نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 263
الأولى: أن يستدل بالخلاف نفسه، والثانية: أن يأتي بأدلة عامة ليست قطعية الدلالة، قال الشوكاني: وقد استدل القائلون بوجوب الخروج على الظلمة ومنابذتهم بالسيف ومكافحتهم بالقتال بعمومات من الكتاب والسنة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا شك ولا ريب أن الأحاديث التي ذكرها المصنف في هذا الباب وذكرناها أخص من تلك العمومات مطلقا، وهي متواترة المعنى كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة ...)
فأما الطريقة الثانية-أعني الاستدلال بالأدلة العامة-، فقد ذكرت أكثر من مرة أن القول الآخر يخالف النصوص الصريحة، فلم يبق إلا أن أذكر ما قد يظن أنه استدلال صحيح ... وهم لا يستدلون بالخلاف استدلالا صريحا، وإنما يقولون: هذا مما اختلف فيه الناس، وقد نسب هذا القول إلى بعض السلف الصالح، فهو إذن مما يسوغ فيه الاختلاف، ولا يجوز الإنكار فيه على المخالف! هذا مع أن بعضهم لا يتحاشى من أن ينبذ أهل السنة القائلين بتحريم الخروج بقوله: إنهم عباد الطواغيت!
الحاصل أني ذكرت كلام ابن عبد البر تتميمًا لما قد يستدل به المخالفون في المسألة.
هذا مما لا يخفى علىَّ ... ويظهر لي أنك أخطأتَ في فهم كلامي، أو لعلي لم أفصح عن مرادي بكلام صريح.
قلتُ من قبل " إنَّ وِلايةَ الْمُتَغَلِّبِ اغتصابٌ لِلْحُكْمِ بالقُوَّةِ والْقَهْرِ، والْغَصْبُ ليس طريقا شَرْعِيًّا لاكتساب الحقوق "، وأعني بذلك أنَّ مَنْ قهر الناس بسيفه وجلس على الكرسي لا يستحق أن يُسَمَّى إماما شرعيا، لأنه غاصبٌ قبل التغلب وبعد التغلب! فالإمامة لم تنعقد له من طريق شرعي ... ولكن له حكم الإمام للضرورة، والضرورة تُقَدَّرُ بقدرها.
فالخلاف ليس في بطلان شرعية الحاكم الغاصب قبل التغلب، وإنما في شرعيته بعد التغلب ... لأني أفهم من كلامك أنك لا تنزله منزلة الضرورة، وإنما هو - بعد التغلب - إمام شرعي كالإمام الذي اختارته الأمة، يعني أنَّ الإمامة التي انعقدت من طريق غير شرعي ... صارت مثل الإمامة التي انعقدت من طريق شرعي!!
وهذا الإمام الغاصب مفارقٌ للجماعة قبل تغلبه، فلو لم يتغلب ومات ... لكان ممن (مات ميتة جاهلية)، ولكن لأنه لم يمت، ولأنه استطاع أن يقهر الناس بسيفه للجلوس على كرسي السلطة ... استحق بتغلبه لقب الإمامة الشرعية! وصار أصلاً لا ضرورة! هذا ما تقوله ... بارك الله فيك.
الحق أنك الذي لم تفهم كلامي لأني لم أقل بعدم شرعية ولاية المتغلب أصلا، وأنت من ظن هذا أول الأمر.
وأما أنا فأفهم من كلامك أن الإمام المتغلب حاكم غير شرعي أو هو ليس مثل الحاكم الذي تولى بطريقة شرعية!
وأسألك ما الدليل من الكتاب أو السنة على أنه ليس مثل الإمام الذي تولى بطريقة شرعية من حيث الحقوق والواجبات؟
وما الدليل على أنه ينزل منزلة الميتة التي تقدر بقدرها؟
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[13 - 01 - 2013, 10:33 م]ـ
سددنا الله وإياكم، ووفقنا لما يحبه ويرضاه.
اللهم آمين. بارك الله فيك.
