نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1480
حادي عشرَ: فضل ماء زمزم وحَمْله: يُستحبُّ أن تَحملَ ماء زمزمَ معك إلى بلدِك -لِما له مِن فضل-؛ فقد فعل (قريبًا) مِن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن من غير إيقاعِ مشقَّةٍ على نفسِك، ولا على أصحابِك ورُفقائِك.
ثاني عشر: (جُدَّة) ليست ميقاتًا: بعضُ طلبة العلم يَعُدُّ مدينة (جُدَّة) -بذاتِها- ميقاتًا من المواقيتِ المكانيَّة للحجِّ والعُمرة!!
وهذا حُكم لا دليل عليه البتَّةَ ...
والحق في هذه المسألة -باختصار-: أن (جُدَّة) ميقاتٌ لأهلها، والمُقيمين بِها، أو مَن لا يَمر بميقات -أو يحاذيه- إلا بعد نُزوله جُدَّة؛ فتكون جُدة -حينئذٍ- ميقاتَه.
وأما غيرُهم: فلا بُدَّ -لزومًا- أن يَمرُّوا بميقات، أو يُحاذوا أحد المواقيت؛ فيُحرِموا ثمَّة.
ثالث عشر: وجوب السُّترة للمُصلِّي: لا يجوز لك أن تَمرَّ بين يدي أحد من المصلِّين.
ولا يجوز لك -كذلك- أن تُصلي إلى غيرِ سُترةٍ -وهي حاجز ذو ارتفاع تضعُه أمامك- مِن ساريَةٍ أو جِدار.
ولو استقبَلتَ ظَهرَ أحد إخوانكَ المصلِّين: أجزَأك.
وإذا مرَّ أحد بينك وبين سُترتك: فامنعهُ بيدك.
وهذا الحُكم عامٌّ في المساجد -كلِّها-: المسجد الحرام، والمسجد النبويِّ، وغيرهما مِن المساجد -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-، وإلا؛ فالله -تعالى- يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}؛ فتُقدِّر لذلك قَدْرَه -زادني اللهُ وإياك حرصًا، وعِلمًا، وعملًا-.
رابع عشر: القصر، والجمع، والفِطر: أحكام السَّفر -كلُّها-مِن قصْر، وجَمعٍ، وفِطر- تقومُ بها مِن غير حرجٍ أو تحرُّج -أثناء سفرك لحجِّك-.
والأصل المحافظةُ على الصلوات جماعةً في عامَّة المساجد -والحَرَمان الشَّريفان أفضلها-ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-؛ حرصًا على أجرِها وثوابِها.
وأما الصِّيام: فلا مانع منه للقادر عليه، الرَّاغب به -بلا حرج-.
خامسَ عشر: عِظم الذَّنب في مكة: قال سماحةُ أستاذِنا العلامة الشَّيخ عبد العزيزِ بنُ عبدِ الله بنِ بازٍ -رحمه الله- في "فتاويه" (16/ 134 - 135):
"الأدلة الشرعيَّة دلَّت على أن الحسنات تُضاعَف: الحسنة بعشر أمثالِها. وتُضاعَف بكميَّات كثيرة في الزَّمان الفاضل -كرمضان وعشر ذي الحجة-، والمكان الفاضل -كالحَرَمَين-.
وأمَّا السَّيِّئات؛ فالذي عليه المحقِّقون من أهل العلم: أنها تُضاعف من حيث الكيفيَّة -لا من حيث العدد-؛ لقول الله -سبحانه-: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
فمَن همَّ بالإلحاد في الحرم المكيِّ؛ فهو متوعَّد بالعذاب الأليم؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيِهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، فإذا ألحدَ أيَّ إلحادٍ -وهو: الميلُ عن الحق-؛ فإنه متوعَّد بهذا الوعيد -لهذه الآية الكريمة-؛ لأن الوعيد على الهمِّ بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشدُّ وأعظم".
