نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1681
فإن الانقياد ظاهراً بدون إيمان لا يكون حسن إسلام بل هو النفاق، فكيف تكتب له حسنات أو تمحى عنه سيئات؟ ونحو ذلك من الأحاديث.
(الحالة الثانية) أن يطلق مقترناً بالاعتقاد، فهو حينئذ يراد به الأعمال والأقوال الظاهرة كقوله تعالى: ?قَالَتِ الأعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ? [الحجرات: 14] الآية، وقوله ? لما قال له سعد ?: مالك عن فلان، فوالله إنى لأراه مؤمناً. فقال ?: (أو مسلم) يعنى أنك لم تطلع على إيمانه، وإنما اطلعت على إسلامه من الأعمال الظاهرة. وفى رواية النسائى (لا تقل: مؤمن، وقل: مسلم)، وكحديث عمر هذا، وغير ذلك من الآيات والأحاديث.
[ثانياً: مرتبة الإيمان]
(والإيمان) هذه المرتبة الثانية فى الحديث المذكور، والإيمان لغة: التصديق، قال إخوة يوسف لأبيهم: ?وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لِّنَا? [يوسف: 17]، [أى]: بمصدق، وأما فى الشريعة فلإطلاقه حالتان:
(الحالة الأولى) أن يطلق على الإفراد غير مقترن بذكر الإسلام فحينئذ يراد به الدين كله، كقوله عز وجل: ?اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ? [البقرة: 257]، وقوله: ?وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ? [آل عمران: 68]،، وقوله ? (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة).
ولهذا حصر الله الإيمان فيمن التزم الدين كله باطناً وظاهراً فى قوله عز وجل: ?إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ. أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ? [الأنفال: 2 - 4] وغيرها من الآيات.
[أقوال الناس فيما يدخل تحت مسمى الإيمان]
[(1) قول السلف الصالح وهو الحق:]
قال السلف الصالح رحمهم الله تعالى: إن الإيمان اعتقاد وقول وعمل، وإن الأعمال كلها داخلة فى مسمى الإيمان. وحكى الشافعى على ذلك إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن أدركهم.
وأنكر السلف على من أخرج الأعمال عن الإيمان إنكاراً شديداً، وممن أنكر ذلك على قائله وجعله قولا محدثاً ممن سمى لنا سعيد بن جبير، وميمون بن مهران، وقتادة، وأيوب السختيانى، والنخعى، والزهرى، وإبراهيم، ويحيى بن أبى كثير، والثورى، والأوزاعى، وعمر بن عبد العزيز،
[(2) قول ابن الراوندى وبعض المعتزلة:]
[وممن قال: (الإيمان هو التصديق فقط)] ابن الراوندى ومن وافقه من المعتزلة وغيرهم؛ إذ على هذا القول يكون اليهود الذين أقروا برسالة محمد ? واستيقنوها ولم يتبعوه مؤمنين بذلك، وقد نفى اله الإيمان عنهم.
[(3) قول جهم بن صفوان وأتباعه:]
وقال جهم بن صفوان وأتباعه: هو المعرفة بالله فقط. وعلى هذا القول ليس على وجه الأرض كافر بالكلية، إذ لا يجهل الخالق سبحانه أحد.
[(4) قول المرجئة والكرامية:]
وقالت المرجئة والكرامية: الإيمان هو الإقرار باللسان دون عقد القلب. فيكون المنافقون على هذا مؤمنين.
[(5) قول آخر:]
وقال آخرون: التصديق بالجنان والإقرار باللسان. وهذا القول مخرج لأركان الإسلام الظاهرة المذكورة فى حديث جبريل، وهو ظاهر البطلان.
[(6) قول الخوارج ونظرائهم:]
وذهب الخوارج والعلاف ومن وافقهم إلى أنه الطاعة بأسرها فرضاً كانت أو نفلا، وهذا القول مصادم لتعليم النبى ? لوفود العرب السائلين عن الإسلام والإيمان. وكل ما يقول له السائل فى فريضة: هل على غيرها؟ قال: (لا، إلا أن تطوع شيئاً).
[(7) قول الجبائى وأكثر المعتزلة:]
وذهب الجبائى وأكثر المعتزلة البصرية إلى:
(أ) أنه الطاعات المفروضة من الأفعال والتروك دون النوافل. وهذا أيضا يدخل المنافقين فى الإيمان وقد نفاه الله عنهم.
(ب) وقال الباقون منهم: العمل والنطق والاعتقاد.
والفرق بين هذا وبين قول السلف الصالح أن السلف لم يجعلوا كل الأعمال شرطاً فى الصحة، بل جعلوا كثيراً منها شرطاً فى الكمال كما قال عمر بن عبد العزيز فيها: من استكملها استكمل الإيمان، ومن لم يستكملها لم يستكمل الإيمان والمعتزلة جعلوها كلها شرطاً فى الصحة. والله أعلم.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1681