responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1782
ـ[عائشة]ــــــــ[30 - 05 - 2009, 07:14 ص]ـ
السؤال:
عندي أوانٍ كثيرة تحمل آيات قرآنية كريمة، والبعض من الأدعية المأثورة، وقال لي بعض الناس: إن استعمالها أو امتلاكها حرام، ويجب عليَّ أن أحرقها؛ فقمت بإحراقها؛ خشيةً لعقاب الله -عز وجل-، وبعد أن أحرقت البعض منها، ومزقت البعض الآخر؛ لم أعرف أين أضع المخلفات؛ هل أقوم بدفنها، أم أرميها بسلة مهملات؟ أرجو التوجيه مأجورين.

الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
الجواب على هذا السؤال: أنَّ هذه الأوراق التي كانت فيها آيات من كتاب الله -عزَّ وجلَّ- وأحرقَتْها بمشورة من بعض الناس: يُمكن أن تكملَ إحراقها أيضًا، ثمَّ تدفنها؛ لأنَّ ذلك أبلغ في البعد عن امتهانها، اللَّهمَّ إلاَّ أن تمزِّقها تمزيقًا كاملاً؛ بحيث لا يبقى في الكلمات شيء؛ فإنَّه يُغني عن إحراقها.

ولكنَّها ذَكَرَتْ أنها أحرقت أوراقًا فيها أدعية، والأوراقُ الَّتي فيها الأدعية: يُفصّل فيها؛ فيُقال: إنْ كانت أدعية مشروعة؛ فالحفاظ عليها أَوْلَى، وإبقاؤها أولى؛ ليُنتفعَ بها، وإنْ كانت أدعية غير مشروعة؛ فإتلافها واجبٌ بالإحراق، أو التمزيق تمزيقًا كاملاً.

قد يقول قائل: لماذا فصَّلتم في الأوراق الَّتي فيها أدعية، ولم تفصِّلوا في الأوراق التي فيها آيات قرآنية؟ والجواب على هذا أن نقول: إنَّ الأوراق الَّتي فيها آيات قرآنية لو بَقِيَتْ؛ لكان هذا عرضة لامتهانها، إنْ بَقِيَتْ هكذا مُهْمَلة، وإنْ عُلِّقَتْ على الجُدُر؛ فإنَّ تعليق الآيات على الجدر ليس مِن الأمور المشروعة الَّتي كان عليها السَّلَف الصَّالح -رضِي الله عنهم-، والمعلِّق لها لا يخلو من أحوال:

الحال الأُولى: أن يعلِّقها تبركًا بها، وهذا ليس بمشروع؛ وذلك لأنَّ التبرُّك بالقرآن على هذا النَّحو لَمْ يَرِدْ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولا عن أصحابه، وما لم يَرِدْ عن النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- مِمَّا اتُّخِذَ على وجه تعبُّديٍّ، أو على وجه وسيليٍّ؛ فإنه لا يكون مشروعًا؛ لقول الله -تعالى-: ((لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ...)). وإمَّا أن يتَّخذها على سبيل الحماية؛ بحيث يعتقد أنَّه إذا علَّق هذه الآيات حَمَتْ مِنَ الشَّياطين، وهذا أيضًا لا أصلَ له مِنَ السُّنَّة، ولا مِنْ عمل الصَّحابة -رضِي الله عنهم- والسَّلَف الصَّالح، وفيه محذور؛ وهو: أنَّ الإنسانَ يعتمد عليها، ولا يقوم بما ينبغي أن يقومَ به من قراءة الآيات الَّتي فيها الحماية والتَّحرُّز مِنَ الشَّيطان الرَّجيم؛ لأنَّ نَفْسَه ستقول له: ما دُمْتَ قد علَّقْتَ آية الكرسي -مثلاً- في بيتك؛ فإنه يُغني عن قراءتها، ما دُمْتَ علَّقت سورة الإخلاص والمعوِّذتين؛ فإنه يكفيك عن قراءتهم، وهذا لا شكَّ أنه يصدُّ الإنسان عن الطَّريق الصحيح للاحتماء والاحتراز بالقرآن الكريم. فهاتان حالان. الحال الثَّالثة: أنْ يُعلِّق هذه الأوراق الَّتي فيها القرآن مِن أجل الذِّكرى والموعظة؛ وهذا إنْ قُدِّر أنَّ فيه نفعًا في بعض الأحيان؛ فإنَّ فيه ضررًا أكثر؛ وذلك أنَّ كثيرًا مِنَ المجالس تكون فيها هذه الآيات القرآنية، ولكن لا ينتفع أهل المجلس بها. قَدْ يكون مِنَ المعلَّق ورقة فيها قوله -تعالى-: ((وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا))؛ فتجد النَّاس في نفس هذا المكان يغتاب بعضهم بعضًا، ولا ينتفعون بهذه الآية، وكونُ الآية فوق رؤوسهم تنهى عَنِ الغيبة وهم يغتابون النَّاس: يُشبه أن يكونَ هذا من باب التَّحدِّي وعدم المبالاة بما نهى الله عنه. وربَّما تَجِدُ في بعض المجالس ورقة فيها قول الله -تعالى-: ((يَا أيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْرًا كَثِيرًا - وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأصِيلا))، ومع هذا: لا أحد يلتفت لها، ولا يرفع رأسه إليها، ولا يذكر الله ولا يُسبِّحه، وهذا كثير. إذًا: فالعظة والتذكُّر بهذه الآيات الَّتي تُكتب على أوراق وتُعلَّق: قليلة. ثُمَّ إنَّ التَّذكير والعِظة بهذه الطَّريقة لَمْ تَكُن معروفة في عهد السَّلَف الصَّالح، ولا شكَّ أنَّ هَدْيَهُم خيرٌ مِنْ هَدْيِنا، وأقرب إلى الصَّوابِ منَّا، ولهذا: قال النَّبيُّ -عليه الصَّلاة والسَّلام-: (خَيْرُ النَّاسِ قَرْني، ثُمَّ الَّذين يلونهم، ثُمَّ الَّذين يلونهم).

ولهذا: حبَّذنا عمل هذه المرأة الَّتي أحرَقَتِ الأوراق الَّتي عندها فيها آيات مِن كتاب الله، وفصَّلنا في الأدعية، نعم.

السَّائل:
بارك الله فيكم -يا شيخ محمد! -: هَل ينطبق هذا على الأحاديث -فضيلة الشيخ! -؟

الشيخ:
أنا عندي أنَّ الأحاديث أهون مِنَ الآيات الكريمة، ولكنْ -مع هذا-: لَوْ عَدَلَ النَّاسُ عنها لكانَ خيرًا، ولَو بَقِيَتْ فَلا بأس، نعم.

السَّائل:
بارك الله فيكم. الحِكَم وغيرها أيضًا؟

الشيخ: ليس فيها بأس؛ لأنها ليست مِنْ كلام الله ولا رسوله في الغالب، نعم.

[المصدر: «فتاوى نور على الدَّرب»، الشريط: 206 - ب، وفي موقع الشيخ: هُنا (http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_7980.shtml)].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1782
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست