القصة المنسوبة إلى آدم وحواء الواردة في قوله -تعالى-: {فلمَّا آتاهُما صالِحًا جعَلا لهُ شُرَكاءَ فيما آتاهُما} [الأعراف: 190] باطلة من وجوه:
1 - أنه ليس في ذلك خبر صحيح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهذا من الأخبار التي لا تُتلقَّى إلا بِوحي. قال ابن حزم عن هذه القصة: خرافة مكذوبة موضوعة.
2 - أن هذه القصة لو كانت في آدمَ وحواء؛ لكان حالهما: إما أن يتوبَا مِن هذا الشرك، وإما أن يبقيا عليه. فإن بقيا عليه؛ فمعنى ذلك: أن آدم -وهو نبي من الأنبياء- وحواء ماتا على الشِّرك؛ وهذا قول أعظم من قول بعض الزنادقة في آدم وحواء:
إذا ما ذكرنا آدمًا وفعاله .. وتزويجَه بنتيْهِ بابْنَيْهِ في الخنا
علِمنا بأن الخلق مِن نسلِ فاجرٍ .. وأن جميعَ الناسِ مِن عنصر الزِّنا
وإن كانا قد تابا من الشرك؛ فإن ذلك لا يمكن أن يتفق مع كمال عدل الله ورحمته، لأنهما لو تابا منه؛ لكان الله قد ذكر خطيئتهما ولم يذكر توبتَهما، وهذا مستحيل؛ فإن الله ذكر لبعض أنبيائه خطيئة وذكر توبتهم منها.
3 - أنا لو قلنا بذلك؛ لجوَّزنا الشرك على الأنبياء، وهم معصومون منه باتفاق العلماء.
ولقد ثبت في حديث الشفاعة: أن الناس يأتون آدم ليشفع لهم، فيعتذر بأكله من الشجرة، وهي معصية أهون من الشرك، ولو كان وقع منه شركًا؛ لكان اعتذاره به أولَى وأحرى.
4 - وفي هذه القصة التي ذُكرت عن ابن عباس -رضي اللهُ عنهما-: (أن الشيطان جاء إليهما وقال: أنا صاحبكما الذي أخرجكما من الجنة)؛ فهل مثل هذا يقوله لمن يريدُ أن يغويهما؟! لا؛ بل هو مما ينفر عنه فلا يقبلون منه شيئًا.
5 - في هذه القصة يقول: (لأجعلن له قَرنَي أَيل، فيخرج من بطنك فيشقه)؛ وحينئذ: إما أن يصدقه آدم وحواء، وأن هذا ممكن في حقه؛ وهذا شرك في الربوبية؛ حيث صدقا بأنه يمكن أن يَخلق. وإما لا يصدقاه؛ فلا يمكن أن يقبلا قولَه.
6 - أن الله ذكر في آخر الآية ضمير الجمع: {عمَّا يُشرِكون}، ولو كان المراد آدم وحواء؛ لقال: عما يشركان، أو: عن إشراكهما؛ فدل على أن ليس المراد في الآية آدم وحواء.
الفائدة الثانية والسبعون
يُسمى اللهُ بأسمائِه لا بما يُخبر به عنه؛ لأن ما يخبر به عن الله: منه ما لا يتضمن حُسنًا إطلاقًا؛ مثل: أن يقال: ذات الله.
ومنه ما يتضمن مدحًا من وجه، وغير مدح من وجه آخر؛ مثل: أن يقال: الله متكلِّم مُريد.
وأما الأسماء: فليس فيها نقص بوجهٍ من الوجوه.
الفائدة الثالثة والسبعون
الإلحاد في أسماء الله:
الإلحاد: هو الميل. وشرعًا: الميل بأسماء الله عما يجب فيها.
أنواع الإلحاد في أسماء الله:
1 - أن ينكِر شيئًا منها، أو مما دلت عليه من الصفات، أو الأحكام.
2 - أن يسمِّي الله بما لم يسمِّ اللهُ به نفسَه؛ مثل: تسميته (علة فاعلة)، وكتسمية النصارى إياه أبًا.
3 - أن يجعلها دالة على التشبيه.
4 - أن يشتق من هذه الأسماء أسماء للأصنام؛ مثل: اللات من الله، والعزَّى من العزيز.
آيات الله قسمين [كذا، والصواب: قسمان]:
1 - كونية: وهي كل المخلوقات، ويكون الإلحاد فيها بثلاثة وجوه:
أ- اعتقاد أن أحدًا غير الله انفرد بخلقِها، أو ببعضها؛ مثل الطبائعيين.
ب- اعتقاد أن لله فيها شريكًا.
جـ- اعتقاد أن لله مُعينًا فيها خلقِها.
2 - شرعية: وهي ما جاءت به الرسل من الوحي؛ مثل: القرآن. قال -تعالى-: {بل هو آياتٌ} [العنكبوت: 49].
ويكون الإلحاد فيها على ثلاثة أوجه:
1 - تكذيبها بما يتعلق بالأخبار؛ وهو كفر إذا علم أنها من عند الله ورسوله.
2 - تحريفها بما يتعلق بالأخبار والأحكام، ومنه ما هو كبيرة، ومنه ما هو صغيرة.
3 - مخالفتها فيما يتعلق بالأحكام.
الفائدة الرابعة والسبعون
حديث: "خلق اللهُ آدمَ على صورَتِه" مخرج على أحد وجهين:
1 - المعنى: أنه على صورة الرحمن، ولا يلزم أنه مماثل له؛ فأول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ولا يلزم أن تكون مثله.
2 - أنه من باب إضافة المخلوق إلى خالقه، أي على الصورة التي اختارها وأرادها.
الفائدة الخامسة والسبعون
السلام له عدة معانٍ منها:
1 - التحية، والمراد به الدعاء.
2 - السالِم من النقص والآفات؛ كالذي في أسماء الله -تعالى-.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1470