المقصود أن من السلفِ من يقول بأقوال تخالفُ صريح الكتاب والسنة كبعض المسائل التي نسبت لأبي حنيفة وغيره، فهل تصنف هذه المسائل عند التحقيق على أنها مذهب السلف!
وهل وجدتني أقول من قبلُ إنَّ الخروج بالسيف على أئمة الجور هو مذهب السلف؟!! لعلك تدقق النظر في كلامي ... بارك الله فيك.
وأما كلام ابن حجر، فيُفهم منه أنه مذهبٌ لبعض السلف لا للسلف كلهم! وهذا مما لا يحتاج إلى بيان، وكنتُ قد نقلتُ كلام الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في أول منازعةٍ لي في هذا الحديث، وهو يقول بأن هناك طائفة أخرى من الصحابة ومن بعدهم من التابعين ... ترى الخروج بالسيف على أئمة الجور إذا لم يُقدر على إزالة المنكر إلا بذلك.
فإذا كنتَ ترى أنَّ الحسين ومَنْ معه مِنْ أهل المدينة، وابن الزبير ومن معه ... وغيرهم ممن خرج على أئمة الجور ليسوا من السلف! فإننا لن نتفق على شيء بعد هذا ... فدعوى القول بإجماع السلف على الخروج على الحاكم الجائر منقوضة بثبوت رأي مجيزي الخروج من الصحابة والتابعين ...
أسألك الآن سؤالا:
هل تثبتُ أن الخروج بالسيف على أئمة الجور كان مذهبا أو رأيا أو قولا - سمه ما شئتَ - لبعض السلف؟
بل كلامي متعلق بالإجماع أيضًا، ولعل فيه تفسيرًا لكلام كثير من أهل السنة ممن نقل الإجماع في المسألة، إذ ليس مرادهم نفي الخلاف بمرة ...
كلامك هذا لم يقله كاتب هذا الحديث - بارك الله فيه -، فالذي يقول بالإجماع ... يلزمه التفصيل والبيان. وأضعف الإيمان أن نقول إنَّ مسألة الخروج على الحاكم الجائر من المسائل التي (انقرض!) وجود الخلاف فيها، واستقر الأمر بعد ذلك على حرمة الخروج.
ثم نناقش بعد ذلك: متى وكيف ولماذا حدث هذا الاستقرار؟ ولعل استقراء علة المنع هو المهم ... لأن هذا مما يذكره الفقهاء كثيرا في كتبهم.
وهذا الموضوع لن يعطى حقه في هذا المقام، فلعلنا لا نقحمه في حديثنا الآن ... بارك الله فيك.
أغلب المتكلمين في هذه المسألة لا يخرج استدلالهم عن حالين ... وهم لا يستدلون بالخلاف استدلالا صريحا، وإنما يقولون: هذا مما اختلف فيه الناس، وقد نسب هذا القول إلى بعض السلف الصالح، فهو إذن مما يسوغ فيه الاختلاف، ولا يجوز الإنكار فيه على المخالف! هذا مع أن بعضهم لا يتحاشى من أن ينبذ أهل السنة القائلين بتحريم الخروج بقوله: إنهم عباد الطواغيت!
!
لا تؤاخذني بكلامٍ يقوله زيد وعمرو ... نحن نتحدث عن العلماء المجتهدين، وهؤلاء قد يختلفون في هذه المسألة، لاختلافهم في فهم النصوص الشرعية المتعلقة بمسألة الخروج على الحاكم الجائر، وبعضهم يجمع بين النصوص بأنَّ الأمر منوط بالمصلحة والمفسدة، وكلام المعلمي الذي نقلتُه من قبل يُبيِّنُ ما أقول: " هذا والنصوص التي يحتج بها المانعون من الخروج والمجيزون له معروفة، والمحققون يجمعون بين ذلك بأنه إذا غلب على الظن أن ما ينشأ عن الخروج من المفاسد أخف جدا مما يغلب على الظن أنه يندفع به جاز الخروج وإلا فلا، وهذا النظر قد يختلف فيه المجتهدان ".
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 263