responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1783
ـ[عائشة]ــــــــ[31 - 05 - 2009, 01:25 م]ـ
السُّؤال:
نَرَى كثيرًا ما تُوضع لافتات ولَوْحات -سواء أكانت من الوَرَق أو القُماش أو اللَّوحات الخشبيَّة- ومكتوب عليها جميعًا آيات قرآنيَّة، وتُوضع على أبواب المساجد والعمائر والشَّوارع العامَّة، مِمَّا يُعرِّض كلام الله -سبحانه وتعالى- للإهانة ... ؛ [بسبب] سقوط هذه اللَّوحات على الطُّرُق والمحلاَّت القذرة. نرجو التَّوجيه من فضيلتكم بشأن هذا الموضوع الهامِّ؛ لحماية كلام الله مِنَ التعرُّض للخَطَأ.

جواب فضيلة الشَّيخ ابن عثيمين -رحمه الله-:
هذا الأمر الَّذي أشار إليه السَّائل؛ وهو: تعليقُ الآياتِ القرآنيَّة على الجدران وأبواب المساجد وما أشبهها: هُوَ مِنَ الأمور المحدَثة؛ الَّتي لم تَكُنْ معروفة في عهد السَّلَف الصَّالح؛ الَّذين هُمْ خير القرون؛ كما ثَبَتَ عن النبيِّ -عليه الصلاة والسلام- أنَّه قال: (خيرُ النَّاسِ قَرْني، ثمَّ الَّذين يلونَهُمْ، ثمَّ الَّذين يلونَهُم)، ولَوْ كان هذا مِنَ الأمور المحبوبة إلى الله -عزَّ وجلَّ-؛ لشَرَعَه الله -تعالى- على لسان رسوله -صلَّى الله عليه وسلَّم-؛ لأنَّ كلَّ ما ينفع النَّاس في دينهم ودنياهم؛ فهو مشروع على لسان الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ولو كان هذا مِنَ الخير؛ لكان أولئك السَّلَف الصالح أسبق إليه منَّا.

ومع هذا: فإنَّنا نقول لهؤلاء الَّذين يعلِّقون هذه الآيات: ماذا تقصدون مِنْ هذا التَّعليق؟ أتقصدون بذلك احترام كلام الله -عزَّ وجلَّ-؟ إنْ قالوا: نعم؛ قلنا: لسنا -واللهِ- أشدَّ احترامًا لكتاب الله -سبحانه وتعالى- مِنْ أصحاب النبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-، ومع ذلك: لم يعلِّقوا شيئًا مِنْ آيات الله على جُدرانهم، أو جدران مساجدهم. وإنْ قالوا: نريد بذلك التَّذكير والموعظة؛ قلنا: لِننظرْ إلى الواقع؛ فهل أحد من النَّاس الَّذين يُشاهدون هذه الآيات المعلَّقة يتَّعظ بما فيها؟ قد يكون ذلك، ولكنَّه نادر جدًّا، وأكثر ما يلفت النَّظر في هذه الآيات المكتوبة، أكثر ما يلفت النَّظر: حُسن الخطِّ، أو ما يُحيط بها من البراويز، أو ما أشبه ذلك، والزخارف، ونادرٌ جدًّا أنْ يرفع الإنسان رأسه إليها ليقرأها؛ فيتعظ بما فيها. وإنْ قالوا: نريد التبرُّك بها؛ فيقال: ليس هذا طريق التبرُّك، والقرآن كلُّه مُبارَك؛ لكنَّه بتلاوته، وتفقُّه معانيه، والعمل به، لا بأنْ يُعلَّق على الجدران، ويكون كالمتاحف. وإنْ قالوا: أردنا بذلك الحماية والوِرْد؛ قلنا: ليس هذا طريق الحماية والوِرْد؛ فإن الأوراد الَّتي تكون من القرآن إنَّما تنفع صاحبها إذا قرأها؛ كما في قوله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيمن قرأ آية الكرسي في ليلةٍ: (لَمْ يَزَلْ عليه مِنَ اللهِ حافظٌ، ولا يقربه شيطان حتَّى يصبح)، ومع هذا: فإنَّ بعض المجالس أو كثيرًا من المجالس الَّتي تُكتب فيها هذه الآيات: قد يكون فيها اللَّغو، بل قد يكون فيها الكلام المحرَّم، أو الأغاني المحرَّمة، وفي ذلك من امتهان القرآن المعنويِّ ما هو ظاهر.

ثمَّ إنَّ الامتهان الحسِّيَّ الَّذي أشار إليه السَّائل؛ بأنَّ هذه الأوراق قد تتساقط في الأسواق، وعلى القاذورات، وتُوطأ بالأقدام: هو أمر آخر -أيضًا- ممَّا ينبغي أن يُنزَّه عنه، بل مما يجب أن يُنزَّه عنه كلام الله -عزَّ وجلَّ-.

والخلاصة: أنَّ تعليق هذه الآيات إلى الإثم أقرب منه إلى الأجر، وسلوكُ طريق السَّلامة أَوْلَى بالمؤمن وأَجْدَر.

على أنَّني -أيضًا- رأيتُ بعض النَّاس يكتب هذه الآيات بحروف أشبه ما تكون مُزخرفة، حتَّى إني رأيتُ مَنْ كَتَب بعض الآيات على صورة طائر، أو حيوان، أو رَجُلٍ جالسٍ جلوس التَّشهُّد في الصَّلاة، أو ما أشبه ذلك، فيكتبون هذه الآيات على وجه محرَّم؛ على وجه التَّصوير؛ الذي لعن النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فاعلَه. ثمَّ إنَّ العلماء -رحمهم الله- اختلفوا: هل يجوز أن تُرْسَم الآيات برسمٍ غيرِ الرَّسم العثماني أو لا يجوز؟ اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال؛ منهم مَنْ قال: إنَّه يجوز مطلقًا؛ بأن تُرسم على القاعدة المعروفة في كلِّ زمان ومكان بحسبه ما دامت بالحروف العربيَّة، ومنهم مَن يقول: إنه لا يجوز مطلقًا؛ بل الواجب أن تُرسم الآيات القرآنية بالرَّسم العثمانيِّ فقط، ومنهم مَن يقول: إنَّه يجوز أنْ تُرسم بالقاعدة المعروفة في كلِّ زمان ومكان بحسبه للصِّبيان؛ لتمرينهم على أن ينطقوا بالقرآن على الوجه السَّليم، بخلاف رسمه للعُقلاء الكِبار؛ فيكون بالرَّسم العثمانيِّ. وأمَّا أن يُرسَمَ على وجه الزَّركشة، والنُّقوش، أو صُور الحيوان؛ فلا شكَّ في تحريمه. فعلى المؤمن أنْ يكون معظِّمًا لكتاب الله -عزَّ وجلَّ-، مُحترِمًا له، وإذا أراد أن يأتيَ بشيء على صورة الزَّركشة والنُّقوش؛ فليأتِ بألفاظ أُخَر مِنَ الحكم المشهورة بين النَّاس، وما أشبه ذلك، وأمَّا أن يجعلَ ذلك في كتاب الله -عزَّ وجلَّ- فيتَّخذ الحروف القرآنية صورًا للنُّقوش والزَّخارف، أو ما هو أقبح مِن ذلك؛ بأن يتَّخذها صورًا لحيوان أو للإنسان؛ فإنَّ هذا قبيح محرَّم، والله المستعان.

[المصدر: «فتاوى نور على الدَّرب»، الشَّريط: 162 - أ، الدَّقيقة: 9:49].
¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1783
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست