نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1434
النصُّ ساكتٌ عن هذا؛ لكنْ: عموم العمل الصَّالح يشمل الصِّيام -لا شكَّ، ولا ريب-.
لكن أن تُصام كلُّها؛ فلم يَرِد في ذلك دليلٌ صريحٌ؛ بل هذا النصُّ في النَّفيِ صريحٌ في عدمِ صيامِ النبيِّ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- لهذه العشرِ كاملةً.
q[التحقيقُ في قول أحد الصَّحابة: "كان رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يصوم التِّسع .. "]
قد يقول قائلٌ: ماذا نفعلُ في الحديث الذي يقولُ فيه أحدُ الصَّحابةِ: "كان رسولُ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يصوم التسعَ مِن ذي الحجَّة"؟
نقول: ذكَر المحقِّقون -من أهل العلم- أن هذه (التِّسع) المقصود بها: (يَوم التَّاسع)، وهو يومُ عرَفة، وهو الذي يُكفِّر سنتَين -السَّنَة الماضية، والسَّنَة الباقيَة-كما في "صحيح الإمام مسلم"-.
q[ليس مِن السُّنة تقييد العمل الصالح في هذه العشر بالصِّيام]
إذن: الذين يَصومون بِنيَّة عموم العمل الصَّالح في العشرة أيَّام كلِّها؛ هذا ليس مِن السُّنَّة في شيء.
q[إشارة في حديث توضِّح إلى أن المقصود بالعمل الصَّالح -هنا-أصالةً- هو: الإكثار مِن ذِكر الله]
ووَرد في "مسند الإمامِ أحمد": عن عبد الله بن عمر -رضيَ اللهُ-تعالى-عنهُما-: أن رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال -في رواية أخرى للحديثِ الأوَّل-نفسِه- قال: "ما مِن أيَّام أعظم عند الله، ولا أحبُّ إليه العملُ فيهنَّ مِن هذه الأيَّام العشْر؛ فأكثِروا فيهِنَّ مِن التَّكبير والتَّهليل والتَّحميد".
فهذه إشارة توضِّح -أكثر وأكثر- أن المقصودَ بالعمل الصَّالح -أصالةً-؛ هو الذِّكرُ لله -الإكثارُ مِن ذِكر الله-؛ {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}، {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}.
q[ذِكر الله مِن أعظم العبادات]
الذِّكرُ: مِن أعظم العبادات، وكم وكم مِن النَّاس -على يُسرِ الذِّكر- هم عنه غافلون! وهم عنه ساهون!
وعندما جاء ذلك الرَّجل إلى رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- يقول: يا رسول الله! لقد تكاثرت عليَّ شرائع الإسلام؛ فأوصِني! قال: "أن لا يزال لسانُك رطبًا بذِكر الله".
فذِكر الله -تبارَك وتعالى- مِن أعظم ما يتقرَّب به العباد إلى الله -سُبحانَه وتعالى-، مُتَّبعين ومُتأسِّين ومُقتَدين برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهو سيِّد الذَّاكِرين، وسيِّد الشَّاكِرين -صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه أجمعين-.
q[من فضل هذه العشر: يوم التَّروية وبداية أعمال الحجِّ]
ومما ذكَره أهلُ العلم في فضل هذه الأيَّام العشْر -التي هي خيرُ أيَّامٍ على العُموم، وخيرُ أيَّامٍ في شهر ذي الحجَّة-على الخُصوص-: أنَّ فيها الحجَّ، وفيها يومُ التَّرويَة -الذي هو يومُ الثَّامن-، وهو مُفتَتح أعمالِ الحجِّ.
q[تنبيه على مخالفة بعض الحجَّاج الهديَ النبوي في المكوث في مِنى يوم التَّروية]
ولئن كان القولُ في يوم الثَّامن أنَّه سُنَّة -كما ذهب بعضُ أهل العلم-؛ لكنِّي أعتقد أن هذا الذي ضحَّى بِمالِه، وضحَّى بوقتِه، وضحَّى براحتِه، وفارقَ الأهلَ والولدَ والبلدَ ليحجَّ حجَّة -قد لا يرجع إلى هذه البقاع المقدسة مرةً أخرى-؛ فإن كثيرًا مِن النَّاس يتساهلون! فلا يعرفون يوم التروية! يذهبون مباشرةً إلى عرَفة؛ لا يمكثون في مِنى يوم الثامن!
ولا شكَّ ولا رَيب: أن في هذا مخالفةً لفضلِ يوم التَّروية -الذي هو مُفتتح أيَّام الحجِّ-من جهة-، والذي هو سُنة رسول الله-صلى اللهُ عليه وسلم- القائل: "لِتأخُذُوا عنِّي مَناسِكَكُم"-.
q[مِن فضل هذه العشر: يوم عرَفة]
وكذلك -أيضًا- في الحج -في أيام العشر هذه-: يوم عرفة، وفيه مِن الفضل ما لا يَعلم إلا الله؛ حتى قال النبيُّ -عليهِ الصلاةُ والسلام-: "خيرُ يومٍ طلعتْ عليهِ الشَّمسُ يوم عرَفة، وأفضلُ ما قلتُ أنا والنَّبيُّون مِن قَبلي: لا إلهَ إلا الله".
¥
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين جلد : 10 صفحه : 1434