responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 339
أعدائه، والأبصار البصائر في دينه" ([33] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn33)).

الضابط السادس: النصرة لا تتحقق إلا ببذل الواجب والمستحب من الدين بحسب الإمكان.
عندما يتحزّب أهل النفوس اللئيمة على نبي الهدى محمد -صلى الله عليه وسلم- ويظهرون ما أكنته ضمائرهم من الشّر والحسد يدرك أهل العلم والإيمان وأصحاب البصيرة والعرفان – بفضل الله ورحمته- أنّ أقوى أسباب الانتصار وأعظم خطط الدفاع هي أنْ يرجع المسلمون إلى دينهم ويراجعوا واقعهم ويحاسبوا أنفسهم ويتعاملوا مع النازلة بفقه واتباع، وأنْ يبحثوا عن الأسباب الشرعية للنُّصرة ليصلوا إلى حقيقتين ثابتتين:
إحداهما: أنّ كمال النُّصرة في كمال الطاعة.
والثانية: أنْ ليس للمبطل الجاني صولةٌ وجولةٌ وحراكٌ إلا عند غفلة أهل الحقّ؛ كما قال تعالى في سياق أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يدعوَ ربه النّصر التام: [وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا , وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا] {الإسراء:80 - 81}.
يقول العلامة عبد الرحمن بن ناصر السّعدي:" هذا وصف الباطل، ولكنه قد يكون له صولة وروجان إذا لم يقابله الحق، فعند مجيء الحق يضمحل الباطل، فلا يبقى له حراك، ولهذا لا يروج الباطل إلا في الأزمان والأمكنة الخالية من العلم بآيات الله وبيناته" ([34] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn34)).
فالانتصار للنبي -صلى الله عليه وسلم- والدفاع عنه والذب ّ عن سنته لا تكون مجدية مالم يحرص المسلمون على الالتزام بدينهم والصبر على طاعة ربهم في السراء والضراء، ومقابلة العدو بترك الذنوب والإقلاع عن المعاصي وهجر الشرك والبدع؛ والاصطفاف للمدافعة والمناصرة خلف راية الكتاب والسنة ونبذ الفُرقة والاختلاف؛ يقول ابن القيم -رحمه الله- عند الكلام على طريقة المؤمنين في استجلاب النصر -:" لما علم القوم أن العدو إنما يدال عليهم بذنوبهم وأن الشيطان إنما يستزلهم ويهزمهم بها وأنها نوعان تقصير في حق أو تجاوز لحد، وأن النّصرة منوطة بالطاعة؛ قالوا: [رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا] {آل عمران:147}؛ ثم علموا أن ربهم تبارك وتعالى إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم لم يقدروا هم على تثبيت أقدام أنفسهم ونصرها على أعدائهم فسألوه ما يعلمون أنه بيده دونهم وأنه إن لم يثبت أقدامهم وينصرهم لم يثبتوا ولم ينتصروا فوفوا المقامين حقهما مقام المقتضي وهو التوحيد والالتجاء إليه سبحانه ومقام إزالة المانع من النصرة وهو الذنوب والإسراف " ([35] (http://www.ahlalloghah.com/showthread.php?p=33174#_ftn35)).
فمن طلب الانتصار لنبي الرحمة -صلى الله عليه وسلم- طلب وسائل شرعية ومقاصد سامية فلا سبيل له في تحقيق ذلك وتكميله إلا بأن تكون نصرته بالله ولله وفي الله، ويجتهد في عبادة ربه وطاعته بما أمكن، ويحرص على الاقتداء بالكتاب والسنة، ويتحرى العلم والعدل في معاملته للخلق؛ يقول ابن القيم- أيضا-:" فإذا قام العبد بالحق على غيره وعلى نفسه أولا وكان قيامه بالله ولله لم يقم له شيء ولو كادته السماوات والأرض والجبال لكفاه الله مؤنتها وجعل له فرجا مخرجا، وإنما يؤتى العبد من تفريطه وتقصيره في هذه الأمور الثلاثة أو في اثنين منها أو في واحد؛ فمن كان قيامه في باطل لم ينصر وإن نصر نصراً عارضاً فلا عاقبة له وهو مذموم مخذول وإن قام في حق لكن لم يقم فيه لله وإنما قام لطلب المحمدة والشكور والجزاء من الخلق أو التوصل إلى غرض دنيوي كان هو المقصود أولا والقيام في الحق وسيلة إليه فهذا لم تضمن له النصرة، فإن الله إنما ضمن النصرة لمن جاهد في سبيله وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا لمن كان قيامه لنفسه ولهواه فإنه ليس من المتقين ولا من المحسنين وإن نصر فبحسب ما معه من الحق، فإن الله لا ينصر إلا الحق وإذا كانت الدولة لأهل الباطل فبحسب ما معهم من الصبر والصبر منصور أبداً فإن كان صاحبه محقاً كان منصوراً له العاقبة وإن كان مبطلاً لم يكن له عاقبة، وإذا قام العبد في الحق لله ولكن قام بنفسه وقوته ولم يقم بالله مستعيناً به متوكلاً
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 339
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست