نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 258
أما ما ذكرته تعليقًا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أراد أن ينصح لذي سلطان في أمر ..... " فقد كان ابن عباس رضي الله عنه إذا قال للناس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، فقالوا: لكن أبا بكر قال كذا ...
- أما خبر أبي سعيد الخدري مع مروان فإن مخالفة مروان إنما وقعت في حضور أبي سعيد رضي الله عنه فوجب عليه التبيين وإلا ظنه الناس مقرًّا، ولو كان أبو سعيد - رضي الله عنه- يرى الإنكار على الأمراء علانية عموما لأنكر في سائر المخالفات التي لا تكاد تحصى، ثم إنه لما أنكر عليه ولم يستجب سكت وأمسك.
قولي: " فإذا كان يُرجى من الإنكار علانية تحقيق مصلحة راجحة، من حصول خير وإزالة شر، فلا حرج في ذلك ... "، المقصود أنه لا يُقال بجواز الإنكار علانية بإطلاق، ولا يُقال بالتحريم بإطلاق ... وهذا ما يدل عليه فعل السلف في الإنكار على الحكام.
ويُستدل لهذا أيضا بالحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه: {مَا كَانَ مِنْ نَبِيٍّ إِلا كَانَ لَهُ حَوَارِيُّونَ يَهْدُونَ بِهَدْيِهِ، وَيَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِهِ، ثُمَّ يَكُونُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ، وَيَعْمَلُونَ مَا تُنْكِرُونَ، مَنْ جَاهَدَهْمُ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ}.
قال ابن رجب (جامع العلوم والحكم 2/ 248): " وهذا يدل على جهاد الأمراء باليد. وقد استنكر الإمامُ أحمد هذا الحديث في رواية أبي دواد، وقال: هو خلاف الأحاديث التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بالصبر على جَور الأئمة، وقد يُجاب عن ذلك: بأن التغيير باليد لا يستلزم القتال. وقد نص على ذلك أحمد أيضا في رواية صالح، فقال: التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح، وحينئذٍ فجهاد الأمراء باليد أن يزيل يبده ما فعلوه من المنكرات، مثل أن يريق خمورهم أو يكسر آلات الملاهي التي لهم، ونحو ذلك، أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان له قدرة على ذلك، وكل هذا جائز، وليس هو من باب قتالهم، ولا من الخروج عليهم الذي ورد النهي عنه ... ".
وكل هذا من الإنكار علانية ... وليس المراد بالإنكار سب الحاكم المسلم، وقذفه، وشتمه ... وإنما إنكار المنكر، والمطالبة بالعدل، ونصرة المظلومين ... ثم إنَّ أخاك لم يقل بالجهر بالإنكار في كل حال، وهذا ما يُفهم من خبر أبي سعيد الخدري مع مروان، وخبر عمار بن رؤيبة مع بشر بن مروان، وخبر كعب بن عجرة مع عبد الرحمن بن أم الحكم ... والأخبار في هذا الباب أكثر مِنْ أن تحصى. والكلام الذي نقلتُه عن النووي يوضح ما أردتُ ... وليست المسألة اتباع قول زيد وعمرو وطرح (قال الله، وقال الرسول)! ولكننا نجتهد في فهم النصوص الشرعية كما فهمها سلفنا الصالح رضوان الله عليهم.
قال سيد بن حسين العفاني (زهر البساتين من مواقف العلماء والربانيين 1/ 37): " القول باستحباب نصح الإمام المسلم سرا لا يمنع من الإنكار علانية على الصحيح إن احتمال المقام لذلك وكانت المصلحة تقتضيه، لا سيما إذا صدر المنكر منه علانية، فالأمر دائر مع المصلحة وهذا هو الوسط في هذه المسألة، كما أنَّ في هذا القول جمعا لأدلة هذا الباب والآثار الواردة فيه ".
ثم هل نسمع ونطيع الأمير وإن أمَرَ بسلب أموال المظلومين، وضرب ظهورهم بغير حق؟ وهل ننصحُه سرا في كل حال وإن تمادى في غيه وجوره؟ وماذا يَفعل المسلمون إذا لم يمكنهم الوعظ والإنكار سرا؟
ألا ترى أنَّ في الامتناع عن طاعة الحاكم في معصية صورة مُشْرِقة من صور الإنكار العلني؟ وهل نفهم من كلامك - حفظك الله - أنَّ الإنكار العلني لا يجوز إذا كان قولا لا فعلا؟!! بمعنى أنَّ الحاكم الظالم إذا أمر زيدا بفعل معصية، فإنه لا يجوز لزيد الإنكار القولي علانية! وأما الإنكار الفعلي علانية – وهو الامتناع عن الطاعة – فلا بأس به!
والحديث الذي تستشهد به في وجوب نصح الحاكم سرا تكلم بعض أهل العلم في صحته، ثم إن نصوص الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عامة لا يُستثنى السلطان منها ... وفعل السلف يدل على خلاف ما تقول، فالأولى أن يُدرس هذا الحديث في ضوء الأدلة العامة.
وللحديث تتمة - إن شاء الله -.
والله أعلم.
ـ[عمار الخطيب]ــــــــ[31 - 12 - 2012, 11:51 م]ـ
ثم هل ترى أنَّ علماء السُّنَّة يقولون بحرمة الخروج على أئمة الجور والظلم مطلقا ... وإن قُدِرَ على ذلك، وإن لم يُفض هذا الخروج إلى فساد كبير؟
لعلي أبَيِّنُ مرادي أكثر بقول الإمام النووي (شرح الإمام النووي على مسلم 229/ 12): " وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق ... قال العلماء: وسبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن، وإراقة الدماء، وفساد ذات البين، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه ".
ويلزم من الإجابة عن هذا السؤال التفصيل في ما يلي:
* حكم الخروج الْمُسَلَّحِ على أئمة الظلم والطغيان ... إن قُدِرََ على ذلك، وغلب على الظن رجحان المصلحة ...
* حكم عزل الحاكم المستبد الظالم بِطُرُقٍ سِلْمِيَّة ...
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 258