نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 328
قال القاضي هذا التأويل باطل يدفعه قوله: (اعدل يا محمد , واتق الله يا محمد) , وخاطبه خطاب المواجهة بحضرة الملأ حتى استأذن عمر وخالدٌ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- في قتله فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه فهذه هي العلة" ([7] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn7)).
أي: هذا من قبيل التعليل بالمانع؛ فإن المقتضي للعقوبة قائم لكن قد قام مانع يمنع الحكم؛ وقد تكرر هذا المعنى – أيضاً- في قصة عبد الله بن أبي سلول لما قال: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)؛ فقال عمر -رضي الله عنه-: (ألا نقتل يا رسول الله هذا الخبيث؟)؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: [لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه] ([8] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn8)).
ثالثا: الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نوع من أنواع الجهاد في سبيل الله -تعالى-:
يجزم من له نظر في أدلة الشريعة ومواردها أن الجهاد جنس تحته أنواع؛ وهو كلمة جامعة لاستفراغ الوسع في مدافعة العدو وهو ثلاثة أضرب: مجاهدة العدو الظاهر كالكفار؛ ومجاهدة الشيطان؛ ومجاهدة النفس ([9] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn9)).
ويدخل الدفاع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بأي وسيلة شرعية كانت في الجهاد الشرعي، بل هو من أعظم أنواعه وأشرف صوره؛ فالمدافع مجاهد في سبيل الله؛ وقد قال تعالى: [لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] {الحديد:25}؛ فالآية صريحة في بيان أن من مقاصد الجهاد وإنزال الحديد نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.
قال ابن كثير - رحمه الله- في تفسيرها:" وقوله: [وَأَنزلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ] أي: وجعلنا الحديد رادعًا لمن أبى الحق وعانده بعد قيام الحجة عليه؛ ولهذا أقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة توحى إليه السور المكية، وكلها جدال مع المشركين، وبيان وإيضاح للتوحيد، وتبيان ودلائل، فلما قامت الحجة على من خالف شرع الله الهجرة، وأمرهم بالقتال بالسيوف، وضرب الرقاب والهام لمن خالف القرآن وكذب به وعانده ... وقوله: [وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ] أي: من نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسله، [إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ] أي: هو قوي عزيز، ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض" ([10] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn10)).
لهذا قرنت الآيات القرآنية بين الجهاد والنُّصرة في غير موضع؛ كما قال تعالى: [وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آَوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ المُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ] {الأنفال:74}.
قال الشنقيطي- رحمه الله- في تفسيرها:" فذكر المهاجرين بالجهاد بالمال والنفس، وذكر معهم الأنصار بالإيواء والنصر، ووصف الفريقين معاً بولاية بعضهم لبعض، وأثبت لهم معاً حقيقة الإيمان [أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا]، أي الصادقون في إيمانهم فاستوى الأنصار مع المهاجرين في عامل النصرة وفي صدق الإيمان" ([11] (http://www.ahlalloghah.com/newthread.php?do=postthread&f=15#_ftn11)).
والجهاد في نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم- لا سيما عند تكالب الأعداء والمنافقين على النيل منه ومن سنته درجة عظيمة ومنزلة كبيرة؛ كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:" إن نصر رسول الله فرض علينا؛لأنه من التعزير المفروض؛ ولأنه من أعظم الجهاد في سبيل الله، ولذلك قال سبحانه [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآَخِرَةِ
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 328