نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 322
والآخر: عدم تمحضه في السوء.
فمتى وجد الشرطان؛ جاز الأخبار عن الله سبحانه وتعالى , هذا مُحصَّلُ ما أفاده أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالى في كلام له طويل في " درء العقل والنقل " يجمع أطرافه الشرطان اللذان ذُكر.
2. الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لاختصاص الشارع بالله سبحانه وتعالى. فإن الشرع لم يأتَ مضافا في الكتاب والسنة إلا مضافا إلى الله عز وجل.
3. الأوامر والنواهي تتعلق أمرا ونهيا بالمصلحة والمفسدة.
المراد بالمصلحة المنفعة , والمراد بالمفسدته المضرة.
الحكم بالمنفعة والمضرة بالنظر إلى العبد , لا بالنظر إلى المعبود سبحانه وتعالى , فإن الله لا تنفعه طاعة الطائعين , ولا تضره معصية العاصين , فهو مستغن عنهم جميعا , وإنما التعبير بهما بحسب ما يتعلق بالعبد.
4. الأوامر الشرعية نوعان:
أحدهما: أوامر مصلحتها خالصة.
والآخر: أوامر مصلحتها راجحة.
والمناهي الشرعية نوعان:
أحدهما: مناهٍ مفسدتها خالصة.
والآخر: مناهٍ مفسدتها راجحة.
والمراد بكونها خالصة؛ أي متمحضة في ذلك.
والمراد بكونها راجحة؛ أي يغلب فيها أمر المصلحة أو المفسدة.
5. اختلف أهل العلم في وجود خلوص المصلحة أو المفسدة , من أن كل مأمورا به يشتمل على شيء من المفاسد , وكل منهي عنه يشتمل على شيء من المصالح.
فمنع هذا جماعة من أهل العلم.
والتحقيق أنه بالنظر إلى ما أمر به أو ما نهى عنه , فيمكن وجود خلوص , وأما بالنظر إلى لواحقه فيتعذر.
مثاله: الصيام لا يقع إلا بمشقة غالبا؛ فبالنظر إلى الصيام المأمور به؛ هو مصلحة خالصة؛ لأن الشرع أمر بها , وبالنظر إلى لواحقها مما يلحق العبد من العنت والمشقة يكون مشتملا على تلك المفسدة.
وهذا تأليف بين القولين.
من أن القائلين بالمصلحة أو المفسدة الخالصة ,نظرهم إلى المأمور به , أو المنهي عنه نفسه.
وأن القائلين بوجود الرجحان دون الخلوص؛ فنظرهم إلى اللواحق التي تتبع المأمور به , أو المنهي عنه.
هذا فصل القول في المسألة تبيانا وإيضاحا.
ويعلم منه أنه لا يوجد شيءٌ من المصالح والمفاسد يقع به التساوي؛ لانتهاء المصالح إلى خالصة أو راجحة , وانتهاء المفاسد إلى خالصة أو راجحة؛ فلا يقع حينئذ شيء تتساوى فيه المصالح أو المفاسد.
وإليه ذهب أبو عبدالله ابن القيم والشاطبي رحمهما الله تعالى , وفيه نظر؛ إذ إمكان التساوي هو بنظر المجتهد , لا بحسب ما يتعلق به الحكم فما تعلق به الحكم يتعذر فيه ذلك , وأما باعتبار نظر المجتهد؛ فهو ينظر إلى مصالح تكافئها مفاسد في الشيء نفسه؛ فحينئذ إذا ذُكِرَ تساوي المصالح والمفاسد فالمراد به بحسب نظر المجتهد , لا بحسب ما تعلق به الحكم.
6. الأصول والفروع لها معنيان:
أحدهما: أن الأصول ما لا يدخله الاجتهاد , والفروع ما يدخله الاجتهاد.
والآخر: أن الأصول هي المسائل الاعتقاديات , وأن الفروع هي المسائل الطلبيات.