سادسَ عشر: مسألة (الحجِّ عن الغَير): وشرطُ جواز الحج عن الغَير: أن يكون المَحجوج عنه؛ إما: (مَيتًا)، أو (عاجزًا عن الحج)، وأن يكون الحاج عنه قد حجَّ عن نفسِه.
ويجوزُ لمَن يحجُّ عن غيره أن يأخذ (نفقة الحج) ممَّن -أو عمَّن- ناب عنه في الحج، ولكن لا يجوز له أخذُ أُجرةٍ على الحج -وهي الزيادة على (نفقة الحج) -.
فالذي لا ينبغي سواه: عدم التوسُّع في هذا الباب العميق، وإعطاؤه قدْرَه الدَّقيق.
أولًا: حج القِرَان: وهو لمَن ساق هَدْيَه معه، مُحرِمًا بالعمرة والحج -جميعًا-؛ قائلًا عند التلبية: (لبَّيك اللهم عُمرةً وحَجًّا؛ لا رِياء فيهما ولا سُمْعَة).
فإذا وصل مكَّة طاف طواف العمرة -وهو طواف القُدوم- استحبابًا، ثم سعى بين الصَّفا والمروةَ للعُمرة والحجِّ -سعيًا واحدًا-.
ويستمر على إحرامِه حتى يَحلَّ منه يوم العيد.
ثانيًا: حَج الإِفراد: وهو أن يُحرِم بالحجِّ مُفرِدًا -دون عُمرة-؛ قائلًا عند التَّلبية: (لبَّيك اللهمَّ حَجًّا؛ لا رِياء فيه ولا سُمْعة).
فإذا وصل مكةَ: طاف طواف القُدُوم -استحبابًا-، وسعَى سَعْيَ الحَج.
ويَستمر على إحرامِه حتى يَحل منه يوم العيد.
وليس على الحاجِّ المُفرِد هَدْيٌ.
ويجوز أن يؤخِّر السَّعي -في هذَيْن النَّوعين- إلى ما بعدَ طواف الحجِّ.
... فعملُ الحاج المُفرِد والحاجِّ القارِن سواء؛ إلا أنَّ القارِنَ عليهِ الهديُ -لقيامِه بالنُّسُكَيْن: الحج والعُمرة- دون المُفرِد.
ثالثًا: حج التمتُّع: وهو القيام بعُمرةٍ في أشهر الحجِّ، ثم التَّحلُّل منها، ثم الإحرام بالحجِّ في يوم الثَّامِن مِن ذي الحجة، قائلًا عند التَّلبية بها: (لبَّيك اللهمَّ عُمرةً مُتمتِّعًا بها إلى الحج؛ لا رِياءَ فيها ولا سُمعة).
وهو الأيسر على النَّفس، والأفضل في اتِّباع الشَّرع؛ فقد أمر النبيُّ -صلَّى الله عليهِ وسلَّم- به أصحابَه بقولِه: "مَن حجَّ منكم: فلْيُهِلَّ بعُمرةٍ في حَجَّة".
وعلى الحاجِّ المتمتِّع هديٌ -إن استطاع-.
فإن لم يستطع الهَدْي: فعليه صيامُ ثلاثة أيَّام في الحجِّ -حتى لو كانت أيام التَّشريق-، وسبعة عند رُجوعه إلى أهلِه وبلده.
والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- يقول: "دخَلتِ العُمرةُ في الحجِّ إلى يومِ القيامة" وشبَّك بين أصابعِه -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
... فبقي (حج القِرَان) لمَن ساق الهديَ -مع كونِه مفضولًا-.
والأصل في (الإفراد) أنه لأهل مكة -خُصوصًا-؛ لقول الله -تَعالى-: {ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}.
إلا لمَن ضاق عليه الوقتُ، ولم يَستطع القيامَ بعُمرة؛ فيُدخِل الحجَّ على العمرة -إن استطاع-بعدُ-.
نعم؛ التمتُّع -كيفما كان- أفضل؛ لوُرودِ الحضِّ عليه، والإرشاد إليه عن النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-.
يتبع إن شاء الله
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1480