نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1435
وفي "صحيح مسلم": عن السيدة عائشة -رضي الله-تعالى-عنها-: أن النَّبيَّ -صلى اللهُ عليه وسلم- قال: "ما مِن يومٍ أكثر مِن أن يُعتق اللهُ فيه عبدًا مِن النَّار مِن يومِ عرَفَة، وإنَّه لَيدنو مِن خلْقِه، ثمَّ يُباهي بهمُ الملائكةَ، ويقولُ لهم: ما أراد هؤلاء؟ "- كأنَّه يقول لهم: لم يُرِد هؤلاء إلا وجهَ الله، لم يُرِد هؤلاء إلا طاعةَ الله، لم يُرِد هؤلاء إلا أداءَ نُسُك لله، والقيامَ بأحكامِ الله، والاتِّباع لسُنَّة رسول الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-.
هذا يومُ عرَفة، وهو مِن هذه الأيَّام المُباركة.
q[حُكم صوم يوم عرَفة]
وها هنا فائدة: وهو أنَّ صومَ يومِ عرفَة إنما هو عمَلٌ فاضلٌ يترتَّب عليه هذا الأجرُ لمَن ليس في عرَفة؛ أما مَن كان في عرَفة؛ فإنه مَنهيٌّ أن يصومَ في عرَفة؛ لأنه مشغولٌ بنُسُكٍ.
بل ورَد حديثٌ -حسَّنه الإمامُ الذهبيُّ -في "سنن أبي داود"-: أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صيامِ يوم عرَفة في عرفة.
q[التَّنبيه على خطأ الدُّعاء بـ"اللهم أعتِقني من النار"]
وها هنا أنبِّه إلى شيء: وهو قول النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-في هذا الحديث-: "ما مِن يومٍ أكثرَ مِن أن يُعتِق فيه عبدًا مِن النَّار مِن يوم عرَفة".
أنبِّه على لفظِ (العِتق مِن النَّار)، وهو اللَّفظ الذي نسمعُه كثيرًا من الأئمة؛ يقول -وبخاصَّة في رمضان، وفي دعاء الوتر مِن رمضان-: أنهم يقولون: اللهم! أعتِقنا مِن النار! هذا دُعاءٌ مشهور بين النَّاس؛ لكنَّ الصوابَ فيه: أنه لا يجوزُ.
وقد روَى الإمام أبو نُعيم في كتاب "الحِلية"، والإمامُ أبو بكر ابن أبي الدُّنيا في كتاب "الصَّمت": عن بعض أئمة التَّابِعين: أنه نهى أن يدعوَ الرَّجل بدُعاء (اللهمَّ! أعتِقنا مِن النَّار)، ولكن ليدع بـ: (اللهم أجِرنا مِن النَّار)، أو (اللهم إنا نعوذ بك من النَّار).
q[الفرق بين: (اللهم أعتِقني من النَّار) و (اللهم أجِرني من النَّار ..)]
قد يقول قائل، أو يسألُ سائل: ما الفرقُ بين ذلك؟
الفرق: أن الذي يقول: (اللهم! أعتِقنا من النَّار) كأنه يَعلم مِن نفسِه أنه حبِيس النَّار! فلا يُقال:فلان (أُعتِق)؛ إلا إذا كان عبدًا، لا يُقال: (فلان أُعتِق)؛ إلا إذا كان أسيرًا أو سجِينًا أو حبيسًا.
وأنت تُحسِّن الظن بربِّك -على ضعف عملِك، وعلى قِلَّة حيلتِك-؛ فالنَّبي -صلَّى اللهُ عليه وسلم- يقول: "إذا سألتم اللهَ؛ فاسألوه الفردَوس الأعلى مِن الجنَّة". .
q[توجيهٌ نبويٌّ في قوله: "فاسألوهُ الفردَوس الأعلى"]
"فاسألوه الفردَوس الأعلى مِن الجنَّة": هذا توجيهُ النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- مع أنه يَعرف أن في المسلمين من هو ضعيف الإيمان، أنَّ في المؤمنين مَن هو رقيق الدِّين، أنَّ في العامِلين بطاعة الله مَن عملُه قليل، وذِكرُه لله يسير؛ لكنْ: هذا التَّوجيه عامٌّ، ليس توجيها خاصا لفئة دون فئة.
"إذا سألتم اللهَ؛ فاسألوه الفردَوس الأعلى مِن الجنَّة".
q[الدُّعاء بـ (اللهم أعتِقني من النَّار) ينافي حسن الظنِّ بالله. وبيان الهدي النبوي الصحيح]
ثم أنت تأتي لتسيء الظن بربِّك وتقول: (اللهم! أعتِقني من النَّار)؛ كأنك تعلم أنك محكومٌ عليك بالنَّار، ثم تسأل ربَّك أن يُعتِقك من ذلك.
لكن: إذا قلتَ كما ورد عن النبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم-: "اللهم إني أسألك الجنَّة"، "اللهم أجِرني من النَّار"؛ فهذا لا شيء فيه؛ لأنك لا تعلم نفسَك عند الله، ولا تعلم حُكمَك عند الله الغفور الرحيم، العفو الحليم.
q[معنى ما ورد في بعضِ الأحاديث من أن الله يُعتق بعض عبادِه من النَّار]
قد يقول قائل أو يسأل سائل: فما معنى أن يُعتِق عبدًا من النَّار؟
نقول: هذا مما هو في عِلم الله؛ مَن عَلِم اللهُ أنه محكومٌ عليه بالنَّار -في عِلمِه العظيم-سُبحانَه وتعالى-؛ هو الذي يغفرُ له -نتيجة دعاءٍ، نتيجة عملٍ صالح، نتيجة ذِكرٍ لله-؛ والنبيُّ -صلَّى الله عليه وسلم- يقول: "صنائعُ المعروف تقِي مصارعَ السُّوء".
q[مِن فضل هذه العشْر: يوم النحْر، ويومُ القرِّ، وبيان أنهما مِن أعظم الأيَّام عند الله]
أيضًا: في أيَّام ذي الحجَّة -هذه-: يومُ النَّحر، وهو يوم العيد، وهو اليومُ الذي قال الله -تبارك وتَعالى- فيه: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}.
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1435