نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1792
ـ[العرابلي]ــــــــ[05 - 05 - 2009, 03:49 م]ـ
الكلمة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف صاحب وصاحبة
يطلق الصاحب على من لازم غيره، فالفرد هو الذي يصحب قومه، والضعيف الفقير هو الذي يصحب الغني، والمغلوب على أمره هو الذي يصحب من تملكه، ومن لازم مكانًا أو أرضًا بأي صفة كانت؛ كان صاحبها، كان إثبات ألف صاحب وحذفها يرجع إلى دلالة المعاني.
فقد ثبتت الألف في قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا (36) النساء
الصاحب هو المعاشر الذي تطول مرافقته واجتماعه وملازمته لصاحبه؛ كالصاحب بالجنب في هذه الآية، وهو الرفيق في السفر، وقيل الزوجة، والمطلوب مد يد الإحسان إليه؛ فثبتت لذلك الألف فيه.
وثبتت في قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ (48) القلم.
لأن نداء صاحب الحوت - يونس عليه السلام - كان عندما لازم الحوت في بطنه دون موت، حتى نبذه الحوت وهو سقيم.
وثبتت في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ (46) سبأ
وفي قوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) النجم
وفي قوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ (22) التكوير
فوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصاحبهم؛ لطول معاشرته لهم، ووجوده بينهم زمنًا طويلا، وتمسكه بطلب الهداية لهم، ولم يدع على عامتهم، ولو دعا لاستجيب له عندما جاءه ملك الجبال ليطبق جبلي مكة على من فيها؛ إذا أمره النبي عليه الصلاة والسلام، وامتدت صحبته لهم بعد ذلك على الإيمان به؛ فعلى ذلك كان ثبات ألف صاحبكم، وثبتت الألف كذلك في صاحبهم لنفس السبب؛
في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُبِينٌ (184) الأعراف.
وأما ثباتها في قوله تعالى: (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (29) القمر.
فلأن هذه الصاحب دام صحبته لهم؛ بالاستجابة لهم فيما أقدم عليه من أشد الأمور خطرًا، وقد نهوا عن مس الناقة بسوء؛ لئلا يصيبهم عذاب عظيم. فكان فعله إيذانًا بوقوع العذاب الذي هلكوا فيه.
وحذفت الألف في قوله تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا (34) الكهف.
لأن صاحب الجنتين ينظر إلى صاحبه؛ نظرة العزيز المكثر إلى الضعيف المقل؛ الذي حرم من امتداد الرزق والولد، فلم يمد من الولد والرزق بمثل ما مد به؛ فعلى ذلك كان حذف الألف.
وعندما زاد عليه صاحبه بثبات إيمانه؛ فثبتت ألف المد فيه خلاف الأولى؛
في قوله تعالى: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً (37) الكهف.
فحذف الألف في الأولى وإثباتها في الثانية؛ لا يأتي من اختلاف طرق الكتابة، ولا اختلاف تغير الكُتَّاب، وهي في قصة واحدة.
وحذفت في قوله تعالى: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40) التوبة
الصِّدِّيق رضي الله عنه؛ هو أطول الصحابة صحبة، ورفقة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ قبل النبوة، وبعدها، وفي طريق الهجرة، وفي كل المواقف بعد الهجرة، ودامت شدة القرب بينهما حتى في القبور بعد الموت؛ ومنزلته رضي الله عنه هي دون منزلة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعدها مباشرة، وكان الصديق شديد الخوف والحزن على الرسول صلى الله عليه وسلم وهما في الغار؛ بينما كان الرسول عليه الصلاة والسلام مطمئنًا ثابت الجأش؛ فعلى ذلك كان حذف الألف لما اعتراه من خوف وجزن على النبي صلى الله عليه وسلم.
وحذفت في قوله تعالى: (بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (101) الأنعام
وفي قوله تعالى: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا (3) الجن
الصاحبة لو كان لها وجود لما استقلت بنفسها، فهي تابعة لزوجها، فكيف إذا كانت في موضع نفي لوجودها؛ فعلى كان إسقاط الألف منها. وأسقطت كذلك؛
في قوله تعالى: (وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) المعارج
وفي قوله تعالى: (وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) عبس
لأنها مضافة إضافة تبعية، وهي في موضع التخلي عنها، والتضحية بها، فسقطت ألف المد فيها لأجل ذلك.
أما أصحاب فإن الألف قد سقطت فيها جميعًا؛ في (78) موضعًا، وذلك أن الجمع يلغي الفوارق بين الأفراد، وإن ثبتت هذه الفوارق، وتعددت المنازل؛ ثبتت ألفها؛
كما في قوله تعالى: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا (44) الأعراف.
فنرى أن الألف؛ تثبت لعلة، وتحذف لعلة، وأن الرسم القرآني قائم على المعاني التي تعرف من سياق الآيات الواردة فيها.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1792