والمعتَدُّ به شرعا: هو المعنى الأول؛ فالأصول لا يدخلها الاجتهاد ولا تقبله؛ سواء كانت في باب الخبريات أو الطلبيات , وأما الفروع فيدخلها الاجتهاد وتقبله سواء كانت في باب الخبريات أو الطلبيات.
وأما المعنى الثاني - الذي يخصُّ الأصول بالاعتقاديات الخبرية , والفروع بالطلبيات العملية -؛ فهذا معنى باطل مخالف لدلائل القرآن والسنة , وهو الذي قصد إلى إبطاله أبو العباس ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في " أعلام الموقعين " وجعلاه من مبتكرات المعتزلة التي دَرَجت؛ فداخلت علوم أهل السنة والجماعة.
7. الحقُّ: اسم لما لزم ووجب.
الحقوق التي تلزم العبد نوعان:
أحدهما: حق لله عز وجل.
والآخر: حق للعباد.
فإن قيل: كيف أثبتنا حقا للعبد , وهو يرجع إلى أمر الله؛ فيكون حقا لله!؟
الجواب: أن ما عُدَّ للعباد أُفرد بذكر لتعلقه بهم أصالة , مع كونها مأمورا به أو منهيا عنه بطريق الشرع.
8. [هل يقال القياس أم الميزان]؟
.. الميزان , لأن القياس يكون منه صحيح وفاسد , وأما الميزان فلا يكون إلا صحيحا؛ فإذا دخله الفساد لم يسمى ميزانا , وهو الوارد في خطاب الشرع وإلى هذا أشار ابن القيم في " أعلام الموقعين ".
فالأصل الرابع من أدلة الأصوليين يسمى الميزان لا القياس لأمرين:
أحدهما: اقتفاء الخطاب الشرعي , وهو الوراد في قوله تعالى: (الله الذي ينزل الكتاب بالحق والميزان).
الآخر: اختصاص الميزان بالصحة دون الفساد , بخلاف القياس المحكوم عليه بالصحة والفساد.
تم المجلس الثاني ولله الحمد
ـ[متبع]ــــــــ[10 - 11 - 2012, 10:01 ص]ـ
المجلس الثالث
1.القاعدة الثانية: الوسائل والزوائد لها أحكام المقاصد.
تتضمن القاعدة ثلاثة أمور:
أحدها: المقاصد وهي الغايات من الأحكام المرادة بالأمر والنهي.
وثانيها: الوسائل وهي الذرائع الموصلة إلى المقاصد.
وثالثها: الزوائد وهي ما يجري تتميما للفعل أمرا ونهيا.
فمتى كان المقصد مأمورا به فإن الوسيلة والزائدة مأمورا بهما , ومتى كان المقصد منهيا عنه فإن الوسيلة الزائدة منهي عنهما على تفصيل في ذلك , وبيان التفصيل المراد أن الزائد المتعلق بالمنهي لا يكون حكمه حكم وسيلته ولا مقصده بإطلاق؛ بل ذكرنا أن الزائد المنهي له أحوال:
أحدهما: أن يخرج من المنهي عنه على إرادة التوبة , فهذا يثاب في الزائد.
وثانيهما: أن يخرج في الزائدة بلا قصد توبة , فهذا لا يثاب ولا يعاقب.
ومثلنا له بمن يحتسي الخمر في حانة فخرج منها , فإن كان خروجه لانتهائه من الشرب فهذا لا يثاب ولا يعاقب , وإن كان خروجه لإرادة التوبة فهذا يثاب على مشيه خروجا لإرادته التخلص من الإثم.
2. (فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب , وما لا يتم المسنون به فهو مسنون) هذه القاعدة مقيَّدة بما في وسع المكلف أشار إليه محمد الأمين الشنقيطي في مذكرة الأصول.
فمثلا: (الوضوء وسيلة للمقصد) وهو في وسع المكلف فيكون واجبا , و (دخول الوقت وسيلة لأداء الصلاة) إلا أنه ليس في وسع المكلف فلا يكون واجبا.
تم المجلس الثالث ولله الحمد
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 322