responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1367
فرجع إلى البصرة، وعدل عن السفر إلى الشام، ثم رجع إلى نجد بعدَ ما تسلَّح بالعلم، وبعد ما حصل على مجموعةٍ كبيرة من الكتب - إضافةً إلى الكتب التي كانت عند أهله وعند أهل بلدِه -، ثم اتَّجه إلى الدعوة والإصلاح ونشرِ العلم النافع، ولم يَرضَ بأن يسكتَ ويتركَ الناسَ على ما هم عليه، بل أراد أن يَنتشرَ عِلمُه وأن يدعوَ إلى الله؛ فنظر في مجتمعِه؛ فوجد فيه مِنَ الشرِّ والشرْكِ الأمورَ الكثيرة؛ فأخذتْه الغَيرةُ على دينِ الله والرحمةُ للمسلمين، ورأى أنه لا يَسَعُهُ السكوتُ على هذا الوضع.
وكان علماءُ نجد يعنون بالفِقه وهم في العقيدة على عقيدةِ المتكلِّمين مِن أشاعرةٍ وغيرهم، ليس لهم عنايةٌ بعقيدةِ السلف - كما هو في الشام وفي مصر وغيرِها مِن الأقطار -، وكانت العقيدةُ المنتشرة فيها هي عقيدةُ الأشاعرة، مع ما عند كثير منهم مِن الإخلال بتوحيدِ الألوهية. وأما عقيدةُ السف فقَلَّ مَن يعنى بها، وطَغت على الكثيرِ منهم الخرافاتُ والبدعُ والشِّركُ في العبادة المتمثِّلُ بعبادةِ القبور. هذا من الناحية العلمية.
وأما مِن الناحية السياسية: فكانوا متفرِّقين؛ ليس لهم دولةٌ تجمعهم، بل كلُّ قريةٍ لها أميرٌ مُستقلٌّ بها. فالعُيينة فيها حاكم، والدِّرعية فيها حاكم، والرياض فيها حاكم، وكل قريةٍ صغيرة فيها حاكم، وكانت بينهم حروبٌ وسلبٌ ونهبٌ فيما بينهم وبين القرى والبادية. فمن الناحية السياسية كانت البلادُ في قلقٍ وتفرُّقٍ، وفي تناحُرٍ وضياعٍ، حتى أن أهل البلد الواحد يُقاتِلُ بعضُهم بعضًا!

وفي بلاد نجد: عبادة القبور والاستغاثة بالأموات، فقد كانت عندهم قبور للصحابة كقبر زيد بن الخطاب -رضي الله عنهُ- الذي استشهد مع جماعة من الصحابة في حرب مسيلمة الكذاب وكانوا يستنجدون بها ويستغيثون بها وعلى قبر زيد قبة وكانوا يأتون إليها من بعيد وهي مشهورة عندهم.
وعندهم أشجار ونخيل يعتقدون فيها ويتبركون بها بل كانت عندهم النّحل الباطلة مثل الصوفية ووحدة الوجود في الرياض والخرج، هكذا كانت حالتهم الدينية والعلماء ساكتون عن هذا الوضع بل إن بعض العلماء يشجعون على هذه الخرافات ويؤيدونها.
فلما رأى - رحمه الله - حال المسلمين تحرك للدعوة إلى الله عز وجل وقام يدعو إلى الله ويدرس التوحيد وينكر هذه الشركيات والخرافات ويقرر منهج السلف الصالح فتكون عنده تلاميذ من الدرعية والعيينة ممن أراد الله له الخير.
ثم إنه اتصل بأمير العيينة وعرض عليه الدعوة فقبل منه الأمير ووعده بالمناصرة في أول الأمر وهدم قبة زيد بن الخطاب حيث طلب من الأمير هدمها لأنه لا يمكن أن يهدمها إلا من له سلطة أما الفرد فلا يستطيع، ذلك فاستجاب له الأمير.

وجاء إلى الشيخ امرأة اعترفت بالزنا وطلبت منه أن يقيم عليها الحد فردها حتى كررت عليه الطلب مثل ما فعلت الغامدية -رضيَ الله عنها- في عهد النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فأقام عليها الحد ورجمها. فلما بلغ أمير الأحساء هدم القبة وأنه رجم المرأة أرسل إلى أمير العيينة وقال: إما أن تطرد هذا المطوع وإلا قطعت عنك المساعدة التي أرسلها إليك.

فجاء الأمير إلى الشيخ وعرض عليه الأمر وقال أنا لا أقدر أن أقاوم هؤلاء فهدأه الشيخ ووعده بالخير وأن يتوكل على الله وأن الرزق بيد الله وأن هذه عقيدة التوحيد من قام بها فإن الله يعينه وينصره.

لكن الأمير أصر على خروج الشيخ من بلده فخرج الشيخ من العيينة في وقت القيلولة وذهب إلى الدرعية وكان له فيها تلميذ من خيار التلاميذ يقال له ابن سويلم فذهب الشيخ من العيينة إلى الدرعية ليس معه إلا المروحة اليدوية يهوي بها على وجهه وهو يمشي ويقول: ((ومن يتق الله يجعل له مخرجا - ويرزقه من حيث لا يحتسب)) [الطلاق: 2 - 3] يردد هذه الآية وهو يمشي فلما وصل إلى تلميذه في الدرعية أصاب التلميذ خوف وقلق من مجيء الشيخ لأنه يخشى على نفسه وعلى الشيخ من أهل البلد لأنهم متحاذرون من هذا الشيخ، فهدأه الشيخ وقال: لا يخطر في بالك شيء أبداً توكل على الله -جلَّ وعلا- فهو ينصر من نصره.

¥

نام کتاب : ملتقى أهل اللغة نویسنده : مجموعة من المؤلفين    جلد : 10  صفحه : 1367
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست