا أنه ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم عنه ويقول: [اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون] ([42] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn42)) ، كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات من الإحسان قابل بها إساءتهم العظيمة إليه:
أحدها: عفوه عنهم.
والثاني: استغفاره لهم.
الثالث: اعتذاره عنهم بأنهم لا يعلمون.
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 340
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست