فإذا سافر الحاج قاصدًا بلاد الحرَمَين الشَّريفَيْن؛ فإنَّه يمُرُّ -ولا بُدَّ- بواحدٍ من مواقيت الإحرام الشَّرعيَّة المكانيَّة التي حدَّدتْها السُّنَّةُ النبويَّة، أو يُحاذيها إذا كان مُسافرًا بالطائرة -مثلًا-؛ فالواجبُ -حينئذٍ-: أن يُحرمَ عندها، ولا يَجوز أن يُجاوزَها دون إحرام.
فهذه المواقيت -الآتي ذِكرُها- مُختصَّة بمَن كان مِن أهلها، أو مَرَّ بها مِن غير أهلِها؛ وهي:
1 - ذو الحُلَيفة: وهي ميقات أهل المدينة ومَن وردَ مِن غيرِ أهل المدينة ممَّن كانت طريقَهم، واشتهرتْ عند العامَّة باسم (لا أصل له)؛ وهو: (آبارُ علي)! وهي تَبعُد (450كم) عن مكة.
2 - الجُحفة: وهي ميقاتُ أهل الشَّام والمغرب ومِصر ومَن ورد طريقَهم، وهي اليوم في مدينة (رابِغ)، وهي تَبعُد (183كم) عن مكَّة.
3 - قرن المنازِل: وهي ميقاتُ أهل نجدٍ ومَن ورَدَ طريقَهم، واسمُها اليوم: (السَّيْل الكبير)، وهي تبعد (75كم) عن مكة.
4 - يَلملَم: وهي ميقاتُ أهل اليمن ومَن وردَ طريقَهم، وهي اليومَ تُسمَّى (السَّعْدِيَّة)، وهي تَبعد (92كم) عن مكَّة.
5 - ذات عِرق: وهي ميقاتُ أهلِ العراق ومَن وردَ طريقَهم، وهي اليومَ تُسمَّى (الضَّرِيبَة)، وهي تَبعد (94كم) عن مكَّة.
الأولى: قد ثبت عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما- تسميتُه العُمرة بـ (الحجِّ الأصغر).
الثَّانية: اعتمر النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أربعَ عُمَرٍ في حياتِه الشَّريفة.
الثَّالثة: وَوَرد عن ابن عمَر -رضي الله عنهما- أنه كان يُهدي في العمرةِ بدَنةً بدنةً.
وهذا -كما وصفه الشيخ ابنُ عثيمين في "فتاويه"-: "مِن السُّنن المندثرة".
وقال الإمام النَّووي في "المجموع": "اتَّفقوا على أنه يُستحب لمَن قصد مكة -لحجٍّ (أو عمرة) - أن يُهدِي هدْيًا من الأنعام، ويَنحرَه هناك، ويُفرِّقه على المساكين الموجودين في الحرَم".
وتفصيل أعمال العمرة كالتَّالي:
* الإحرام:
1 - عندما تصل -أخي المسلم- إلى ميقاتِ الإحرامِ: يُستحبُّ لك -قبل الإحرامِ- أن تغتسلَ، وتتطيَّب في بدنِك دون مسِّه لِباس الإحرام، وللرِّجال دون النِّساء.
ثم تَلبسُ ما ليس مَخِيطًا مِن الثِّياب: إزارًا لا يُفصِّل أعضاء بَدَنك، تستُر به جُزء بدنك السُّفلي، ورِداءً -كذلك- تستُر به جُزء بدنِك العُلويِّ؛ وهذا هو لِباس الإحرام.
ثم تُحرِم مستقبِل القِبلة قائلًا: (لبَّيك اللهم بعُمرة، متمتِّعًا فيها إلى الحجِّ، لا رياءَ فيها ولا سُمعة).
ثم تشترطُ قائلًا: (اللهم مَحِلِّي حيثُ حبَستَني)؛ حذرًا مِن أي عارِضٍ -كمَرض أو خوفٍ- يمنعُك مِن إتمامِ حجِّك.
فإن وقع لك شيءٌ مِن ذلك -وكنتَ قد اشترطتَ-؛ فيجوز لكَ التَّحلُّل -حينئذٍ- خروجًا من النُّسُك دون إيجاب دم الفِدية عليك.
وأمَّا مَن قطع حجَّه -مِن غير اشتِراطٍ-: فيجبُ عليه دمُ الفِدية، وقضاءُ حجِّه.
* التَّلبية:
2 - ثم تُلبِّي -مكرِّرًا- قائلًا: لبَّيك اللهم لبَّيك، لبَّيك لا شريكَ لك لبَّيك، إن الحمدَ والنِّعمةَ لك والملكَ، لا شريك لك.
ولكَ أن تقول -أيضًا-: لبَّيك ذا المَعارِج، لبَّيكَ ذا الفواضِل.
أو: لبَّيكَ إلهَ الحقِّ.
أو: لبَّيك وسَعدَيْك، والخيرُ بِيَدَيْك، والرَّغباءُ إليكَ والعملُ.
أو: لبَّيك مرغوبًا أو مَرهوبًا، لبَّيكَ ذا النَّعماءِ والفضلِ الحسَن.
ويُسنُّ لك أن تَخلِط التَّلبية بالتَّكبير والتَّهليل.
ولا ينبغي أن تكون التَّلبيةُ جماعيَّةً متواطئةً بصوتٍ واحد؛ إلا للتَّعليم -وبِقَدْرِه-، ومِن غير اتِّفاقٍ وترتيبٍ لها أو حرصٍ عليها.
فإذا وقعتْ -دون ذلك-؛ فلا بأس.
3 - وتظلُّ مُكرِّرًا التلبيةَ مستمرًّا بها حتى ترى أول بُيوت مكَّة. وحدُّها -اليومَ- مسجدُ التَّنعيم.
ويُسنُّ رفعُ الصوت بالتَّلبية -جدًّا-.
والنِّساء في ذلك كالرِّجال؛ إلا أن تُخشى الفتنةُ.
4 - وليس للإحرام صلاةٌ مخصوصةٌ به.
لكن: مَن أدركتْه صلاة الفريضة في الميقات؛ صلَّى ثم أحرَم عقِب صلاتِه؛ كما صحَّ عن النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقد أحرَم -عليهِ الصلاةُ والسلامُ- بعد ذلك لمَّا انطلقتْ به دابتُه.
8 - وأما المرأةُ: فتُحرم بمَلابِسها المُعتادة -دون تخصيصِ ثوبٍ أخضر أو أبيض!! -؛ إذْ كل الألوان -في الألبسة الشَّرعيَّة بالنسبة للنِّساء- سواء؛ ما لم يكُن ثوبَ شُهرة.
ولكنْ: لا تُغطِّي المرأة وجهَها، ولا كفَّيها حالةَ إحرامِها، ولا تَلبس البُرقع، ولا النِّقابَ, ولا القُفَّازَين.
ولكن: يجوزُ لها -إذا مرَّت بالرِّجال- أن تُلقيَ على رأسِها غطاءً يَستُر وجهها دون أن تَشدَّه عليه.
يتبع إن شاء الله
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1481