نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 330
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يكافئ من نصره ولو كان كافراً كما جاء في السيرة؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما انصرف عن أهل الطائف ولم يجيبوه إلى ما دعاهم إليه من تصديقه، بعث إلى المطعم بن عدي فأجابه على ذلك ثم تسلح المطعم وأهل بيته وخرجوا حتى أتوا المسجد، ثم بعث إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن ادخل؛ فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فطاف بالبيت وصلى عنده، ثم انصرف إلى منزله.
وقد ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الفعل كما أخرج البخاري عن محمد بن جبير عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في أسارى بدر: [لو كان المطعم بن عدي حيًا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له] ([20] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn20)).
وقد دلّ هذا الحديث على ثلاث فوائد:
أولها: جواز الدخول في جوار الكافر عند الحاجة.
الثانية: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يكافئ المحسن إليه بإحسانه، وإن كان كافرًا ([21] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn21)).
الفائدة الثالثة: أن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- من الإحسان الذي يحفظ للكافر ويكافأ عليه.
ومن هذا النوع من الإحسان ـ أيضًا ـ تخفيف العذاب الأُخروي على الكافر بسبب نصرته للنبي -صلى الله عليه وسلم- ومعونته للدين؛ كما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب –رضي الله عنه- قال للنبي -صلى الله عليه وسلم-: [ما أغنيت عن عمك؛ فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار] ([22] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn22)).
خامساً: الانصراف عن نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- مع القدرة التامة شعبة من النفاق.
الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ونصرة ما جاء به من الحقّ علامة على صدق الإيمان والبراءة من النفاق ودلالة على المحبة الصادقة؛ فليس بمحبٍ على الحقيقة من يتمكن من نصرة محبوبه ثم لا ينصره ولا يتأذى مما يتأذى منه؛ لهذا كانت نصرة الله ورسوله شرطاً في الإيمان وطريقاً لبلوغ الصديقية؛ كما قال تعالى: [لِلْفُقَرَاءِ المُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ] {الحشر:8}.
والصديق لا يكون متحقّقا بالصديقية إلا بالنُّصرة والمدافعة؛ لهذا كان السابقون الأولون عريقين في الصديقية قاموا بأعبائها والتزموا بلوازمها؛ فنصروا نبيهم بكل ما يمكن شرعاً أن يبذل للمحبوب المتبوع؛ فهذا صديق الأمة أبو بكر -رضي الله عنه- قد كمّل مرتبة الصديقية بالنُّصرة والهجرة؛ كما في حديث عروة بن الزبير قال: [سألت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ شيء صنعه المشركون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- , قال بينا النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ] {غافر:28} الآية] ([23] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn23)).
وقد كانت صحبة أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- للنبي -صلى الله عليه وسلم- صحبة نصرة وهجرة معاً من أول الدعوة إلى آخرها؛ كما قال تعالى: [إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] {التوبة:40}.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 330